أعرب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الاثنين بالكويت، لدى استقباله من طرف...
أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أمس الاثنين، الشروع في معالجة انشغالات طلبة العلوم الطبية، من بينها رفع مبلغ المنحة الدراسية ومراجعة...
شهدت العيادة الطبية المتخصصة في جراحة قلب الأطفال ببوسماعيل أمس الاثنين إجراء عمليات جراحية على حالات معقدة، أشرف عليها طاقم طبي إيطالي متخصص...
أطلقت شركة سونطراك مسابقة وطنية مفتوحة لتوظيف خريجي الجامعات والمعاهد والمدارس الأكاديمية في المجالات التقنية، بالشراكة مع الوكالة الوطنية للتشغيل. وبحسب ما...
عاش الجزائريون خلال الأيام القليلة الماضية على وقع جرائم قتل مروعة، نفذت بطريقة وحشية تثير القلق داخل المجتمع، مع تسجيل زيادة في عدد هذا النوع من الجرائم، فقبل أيام أقدم زوج على ذبح زوجته الحامل و إخراج جنينها من بطنها و ذبحه، و قبل يومين أقدم شاب في بلدية ساحلية على قتل آخر، لسبب مجهول، و ألقى بجثمانه في البحر، في محاولة لطمس جريمته، و هناك أمثلة أخرى لا تقل وحشية و شناعة لم تتوقف عند إزهاق الروح، بل تعدى ذلك إلى التنكيل بجثة المقتول بسبب خلافات، سواء بين الأزواج أو بين أفراد العائلة و حتى بين الأفراد الغرباء . و أرجع أخصائيون نفسانيون السبب إلى تجذر عامل العنف عند الجزائريين و قد فجره عامل الحجر المنزلي و الأزمة الوبائية ، و يرى علماء الاجتماع أن الدافع لتفشي الظاهرة، يعود بالأساس إلى فشل مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تقويم سلوكيات الأفراد ، بينما يدعو حقوقيون و رجال دين إلى ضرورة الردع و تطبيق القوانين بصرامة في حق مرتكبي جرائم القتل، من خلال تطبيق القصاص و تنفيذ حكم الإعدام.
هيبة عزيون
* الأخصائي النفساني أحسن بوبازين
الجرائمُ البشعة موجودة من قبل لكن وسائلَ التواصل ساعدت على نشر أخبارها
أرجع الأخصائي النفساني أحسن بوبازين ، تزايد حوادث القتل مؤخرا إلى فترة الحجر المنزلي التي أثرت بشكل كبير على نفسيات الأفراد و أظهرت الاضطرابات و الاكتئاب و الصدمات النفسية بنسبة معتبرة، و رغم أن الحجر المنزلي ليس السبب الرئيسي لتنامي ظاهرة القتل و بصور بشعة، لكن التوتر الذي عاشه الناس خلال فترة الجائحة، بدأت نتائجه تظهر مؤخرا ، و قد يكون أحد أسباب هذه الجرائم، و يحتاج إلى دراسة عن قرب لمعرفة الأسباب الحقيقية .
و في حديثه للنصر قال بوبازين ، أن قضية جرائم القتل و بشاعة ارتكابها موجودة منذ سنوات داخل المجتمع الجزائري، لكن وسائل الاتصال ساهمت في انتشار أخبارها في وقت قصير و على مدى بعيد ، و هو ما يجعلنا نتصور أنها تفاقمت ، لكن المتفق عليه أن الكثير من حالات القتل سجلت خلال الأيام الماضية، داخل العائلات.
و هذا راجع ربما إلى تنامي الاعتداءات المنزلية و الخصومات خلال الحجر المنزلي، نتيجة بقاء كل أفراد العائلة في المنزل لفترة طويلة، ما أدى إلى ظهور الاعتداءات. أما بخصوص بشاعة ارتكاب هذه الجرائم، فيؤكد الأخصائي النفساني، أنها ليست جديدة فقد عاش المجتمع الجزائري على وقع جرائم وحشية خلال العشرية السوداء .
وعن طريقة القتل، أشار إلى أن القاتل يصيب عادة ضحيته بعدة طعنات و كأنه يكرر مشهد القتل أكثر من مرة، بقدر عدد الطعنات الموجهة للضحية، و هذا نتيجة ترسبات و صدمات الأحداث العنيفة التي عاشها الفرد الجزائري على مدار سنوات و عقود ، و هي عوامل متوارثة من الأجداد إلى الآباء و الأبناء، ما خلف تجذر العنف و بروز صور و مشاهد قتل شنيعة في تاريخ المجتمع الجزائري، و تحديدا خلال فترة العشرية السوداء، ناهيك عن عوامل أخرى كظاهرة الإدمان على المخدرات التي زادت في تفاقم الوضع.
