• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
يعتقد كثيرون أن بئر العاتر مدينة القصور والثراء الفاحش وأن أهلها يعيشون على عائدات نشاط التهريب بعيدا عن هموم باقي سكان ولاية تبسة، لكن من يقترب من حقيقة هذه البلدة الحدودية يكتشف منطقة تصارع لمقاومة العطش و قساوة الطبيعة السهبية ،ويقف على حقيقة ان المناجم التي تقع في محيطها لم تغير الكثير في حياة شبابها الذين يشتكون من البطالة وحياتهم خالية من مظاهر الربح السهل الذي يجنيه بارونات التهريب وتحول إلى صفة لصيقة بسكان يعيشون حياة بسيطة ومطالبهم لا تخرج عن التهيئة والماء والكهرباء.
روبورتاج : الجموعي ساكر
ارتبط اسم بئر العاتر بأقدم حضارة إنسانية في العالم، فقد حمل اسمها إحدى أعرق الحضارات ونعني بها – الحضارة العاترية – التي سادت الشمال الإفريقي إلى غاية الدول الواقعة جنوب الصحراء في الفترة الممتدة بين 35 ألف و25 ألف سنة قبل الميلاد، أين نشأ الإنسان العاتري وتمكن من تطوير وتطويع الحجارة لصالحه، فاستخدمها في البناء وصناعة الأدوات المساعدة على عيشه، ودلت الرسوم الملونة على جدران بعض الكهوف على أن إنسان هذه المنطقة كان متطورا وسابقا لعصره، كما وطأ تربتها أقدام الشرفاء والكرام من التابعين في حقبة الفتوحات الإسلامية، وتذكر المصادر المختلفة أن الملكة الأمازيغية الكاهنة كانت قد سكبت كميات كبيرة من العطور في بئر تسمى بإسمها للحيلولة دون إستعمال مياهه من طرف الفاتحين في حربها معهم، وبعد وصولهم إلى البئر المعنية وجدوا ماءه قد صار معطرا فأطلق على المنطقة – بئر العاطر- ومع الزمن تحول إلى بئر العاتر، بينما تخالف رواية ثانية مبررات التسمية الأولى وتؤكد أن اسم بئر العاتر أطلق على بئر قصير أي – أعتر و عاتر بالعامية المحلية.
وبين عراقة جذورها تصدح كتب التاريخ الحديث بشهامة وبسالة سكانها في الفترة الاستدمارية، والكل يتذكر المعارك البطولية كأم الكماكم والرمادة وفوة وقارة الطين و الزريقة، وهي المواجهات التي خاضها المجاهدون أمثال جلايلية محمد وعباس لخضر وفارس عبد الله والطيب محمد القرواشي.
منطقة منجمية وبترولية سكانها يعانون البطالة
وبعد الاستقلال استحدثت بلديتان ببئر العاتر تماشيا مع الطبيعة الديموغرافية لسكانه، غير أن تسيير البلدية برأسين انتهى أواسط ثمانينيات القرن الماضي بإنشاء بلدية موحدة وجامعة قارب سكانها اليوم أكثر من 87 ألف ساكن يعيشون على مساحة 1522 كلم مربع حسب إحصاء نهاية عام 2014، ويبعد مقر بلدية بئر العاتر 89 كلم إلى الجنوب من عاصمة الولاية تبسة، وتمتاز بمناخها الجاف وامتداد تلالها ورمالها و سهوبها وإمكانياتها المنجمية والبترولية، وتعتبر الممون الوحيد لمادة الفوسفات بالجزائر، وتعد عاصمة البلديات الجنوبية بامتياز يعول سكانها على ترقيتها إلى مصاف الولايات المنتدبة لتحقيق التنمية والإقلاع المنشود، وتجاوز المشاكل المطروحة حاليا وأولها مشكلة وفرة المياه وحماية المدينة من الفيضانات وتهيئة الأحياء والتشغيل وغيرها من الملفات.
