أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
توسع حي حريشة بقسنطينة يُربك السلطات المحلية
شكّل التوسع العمراني السريع و الترحيلات التي عرفها حي «حريشة» ببلدية عين اسمارة بقسنطينة منذ سنوات التسعينات، نقطة انطلاق لتشييد أكبر تجمع سكاني بالبلدية، نظرا للنمو الديموغرافي السريع الذي شهده، خاصة أن الحي يضم نصف العدد الإجمالي لسكان عين سمارة، و هو ما رشّحه لكسب الأولوية في مشاريع الخدمات و المرافق العمومية مقارنة بباقي الأحياء، و وضع السلطات المحلية على المحك في ما يتعلق بالتعامل مع متطلبات حي يزداد حجما يوما بعد يوم، خاصة من ناحية توفير الأمن للمواطنين، في ظل محدودية إمكانيات البلدية و عدم قدرة المصالح المعنية على مواكبة التوسع و مطالب السكان، ما فتح المجال لطرح العديد من النقائص و الانشغالات.
و يعتقد الكثير من مواطني قسنطينة و حتى بعض سكان المنطقة أن «حريشة» هو الاسم الأصلي للحي، بما يُفسّر تعامل أغلبهم و حتى أصحاب النقل الحضري و سائقي سيارات الأجرة بهذه التسمية الشائعة، مثلما لاحظناه خلال حديثنا مع بعض السكان لدى تجولنا في الأزقة، إلا أن الاسم الأصلي الذي يُعرف به الحي رسميا هو «حويشة عمار» نسبة إلى مجاهد معروف بالمنطقة، لكن يبدو أنه من الصعب تغيير تسمية «حريشة» في ذهنيات السكان، بعد أن تمسّكوا باستعمالها طيلة السنوات الماضية، فيما لا يعرف الكثيرون التسمية الأصلية، حسبما أكده لنا السكان، خصوصا أن «حريشة عمار» مدون على اللافتة التوجيهية بمدخل المنطقة.
و من خلال تجولنا في الحي أدركنا مدى شساعة مساحته العمرانية و تنوع طابع البناء بهذا الجزء الواقع في الجهة الغربية للبلدية، حيث تضم المنطقة العديد من الأحياء السكنية و من مختلف الأنماط، كما توجد العديد من التحصيصات السكنية التي بدأت في التوسع منذ أواخر سنوات التسعينات، ما أدى إلى ارتفاع الكثافة السكانية بشكل كبير لتصل إلى 20 ألف نسمة، بما يعادل تقريبا نصف سكان عين اسمارة المقدر بحوالي 43 ألف نسمة، و تتركز جل التحصيصات في الجهة الشرقية للحي و من بينها «جيريك»، «تازير» و «غيموز»، فيما توجد العمارات على طول الجهة الغربية التي تضم عدة أحياء بها سكنات ذات طابع اجتماعي بلغ عددها أكثر من 1260 وحدة.
و يُضاف لذلك العديد من السكنات الأخرى من صيغة التساهمي و التابعة للصندوق الوطني للتوفير و الاحتياط، كما توجد العديد من الوحدات السكنية التطورية بحي الوئام المدني و بونفيخة عبود، حيث أفرز هذا النسيج العمراني و العدد الهائل للسكان حيوية تجارية و نشاطا اقتصاديا مستقلا عن وسط البلدية بهذه المنطقة، بما يُفسّر الحركية الكبيرة التي يشهدها الشارع الرئيسي للحي طيلة اليوم، نظرا للعدد الكبير للمحلات الموجودة تحت مباني التحصيصات المقابلة لعمارات الحي، حيث شكل تنوع نشاط هذه المحلات استقلالا اقتصاديا و تجاريا بنسبة كبيرة، ما جعل السكان يعتمدون عليها في اقتناء حاجياتهم دون التنقل إلى وسط عين اسمارة.
خلال تجولنا بكل أرجاء الحي تقريبا، لاحظنا العديد من النقائص التي شكلت تحديا بالنسبة لمصالح البلدية، و ذلك نظرا لمحدودية الإمكانيات و كذا نتيجة للتوسع السريع الذي شهدته المنطقة حسب ما أكده رئيس البلدية، ما أدى إلى بروز متطلبات أخرى تتعلق خصوصا بالنظافة داخل الأحياء، حيث أكد لنا سكان الحي أن أعوان النظافة لا يمرون بشكل دوري سوى مرة أو مرتين في الأسبوع، ما أدى إلى انتشار الأوساخ و تراكم النفايات، حيث طالب المعنيون بتكثيف أعوان النظافة و تنظيف محيط العمارات بصفة منتظمة.
كما سجلنا عدم توفر سوق جوارية أو مركز تجاري رغم وجود العشرات من محلات الرئيس قرب مركز البريد، و التي ظلت مغلقة لمدة 7 سنوات كاملة، حيث يضطر السكان لاقتناء حاجياتهم من المتاجر المجاورة أو التنقل إلى وسط عين اسمارة، فيما تحدث آخرون عن نقص الربط بشبكة الهاتف الثابت ببعض الأحياء و ضعف الإنارة العمومية في أحياء أخرى، و كذا اهتراء قنوات مياه الشرب نتيجة قدم الشبكة، ما تسبب في العديد من التسربات، إضافة إلى نقص التهيئة الخارجية، باهتراء بلاط الأرصفة و انعدام المساحات الخضراء.