* الدكتور و المحامي محمد زعبال
تعطيلُ تنفيذِ حكم الإعدام ساهمَ في تزايد الجرائم ووحشيتها
اعتبر الدكتور محمد زعبال، أستاذ محاضر بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة و محام معتمد لدى المحكمة العليا و مجلس الدولة، أن من المظاهر و الأفعال المشينة التي انتشرت بقوة مؤخرا في المجتمع الجزائري، ظواهر القتل العمد و أحيانا بصورة وحشية ، تجعل من الضروري الاهتمام بهذه الظاهرة، لما لها من نتائج خطيرة ووخيمة على حياة الفرد و المجتمع ككل و هو الأمر الذي يستوجب إيجاد حلول قانونية لهذه الظاهرة من الجانب القانوني ، دون إهمال الجوانب الأخرى التي هي من صميم المختصين كالبواعث الاجتماعية و النفسية لهذه الظاهرة ، و لئن كان المشرع الجزائري قد أقر عقوبة قاسية تناسب هذا الفعل الشنيع من خلال اعتماد عقوبة الإعدام في مواجهتها، كما هو موضح بموجب المواد 254 إلى 263 من قانون العقوبات الجزائري ، إلا أن هذه الظاهرة في تزايد بشكل مقلق مما يستوجب التصدي لها بحزم ، و إذا كانت جهات القضاء الجنائي الجزائري لا تزال تصدر أحكاما بالإعدام في مواجهة مرتكبي جرائم القتل العمد ، فإن تنفيذ هذه الأحكام التي هي غاية وجود القاعدة القانونية في المادة الجنائية ، لا يزال معطلا منذ سنة 1995 و هو ما يستدعي تدخل القرار السياسي لإعادة تفعيل تنفيذ هذه العقوبة لردع مرتكبي هذا النوع من الجرائم .
و أضاف زعبال في حديثه للنصر أن التذرع باعتبارات حقوق الإنسان على المستوى الدولي و لاسيما الحركات المناهضة للإعدام ، لا يعد سببا لوقف تطبيق هذه العقوبة، ذلك أن العديد من الدول تقوم بتنفيذ هذه العقوبة و حتى في تلك الدول المتقدمة، و لعل أبرز مثال على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد قاطرة الحريات الفردية و الجماعية في مجال حقوق الإنسان، و التي تتولى بعض الولايات فيها تنفيذ أحكام الإعدام في مجال جرائم القتل العمد . و من الثابت قانونا أن وجود المجتمعات و استمرارها، لاسيما الدول مرتبط بتدخل القانون بالإقرار بشرعية بعض الحقوق و توفير الحماية لها بمختلف صيغها و تجريم أفعال أخرى تمس بهده الحقوق ، نظرا لما لهذا المساس باستقرار العلاقات داخل المجتمع و الحفاظ على كيان الدولة.
* عبد الله دراع أستاذ علم الاجتماع
غرابةُ و تزايد جرائمَ القتل يستدعي الدراسة
لخص أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة «3» عبد الله دراع خلال حديثه للنصر، أهم الأسباب الاجتماعية التي تقف وراء الانتشار الرهيب لجرائم القتل البشعة والغريبة عن قيم وثقافة وتقاليد مجتمعنا الجزائري، وبخاصة في هذا العقد الأخير فيما يلي
«أولا استقالة الأسرة عن أداء مهمتها الأساسية وهي تربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السوية، فغياب الرقابة الأبوية على تصرفات الأطفال، والتخلي عن المتابعة اللصيقة والمحاسبة الشديدة لسلوكات الأبناء، وحتى شبكة علاقاتهم الاجتماعية، و أقصد هنا عدم التدقيق في نوعية الأصدقاء والرفاق الذين يختارهم أبناؤهم، عامل مهم من العوامل التي أنتجت جيلا من الشباب لا يحتكم لأي قوة ضابطة، ولا يخشى أي نوع من أنواع الردع والعقاب، ولذلك تمادى الكثير من الشباب في سلوكاتهم المنحرفة، لحد أن وصل بهم الأمر إلى ارتكاب جرائم قتل، دون مبررات منطقية، وبطرق فيها من الغرابة والشناعة ما يثير فعلا القلق على مستقبل المجتمع و ليس على هؤلاء الشبان فقط.