ويرفض المواطن العاتري إلصاق صفة التهريب والثراء الفاحش ببلديته ويرى ربطها في المخيال الشعبي ببعض هذه التوصيفات تجن على الحقيقة، على اعتبار أن ممارسي هذا النشاط محدود ولا يشمل غالبية السكان الذين يعاني قطاع مهم منهم من البطالة بالرغم من الامكانيات الهائلة لهذه البلدية.
ولا ينظر المواطن ببئر العاتر بعين الرضا لنسبة البطالة بالنظر للنعمة المنجمية والبترولية التي حبا الله بها هذه البلدية، وكثيرا ما خرج للشارع طالبا من المعنيين مضاعفة حصة التشغيل بالقدر الكافي في هذه البلدية التي بها أكبر منجم للفوسفات في الجزائر واحتياطي من النفط، إذ أن منجم جبل العنق يشغل لوحده 1360 عاملا وينتج ما يقارب 1.5 مليون طن سنويا يوجه أغلبه للتصدير، كما تستغل شركة – صوميفوص- المختصة في إنتاج الفوسقات 4 مرامل من الاحتياطي الكبير بهذه المادة، وفي الوقت الذي تم فيه تنصيب 722 شخصا من طرف وكالة التشغيل المحلية، وكان والي الولاية قد دعا مسؤولي الوكالة إلى التدقيق في التنصيبات وإلى تشجيع الاستثمار وخاصة في قطاع الفلاحة.
لصوص المياه يسببون العطش
ضيع المعتدون على الشبكة ثلثي المياه الموجهة لمدينة بئر العاتر، وقد فرضت تلك الحالة نقصا في هذه المادة الحيوية وتذبذبا في التوزيع، الأمر الذي اضطر بعضهم للاحتجاج في أكثر من مناسبة و الاستعانة في الوقت نفسه بمياه الصهاريج لتلبية احتياجاتهم، كما يأمل المواطن بهذه البلدية تجاوز هذا الإشكال وتدارك النقائص وإصلاح أماكن التسربات والأضرار التي لحقت بالشبكة بسبب الشبكات القاعدية الأخرى والتوصيلات اللاشرعية، وفي رده على هذه الانشغالات ذكر مدير الري والموارد المائية أن مصادر إنتاج المياه بهذه البلدية تبقى قليلة وتعتمد على المياه الجوفية القادمة من منطقتي الذكارة 43 كلم عن مقر البلدية، أو تلك المعبأة من منطقة عقلة أحمد 27 كلم عن بئر العاتر، إذ أن الـ 9 آبار الممونة من المنطقتين تعمل على توفير 10300 متر مكعب غير أن ما يصل حنفيات المواطنين لا يتعدى 3600 متر مكعب وذلك راجع الى التعدي على الشبكة وكثرة التوصيلات غير الشرعية داخل المدينة وأخرى ببعض المناطق الريفية، وفي هذه النقطة دعا والي الولاية إلى تكثيف الرقابة ومتابعة المعتدين على الشبكة وتقديمهم للعدالة، مع تقديم الدعم لمن يريد حفر الآبار لاستغلالها في الفلاحة، وفي سياق متصل أشار مدير الجزائرية للمياه إلى أنه تم تحويل 47 ملفا على العدالة لاستهدافهم الشبكة خلال السنة الجارية وتم تنظيم حملات مراقبة وردع ولكنها لم تدم طويلا.
ومن المرتقب تدعيم القطاع بمحطة ضخ للمياه بحي الجمار، كما ينتظر مع بداية الشهر الجاري دخول شبكة التوزيع الجديدة مرحلة التجريب والخدمة، يضاف إليهما مشروع التوسيع بشبكة المياه الصالحة للشرب بالحي الجديد. وفي سياق متصل يأمل المواطن العاتري الانتهاء من إنجاز شبكة المياه الصالحة للشرب وتجريبها لفسح المجال لتهيئة الطريق الرئيس للمدخل الغربي للمدينة على مسافة 2.7 كلم، وكذا الطريق الرئيس بالحي الجديد والحي العتيق،وتطالب البلدية من جهتها بتدعيمها بآبار عميقة جديدة وتجهيزها وتدعيمها بحصص من منابع المياه المتواجدة ببلديتي ثليجان و نقرين، كما يقترح رئيس البلدية السماح لمواطني المناطق الغربية كالسارق و صبرة الرملية باستغلال المياه الموجهة للمنجم بصورة تقنية وقانونية، والعمل على تجديد شبكة التطهير بالأحياء القديمة على غرار حي المطار والحي الجديد وحي المجاهدين.
