التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
من معبد روماني لآلهة البحر إلى منارة لنشر تعاليم الدين الإسلامي
يعتبر مسجد سيدي علي الكبير بمدينة القل، غرب ولاية سكيكدة ، أحد الآثار الرومانية الشاهدة على عراقة المدينة و تجذرها في أعماق التاريخ القديم، فضلا عن ذلك فقد تحول إلى قبلة للأولياء الصالحين الذين يقصدونه من أقاصي المدينة، و يعد المسجد العتيق، كما يحلو لسكان المنطقة تسميته، بمثابة منارة عبر التاريخ، فهو المسجد الوحيد الذي تتعلق به أفئدة كثير من سكان الضواحي، تبركا به لقدمه ولكونه استقطب كثيرا من العلماء والأئمة، على مر الأزمنة والعصور وآخرهم الشيخ الزهير الزاهري والإمام الوردي .
المسجد العتيق وإن اختلفت تسميته، فإن كل الروايات تجتمع حول قصة بناء هذا المسجد في العهد الروماني، حيث كان في البداية معبدا رومانيا لآلهة البحر والمحيطات (نبتون)، لذلك فهو يطل مباشرة على بوابة البحر من الواجهة الشرقية، وهناك عمودان يرتكز عليهما محراب المسجد يعودان إلى ذات العهد، كما يوجد 21 عمودا بها زخارف تعود لنفس الحقبة الزمنية، و بعد الفتح الإسلامي تحول هذا المعبد إلى زاوية لتدريس القرآن الكريم، وكان أول من درس بها الشيخ سيدي علي الكبير الذي سمي المسجد باسمه، وقيل أن جثمانه ووري الثرى به.
بناه أحمد باي القلي للوفاء بوعده
في عهد الأتراك كان الحاكم أحمد باي القلي قد وعد سكان المنطقة إذا وفقه الله وأصبح حاكما، أن يبني لهم مسجدا وطلب من سكان هذه المنطقة أن يدعو الله له بتحقيق ذلك، وبمرور الزمن استجاب الله له وعين حاكما في قسنطينة، و أصبحت له شهرة ومكانة عالية، و في أحد الأيام اتصل به سكان هذه المنطقة لتذكيره بوعده والوفاء بنذره، فجاء بنفسه لمعاينة المكان، ثم أمر ببناء المسجد في هذا المكان بالذات، وكان ذلك سنة 1756م·
ونظرا لقلة السكان، كان المسجد لا يتسع في البداية، إلا لعدد القليل من المصلين نظرا لمساحته الصغيرة و به باب وأربع نوافذ و قاعة للصلاة، و قيل أن المصلين كانوا يتوضأون من ماء البحر القريب من المسجد ، وبتزايد عدد السكان بدأت توسعة المسجد، فأنشأ للمسجد مكان للوضوء من الناحية الخلفية، التي كانت أصلا خارج المسجد وضمت فيما بعد إليه. و في سنة 1933م تمت توسعة بالمسجد وأنشئت سدة به تتسع لحوالي 60 مصليا·
أما عن الأضرحة ، فكانت في الأصل خارج المسجد، و عندما أحدثت هذه التوسعة شملتها، فبقيت بداخل المسجد، الذي يتربع على مساحة تقدر بحوالي 450 مترا مربعا ويتسع لحوالي 700 مصل·و ذلك قبل أن يتم نقل الأضرحة خارج المسجد في عملية الترميم الأخيرة.
منارة لحماية المجاهدين والتخطيط للعمليات الفدائية
المسجد العتيق كان إبان الاستعمار الفرنسي منارة للمجاهدين، من أجل عقد لقاءاتهم و نقل الرسائل و الأخبار والتخطيط للعمليات الفدائية، كما كان مكانا للاحتماء من هجوم الاستعمار ، و حكاية فرار المجاهد حادوش من سجن الطبانة بأعالي المدينة، ولجوئه إلى المسجد العتيق طلبا للحماية وعدم تمكن أفراد الجيش الفرنسي من الدخول إلى المسجد، تتداول على ألسنة كبار السن، إلى جانب حكايات أخرى مفعمة بالبطولة والفداء، ليتحول المسجد إلى قبلة لسكان مدينة القل لا يمكن لهم مفارقته، وبتزايد عدد السكان عاما بعد عام، أصبح المسجد بحاجة إلى بناء ملحقات بجواره ليغطي الكم الهائل من المصلين الذين يتوافدون عليه، خاصة في أيام صلاة الجمعة و العيدين وفي صلاة التراويح، ففي بداية سنوات الثمانينيات تم بناء ملحقات تابعة لهذا المسجد. وباعتبار أن المسجد أثري ولا يمكن إحداث أي تغيير عليه، قررت الجمعية الدينية لهذا المسجد في تلك الفترة بناء ملحق للمحافظة على آثاره التي لم تعد تتحمل العدد الكبير من المصلين وهكذا تم بناء الملحق الجواري الذي تقدر مساحته الإجمالية حوالي 450 مترا مربعا ويتسع لأكثر من 500 مصل، رغم ذلك أصبح المسجد اليوم، لا يستوعب الكم الهائل والمتزايد من المصلين، حيث يلجأ الكثير منهم إلى الصلاة بساحة الشهداء القريبة من المسجد، خاصة أثناء صلاة الجمعة .
عرف المسجد العتيق بالقل، عدة عمليات ترميم وكانت أول عملية في سنة 1933 في فترة الاستعمار الفرنسي ثم سنة 1985، و جاءت عملية الترميم الأخيرة سنة 2013 لتعيد للمسجد الكثير من الوجه التاريخي والمعماري القديم، أين حظي بعناية خاصة من قبل وزارة الثقافة وخصص له غلاف مالي بقيمة أكثر من 4 ملايير سنتيم وصنف ضمن المعالم التاريخية و الأثرية.
بوزيد مخبي