ثانيا انهيار المنظومة القيمية لكثير من فئات المجتمع، وعلى رأس هذه الفئات الشباب، بمعنى أن لا الدين ولا العادات ولا الأعراف ولا التقاليد أصبحت تمثل شيئا ذا قيمة عند الكثير من شبابنا، وهذا يولّد نوعا من الإحساس بالغربة عن المجتمع، ما يدفع بأصحاب هذا الشعور إلى سلوكات وأفعال لا تمت بأدنى صلة لمجتمعهم، ما يفسر ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة وبالطرق الشنيعة التي نقرأ عنها يوميا تقريبا في جرائدنا ووسائل إعلامنا، إنه التنفيس عن توتر بالغ وقلق زائد ووحشة اجتماعية يصبح الشاب يعبّر عنها بمثل هذه السلوكات المنحرفة التي لا يقبلها عقل ولا دين.
ثالثا تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات والمسكرات وكل أسباب تخدير العقل وإزالة الوعي و الإدراك، و تزايد المدمنين عليها ما أدى إلى ارتمائهم في أحضان أغرب و أشنع وأبشع الجرائم و هي القتل».
* الدكتور كمال لدرع عميد كلية الشريعة و الاقتصاد بقسنطينة
نصوصُ الشريعة الإسلامية واضحة وصارمةٌ في محاربة جريمة القتل
أكد عميد كلية الشريعة و الاقتصاد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة الدكتور كمال لدرع ، أن منحنى جرائم القتل أخذ في التزايد و التفاقم خلال السنوات الأخيرة ، إضافة إلى فترة الحجر المنزلي وما بعده، حيث سجلت خلالها عدة جرائم بطرق غريبة ، و هذا دليل، حسبه، على ضعف الوازع الديني، و التفكك الأخلاقي، كما أن القوانين ليست صارمة بالشكل الكافي في متابعة المجرمين و تشديد العقوبة عليهم.
وفي حديثه للنصر قال الدكتور لدرع أنه «لا مسوغ لارتكاب جريمة القتل ، و من المنظور الديني الإنسان له منزلة كبيرة عند الله تعالى، فهو الذي خلقه وصوره ونفخ فيه من روحه، وكرّمه وفضله على كثير من مخلوقاته، قال عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء:70 ، و بالتالي فإن الإسلام يعتبر القتل أو إزهاق روح إنسان بريء من أخطر الجرائم وأعظمها في الوجود، إذ هو تعد على حق عظيم من حقوق الإنسان وهو حق الحياة. لذلك نجد القتل محرما في كل الشرائع السماوية والوضعية، وقد اتفقت البشرية كلُّها على قبحه ومنعه ومعاقبة مرتكبه ، وقد كانت الشريعة الإسلامية صارمة في معالجة ظاهرة القتل في المجتمع، فجاءت نصوص الشرع واضحة في تحريم القتل والوعيد الشديد لمن يقترفه، قال تعالى: (ومن يَقْتُلْ مؤمناً متعمِّداً فجزاؤهُ جهنَّمُ خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولعنَهُ وأعدَّ له عذاباً عظيماً) النساء:93، وقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام:151.
ونظرا لعظم حرمة النفس البشرية فإن القرآن الكريم يعتبر أن قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعا، أي يعتبره معتدياً على الإنسانية كلِّها، قال تعالى: (منْ قتَلَ نفْساً بغيْر نفْسٍ أو فَسَادٍ في الأرضِ فكأنّما قتلَ النَّاسَ جميعاً، ومَنْ أحْياها فكأنّما أحيا الناسَ جميعاً) المائدة:32، وكان من آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للإنسانية كلها: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرْمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا).
بل إن حرمة النفس أعظم قدرا من الدنيا كلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قتْل مؤمنٍ بغير حق)، كما أن كل مظاهر القتل فهي محرمة، فحرم القرآن قتل الأولاد خشية الفقر، فقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) الأنعام:151، وحرّم على الإنسان قتل نفسه، ولو بدعوى كراهية الحياة و أقر ّعقوبة شديدة في حقِّ من يعتدي على هذه الحياة، وهي العذاب الشديد والطرد من رحمة الله في الآخرة، وأوجب عقوبة القصاص في الدنيا، فقال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:179».