الوادي الكبير شبح المناطق السفلى
تظل الفيضانات التي يسببها الوادي الكبير الذي يشطر المدينة إلى نصفين ويمتد مصبه النهائي بالمناطق التونسية المحاذية للبلدية، بمثابة الشبح الأسود لساكني المناطق السفلية، بحيث تتعاظم مخاوف السكان كلما تساقطت الأمطار وتحركت السيول التي تحرك معها الطمي والوحل وتصل إلى حد إتلاف أثاث وتجهيزات المواطنين، ورغم ما ابتلعه الوادي من أموال في إطار مشروع حماية المدينة من الفيضانات إلا أن دوره يبقى دون تطلعات المواطنين، ومن جهته مدير الري يحمل جزء من المسؤولية للمواطن وللرمي العشوائي للنفايات المنزلية وبقايا البناء التي بحسبه قد قطعت الطريق على مياه الوادي وأرغمتها إلى تغيير اتجاهها، ويقترح رئيس المجلس الشعبي البلدي خلق ممرات لعبور الآليات والشاحنات لتنظيف الوادي الكبير العابر وسهولة التدخل أثناء الفيضانات لحماية المواطنين وممتلكاتهم في مثل هذه الظروف.
يضم القطاع الصحي ببئر العاتر بين ثناياه عدة هياكل بينها المؤسسة الاستشفائية التيجاني هدام ،بحيث يعد صرحا صحيا مهما بالمدينة ووجهة وحيدة لسكان جنوب الولاية، غير أن هذا الهيكل يحتاج لتدعيمات في مجال الأطباء المختصين في اختصاصات التخدير و الإنعاش وطب الأطفال لتسهيل مهمة الأطباء الجراحين وتمكينهم من إجراء العمليات الجراحية بهذا المستشفى حسب رئيس البلدية، كما طرح السكان حاجة هذا المرفق الصحي لجهاز سكانير يخفف عن المواطنين عناء التنقل لتبسة، ويقترح المير تعويض قاعة العلاج المتواجدة بالحي الجديد لتواجدها في محور سكني يصعب المرور إليه.
المدير الولائي للصحة والسكان أوضح بأن مستشفى التيجاني هدام استفاد من مشروع لإعادة الاعتبار له وتجهيزه، كما سيعاد الاعتبار لعدة مجمعات صحية بالبلدية، ومن المنتظر بناء عيادة متعددة الخدمات وستنطلق العملية بداية من شهر سبتمبر 2015، وتعهد والي تبسة لدى زيارته لهذه البلدية وطرح مشكلة انعدام جهاز سكانير بإقتناء هذا الجهاز من ميزانية الولاية.
