اتخذت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية إجراءات استباقية لضمان تموين السوق بالمنتجات الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع خلال شهر رمضان القادم، من خلال ضبط...
أكّد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس السبت بمقر الوزارة، خلال استقباله الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى والوفد المرافق له، أن...
أكد خبراء ومحللون، أمس، أن رئاسة الجزائر لمجلس الأمن الدولي، خلال شهر جانفي، كللت بتبني قرارات هامة و نجاحات وإنجازات ملموسة للدبلوماسية الجزائرية، المتميزة بمهارة...
* تعليمات لمواصلة الاستماع للمنظمات النقابية وتلقي اقتراحاتها وملاحظاتها lلجنة لدراسة الاختلالات في القوانين الأساسية لقطاع الصحة* الوزير حاجي: الحوار...
تُعتبر قرية عزرا، الفائزة بلقب أنظف قرية خلال الطبعة الثامنة لمسابقة رابح عيسات، التي ينظمها المجلس الشعبي الولائي لتيزي وزو سنويا، جوهرة فنية و متحفا في الهواء الطلق، تسود أزقته النظافة و الجمال و الهدوء.
تقع هذه القرية الصغيرة، التي تنتمي إلى عرش «تيفرا» الذي يضم بدوره أربع قرى ببلدية تيقزيرت الساحلية، شُيدت في مكان إستراتيجي فوق تل، وكأنها تحرس مدينة تيقزيرت الجميلة التي تبعد عنها بحوالي 07 كيلومترات، و منها يمكن للزائر مشاهدة أجمل المناظر، بما فيها الشواطئ والجبال و الغابات و المواقع الأثرية الرومانية، فهي توفر بانوراما ذات سحر خاص.
هدوء و فن و نظافة
عندما يصل الزائر إلى قرية عزرا التي يقطنها حوالي 1200 نسمة، تصادفه لافتة كبيرة كتب عليها «عزرا ترحب بكم»، علقت فوق مدخل القرية التي يسود فيها الهدوء و الفن والنظافة من مدخلها إلى غاية آخر نقطة فيها، حيث يمكن الاستمتاع بالجداريات التي رسمها طلبة مدرسة الفنون الجميلة لعزازقة، و الأواني الفخارية القديمة الملونة والأزقة المليئة بالزهور.
في هذه القرية، يتم تحويل كل قطعة حجرية و قارورة بلاستيكية و ألواح خشبية ومختلف الأغراض القديمة، إلى عمل فني رائع، فهي متحف في الهواء الطلق ومكان للإبداع، و بفضل تضامن السكان وحملات «ثيويزي» التي ينظمونها دوريا، نجحوا في الجمع بين الحداثة و التقاليد، وتمكنوا من إخراج قريتهم من الظل، لتصبح قبلة للسياح والباحثين عن أماكن بمثابة قطع من الجنة.
عند بلوغ أعلى مرتفع في قرية عزرا، يصل الزائر إلى ساحة كبيرة توفر إطلالة رائعة من الأعلى، على البحر ومدينة تيقزيرت بأكملها، كما يمتد البصر بعيدا نحو دائرة أزفون من الجهة الشرقية، ومنطقة دلس التابعة لولاية بومرداس من الجهة الغربية، و تم تخصيص مساحة للعب الأطفال في هذه الساحة مزودة بمختلف الألعاب و تزينها الألوان.كما قام السكان بتثبيت مقعد كبير لأخذ قسط من الراحة عند الصعود إلى القرية، عبر الطريق الملتوي الذي يميزه الارتفاع، و إمكانية الاستمتاع بنسيم البحر المنعش.