و يشتكي السكان أيضا من نقص وسائل النقل في الفترات المسائية من و إلى عاصمة الولاية، حيث أدى ذلك، حسبهم، إلى الاعتماد على الفرود خاصة في أوقات العمل، ناهيك عن انعدام أماكن لعب الأطفال و مساحات ممارسة الرياضة بالنسبة للشباب، حيث طالبوا بإنجاز الملاعب الجوارية، خاصة أن الحي يتوفر على ملعب واحد فقط لا يغطي حاجياتهم، و يشهد استغلالا مكثفا و ضغطا كبيرا.
و أجمع كل من تحدثنا إليهم خلال تواجدنا في المنطقة، على أن مشكلة نقص التغطية الأمنية في تجمع سكني بحجم «حويشة عمار»، لا يزال يشكل هاجسا حقيقيا للسكان، إذ لا يتوفر، رغم شساعته، على مركز أمن، ما عدا وجود فرقة للدرك الوطني تابعة لسريّة الطرقات غير معنية بحفظ النظام العام أو التدخل في حالة حدوث اعتداءات أو سرقات أو غيرها، حيث لا تزال التغطية الأمنية للحي ضمن الخطة العامة لأمن البلدية ككل، ما أدى إلى عزل المنطقة نسبيا من الجانب الأمني، حيث اشتكى السكان بشدة من هذا الجانب و طالبوا بتوفير الأمن، خاصة أن حريشة شهد العديد من الشجارات بين شباب الأحياء، عاش خلالها السكان اضطرابا اجتماعيا مع بداية الترحيلات في أواخر التسعينات و بداية الألفية الثانية، ما أثر في تلك الفترة على سمعة الحي الذي عانى سكانه من ظاهرة الشجارات و التلفظ بالكلام الفاحش من طرف بعض المنحرفين، خاصة في الفترات الليلية.
و قد عكّر ذلك حياة السكان في ظل عدم وجود مركز أمن و نقص التغطية الأمنية، حيث ألح المواطنون على ضرورة تكثيف الدوريات بالأماكن المشبوهة، خاصة حول محيط الغابة الواقعة في الجهة الغربية، و التي يستغلها بعض المنحرفين في ممارسة التصرفات غير الأخلاقية و بعض العادات السيئة التي حرمت الشباب من ممارسة الرياضة بهذه المساحة الغابية، كما أدى ذلك إلى نفور العائلات من التوجه إليها و الاستمتاع بطبيعتها بحكم قربها من الحي، و هو ما اضطر السكان إلى المطالبة بمركز أمن دائم في هذا التجمع الذي يزداد توسعا من عام لآخر.
رئيس بلدية عين سمارة اعترف بتسجيل عجز نسبي على مستوى الخدمات المُقدمة للمواطن بحي حويشة عمار، مبررا ذلك بالإمكانيات «غير الكافية» التي تتوفر عليها البلدية حاليا، رغم تصنيف الحي من بين التجمعات السكانية المهمة، نتيجة لتزايد النمو الديمغرافي الذي يشكل نصف سكان عين اسمارة، و أوضح المير فيما يتعلق بالنظافة أن مصالحه توظف 18 عون نظافة فقط، مقسمين على جميع أحياء البلدية بما فيها حي «حويشة عمار»، مشيرا إلى أن هناك برنامجا لتوظيف أعوان جدد و اعتماد مخطط مغاير لمواجهة مشكل نقص النظافة داخل الأحياء، بإنشاء مؤسسة خاصة لجمع القمامة و تنظيف المحيط و رفع عدد الأعوان إلى 30 عونا، بعد الانتهاء من الإجراءات الإدارية الخاصة باستحداث هذه المؤسسة، كما أضاف رئيس البلدية أن هناك مؤسسات عمومية ستكلف بتعبيد الطرقات و تصليح الإنارة العمومية داخل الأحياء التي تشكوا نقصا في هذا الجانب.
و اعترف ذات المصدر بوجود نقص كبير في التغطية الأمنية رغم المجهودات التي يقوم بها عناصر الأمن، حيث أكد أن عدد سكان حويشة عمار و عين اسمارة ككل يتطلب المزيد من التغطية الأمنية حسب المتحدث، في وقت لم تسجل تجاوزات لها علاقة بالأمن، مشيرا إلى تقديم طلب لمصالح الأمن بالولاية لتدعيم الأمن بعين اسمارة بما يتماشى مع عدد السكان، بما في ذلك تخصيص قطعة أرضية لبناء مركز أمن، في انتظار تلقي الرد.
و في حديثه عن نقص أماكن النزهة و استجمام العائلات، كشف ذات المسؤول أن هناك برنامجا لإنجاز مركز للتسلية بالغابة الواقعة في الجهة الغربية، يحتوى على فضاءات للعب الأطفال و مساحات خاصة بالعائلات و ممارسة الرياضة، فيما أرجع انعدام أماكن الراحة داخل التجمع إلى مشكل نقص العقار و ضعف الاستثمار من طرف الخواص، مضيفا أن هناك نظرة مستقبلية فيما يخص التوسع العمراني، تتعلق بإنجاز تجمعات سكنية جديدة خارج النسيج الموجود حاليا، مع ضرورة توفير كل التجهيزات و المدارس و الإدارات لتفادي تكرار الأخطاء السابقة.
خالد ضرباني