أحياء غارقة في الأوحال والبرك
لم يستسغ سكان بئر العاتر الحالة التي يعيشونها مع غبار الشوارع والرمال المتصاعدة في سماء بلديتهم، ويطالبون الجهات المعنية بالتدخل وتهيئة أحيائهم التي تتحول إلى برك وأوحال في الشتاء، وإلى غبار وأتربة في الصيف، ويعولون على تعميم الإنارة العمومية بعدما توسعت المدينة ونبتت بها أحياء جديدة، ووجدت السلطات مشاكل كبيرة في النزوح نحو المنطقة الحضرية التي تضاعف عدد سكانها وفاق 80 ألف ساكن حسب الإحصائيات الرسمية، مثلما تضاعفت متطلباتهم المعيشية المختلفة، ويعول المواطنون على مشاريع التهيئة الحضرية لتحسين محيطهم وتغيير المنظر العام للأحياء التي لم تعبد وتهيئ منذ عقود، فيما يؤكد مدير التعمير أن مصالحه قد قامت كمرحلة أولى بإحصاء شامل لمختلف أحياء المدينة، بحيث انتهت الدراسة بـ 10 أحياء من أصل 12 حيا، كما وزعت العديد من التحصيصات الاجتماعية، ومن المرتقب الانطلاق في التهيئة الحضرية لحي الأمل على مساحة 73 هكتارا الذي رصد له غلاف مالي يصل إلى 700 مليون دينار بداية من الأسبوع المقبل، مطمئنا السكان ببرمجة أحيائهم للتهيئة في حال توفر الموارد المالية مستقبلا، وتعول السلطات على مختلف العمليات المتبقية لإنجاز مشاريع أخرى وفي قطاعات متعددة بالنظر إلى أن البرامج الجاري إنجازها في إطار الاستثمارات العمومية لم ينجز منها بهذه الدائرة سوى 55 بالمائة من مجموع 189 عملية.
وكان والي الولاية علي بوقرة قد أكد لدى زيارته لبئر العاتر على استحداث 9 لجان أو خلايا تعهد لها مهمة متابعة مختلف المشاريع للإسراع بتنفيذها والعمل على تذليل العقبات التي تحول دون تجسيدها، في الوقت الذي أشاد بالجهود التي تبذل في مجال السكن الذي تدعم بأكثر من 1400 مسكن في مختلف الصيغ و3500 قطعة أرضية، بحيث انجزت عدة مشاريع وذلك بأياد جزائرية وأخرى صينية.
أما مديرية الطاقة فأكدت أنها دعمت البلدية بعدة مراكز جديدة في إطار تحسين الخدمة، أومن المنتظر ربط المجمعين السكنيين الريفيين بالكهرباء الريفية في إطار البرنامج الخماسي بعد اختيار المقاولة التي ستعهد لها مهمة الإنجاز، في الوقت الذي تم فيه إحصاء جميع المناطق الريفية التي بحاجة للطاقة، وعلى مستوى المدينة سيتم ربط عشرات المنازل بـ 6 أحياء بشبكتي الكهرباء والغاز، أما في المجال الفلاحي يبقى الشغل الشاغل بالنسبة للفلاحين هو توفير مياه الشرب والسقي بمنطقة سارق الرق والرملية وصبرة وعقلة الشحم وسكياس وحساي الكرمة وغيرها، كما يأمل الفلاحون المتنقلون تحريرهم من بعض الاجراءات الادارية لإعطاء ديناميكية للقطاع الفلاحي الذي يعد واعدا بالبلدية، بالنظر لتوفرها على أراض منبسطة وخصبة ومساحات كبرى للرعي، غير أن مخاطر العوامل المناخية من انجراف وتصحر وسيول وتآكل للوديان وتراجع زراعة الحبوب تبقى من أكبر العوائق التي تواجه هذا القطاع، وهو الأمر الذي يدفع بالجهات المعنية إلى التفكير في خلق مشاريع للحد من تلك المخاطر وتهيئة السهوب والحفاظ على التغطية النباتية، وفي الوقت ذاته توسيع تجربة غراسة الزيتون وإنجاز أحواض مائية.
ونشير في الختام إلى أن العاتر معروفة بشعرائها في الملحون والفصيح وبالفروسية وبها عدة مناطق مصنفة وطنيا ضمن التراث الوطني، ولازالت هذه الجهة لم تكشف عن كنوزها التاريخية على غرار هنشير سيدي ناصر بالزريقة والهماجة ومنطقة الزويرة بالقرب من العزيزية، أما في المجال الرياضي فقد تدعم القطاع بملعب كرة قدم يتسع لـ 1000 متفرج وهو ما سيسمح للفرق الرياضية الخمسة بالتدرب، كما يرتقب الشروع في الدراسة الأولية لمسبح نصف أولمبي لفائدة هذا النوع من الرياضة.