تطبيق قانون القرية على السكان و الزوار
في عزرا ، يطبق قانون القرية ، بشكل صارم على الجميع ، رجالا و نساء وأطفالا وشيوخا، وحتى على الغرباء عن القرية، حيث تم بأحد أزقتها وضع لافتة كبيرة تذكّر بالقوانين والشروط التي يجب التقيد بها واحترامها بصرامة، من أجل المحافظة على نظافة المحيط وأمن القرية و حسن السلوك، و كذا الحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة و غيرها، حيث يُمنع منعا باتا رمي النفايات والأوساخ في المساحات العمومية، كما يُحذر إتلاف البنى التحتية للقرية، على غرار الطرقات و النافورات والأعمال الثقافية، و أيضا النباتات، و يُمنع أيضا الإخلال بأمن وسلامة القرية و سكانها أو تعاطي المشروبات الكحولية في المساحات العمومية.
الوحدة والأخوة والتضامن بين السكان و الحياة المجتمعية تسود بين القرويين،و لا يتم التسامح مع التجاوزات، مهما كان نوعها، وحتى في حال وجود صراع أو خلاف بين شخصين، فإن لجنة القرية تقوم بمعالجته بشكل ودي، حتى لا يصل إلى أروقة المحاكم، و أكدت للنصر السيدة تسعديت أن التعبئة للمشاركة في مسابقة أنظف قرية، عززت أكثر هذه الروابط التي جعلت السكان عائلة كبيرة.
المستعمر الفرنسي مرّ من هنا ..
قرية عزرا ، كانت المركز المتقدم للجيش الفرنسي أو ما يطلق عليه بالتسمية المحلية «ثقاريط» خلال الحقبة الاستعمارية و يوجد وسط فيلات فخمة بلون موحد، ليشهد على مرور العدو من هذه القرية و كفاح سكانها في سبيل الوطن والحرية.
حسب البطاقة التقنية التي وجدناها بجانب المركز، فإن الجيش الفرنسي أجبر سكان القرية على بنائه سنة 1958، لضمان نقطة مراقبة إستراتيجية يسيطر بها على جميع القرى المجاورة لمنطقة عزرا وعرش تيفرا.
عند الوصول إلى حي «إحدادن» ، يمكن الحصول على مياه عذبة من منبع «ثالة ثقذيمث» بمعنى «المنبع القديم»، وهو أقدم مصدر مشترك لمياه الشرب في القرية، يقع في آخر نقطة من هذا الحي، تم استغلاله من قبل القرويين الأوائل لعدة قرون، و تتجمع النساء هناك للحصول على مياه الشرب، ولكن أيضا لغسل الملابس داخل حوض كبير، تتدفق المياه به بغزارة.
النساء يشاركن في العمل التطوّعي
وتم بجانب هذا المنبع الذي تم إعادة ترميمه وتهيئته، إنجاز بئر يعمل بمضخة يدوية لتجنب نقص المياه بالقرية، لا سيما في فصل الصيف، فحتى سكان القرى المجاورة والغرباء وعابري السبيل يتزودون منه بالماء.
قال «دا محند» للنصر، وهو أحد سكان القرية إن تهيئة القرية و تنظيفها مهمة الجميع، بمن فيهم النساء اللائي قررن تشكيل مجموعة و المشاركة في العمل التطوعي، بالتعاون مع الرجال، مشيرا إلى أن الوجبات الغذائية التي يقمن بإعدادها للمتطوعين، عزّزت لم الشمل والاتحاد بين السكان، ومن بين مهام النساء أيضا غرس الورود و انجاز بعض التحف اليدوية لزيين أزقة القرية وغيرها من المهام الأخرى التي كنّ يقمن بها، جنبا إلى جنب مع الرجال .
أضاف المتحدث أن مهمة تنظيف القرية، انطلقت منذ عدة سنوات، إلا أن الجهود تضاعفت أكثر منذ سنة 2018 ، عند انتخاب لجنة القرية، مشيرا إلى أن وباء كورونا والحجر الصحي المنزلي، جعل السكان يلتزمون بجميع التدابير الاحترازية لمنع تفشي الفيروس في القرية، و اتخذت الأمور بعدا آخر، حيث كانت تنظم حملات تطوعية كل نهاية أسبوع بعد مناقشة الوضعية بدقة، و أوضح في ذات السياق «تطوّع السكان ، وانقسموا إلى عدة فرق، كل فرقة تولت مهمة أو مشروع والعمل على إتمام إنجازه في الوقت المناسب».
تتويج مستحق
و أشار المتحدث، إلى أن السكان لم تكن لديهم إمكانيات كبيرة أو وسائل لتنظيف و تهيئة القرية ، لكن لم يكن الأمر مستحيلا بالإرادة والعزيمة والصبر ، فتم تجنيد الجميع بمن فيهم الأطفال الصغار، والجالية المقيمة في الخارج، سيما في أمريكا وكندا وفرنسا ومختلف بلدان أوروبا، من أجل جمع التبرعات المالية، بالإضافة إلى المساهمات التقليدية للسكان ومساهمة صاحب ملبنة «تيفرا لي» محمد مجقان ، بماله ومعداته من أجل قريته، ما مكّنهم من تمويل المشاريع وتجاوز الصعوبات والعراقيل، من أجل التتويج والفوز بلقب أنظف قرية في عاصمة جرجرة والحصول على المرتبة الأولى في الطبعة الثامنة لمسابقة رابح عيسات التي أعلن عنها يوم 12 أفريل 2021 ، بعدما حصلت القرية على المرتبة العاشرة في طبعة 2019.
قام السكان ، بتهيئة الأزقة الداخلية للقرية، وطلاء الواجهات وإنشاء فضاء للعب الأطفال و تعليق الأضواء في كل الأزقة، وتخصيص موقع لفرز النفايات ووضع صناديق مختلفة الألوان خاصة برمي القمامة في عدة مواقع من القرية.
كما قاموا بغرس الشجيرات على جانبي الطريق المؤدي إليها، و تهيئة المنابع لتصبح عصرية، مع المحافظة على خصوصياتها التقليدية، و شاركوا في تهيئة مقر مجلس القرية «ثاجماعث» الذي زودوه بمكتبة للمطالعة ، سيتم ربطها بالإنترنت في المستقبل.و خصصوا بيتا تقليديا لاحتضان متحف القرية و زودوه بأغراض تقليدية، على غرار الزرابي والألبسة التقليدية وأدوات الفلاحة و الزراعة والحياكة وغيرها، لجذب الزوار .
مشاريع في انتظار التجسيد
من جهة أخرى ، ذكر دا محند، العديد من النقائص التي تعاني منها القرية لتداركها ضمن المشاريع التي يفكر السكان في تجسيدها في المستقبل القريب و تعتبر ضرورية، وذلك بالاعتماد على الجائزة المالية التي حصلت عليها خلال تتويجها في المسابقة الأخيرة، بالإضافة إلى مساهمات
و تبرعات السكان.
من بين المشاريع أشار المتحدث إلى تهيئة الملعب ليسمح لشباب المنطقة ممارسة هوايتهم المفضلة كرة القدم في أحسن الظروف، كما يأمل السكان إنجاز قاعة رياضة وتهيئة المسارات التي تؤدي إلى الجبال والغابات المحيطة بالقرية، من أجل السماح لعشاق رياضة «الروندوني» بالتجول في المرتفعات وجذب الباحثين عن الهدوء والسكينة والهواء النقي، لقضاء لحظات من المتعة والاستجمام في هذا الموقع الذي يضم مناظر رائعة تطل على البحر، مع ترميم السكنات القديمة غير المأهولة وتأثيثها، لتكون بمثابة مأوى لضيوف تيقزيرت الذين يقصدون الشواطئ في فصل الصيف.
من بين المشاريع التي تكتسي أولوية بالنسبة لسكان عزرا، بناء برج لجمع الموارد المائية التي تزخر بها مرتفعات هذه القرية، وربط جميع السكنات بهذا المورد الحيوي، مع تهيئة الفضاءات العمومية ببعض الأماكن بالقرية.
سامية إخليف