• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
على بعد أمتار قليلة من مسجد السيدة حفصة بالمدينة القديمة بقسنطينة، يوجد بناء قديم بمدخل ضيق و سلالم حجرية عالية، يحمل تسمية مسجد سيدي مغرف، بيت من بيوت الله يقصده أبناء المدينة للصلاة و للقاء كذلك، هندسته أقرب إلى الزاوية مع أنه يشبه في تصميمه العام مساجد السويقة القديمة التي يتقاطع مع الكثير منها في التسمية، فهو أيضا يحمل لقب التقدير و التشريف « سيدي» نسبة إلى أحد الأولياء الصالحين الذي تدور حوله الأساطير و تختلف بشأنه القصص، وقد اكتشفنا خلال زيارتنا للمكان بعضا منها .
قصة الرجل الصالح و «المثرد» و» المغرف»
عندما وصلنا إلى شارع عبد الله باي بحي السويقة، كان المصلون يهمون بمغادرة مسجد سيدي مغرف، تقربنا من البعض منهم و سألناهم عن تاريخ المعلم و عن أصل التسمية، فاختلفت الردود و وجدنا أنفسنا أمام قصتين، الأولى أسطورة و الثانية تفتقر للتفاصيل و للأدلة.
كان أول من تحدثنا إليهم هو السيد محساس، واحد من أبناء الحي القدامى، قال لنا بأنه غادر الزنقة منذ سنوات، لكنه لا يزال وفي لبيت العائلة المتواجد فيها، حتى أنه يعكف على زيارته مرتين أسبوعيا، و يصر على أداء صلاة الظهر في المسجد لسببين، أولهما قربه من المنزل و ثانيهما يقينه بأنه المكان الوحيد الذي يضمن أن يلتقي فيه بجيرانه القدامى، كما أن صلاته في هذا المعلم تمنحه شعورا بالرضا عن النفس، لمجرد التفكير في أنه لم يتخل عن المدينة القديمة و لم يهجر ذكريات طفولته فيها.
الحاج محساس قال، بأن المسجد شيد نهاية القرن 18، لكنه لا يتذكر التاريخ بشكل دقيق، خصوصا وأن تلك اللوحة التوجيهية المعلقة عند مدخل المسجد، لا تحمل أية تفاصيل تذكر ما عدا اسم المكان، مع ذلك يؤكد محدثنا، بأن المعلم شيد بعد 1885، لأنه قبل ذلك كان عبارة عن زاوية تحمل نفس التسمية، والتي يقال، حسبه، بأنها تعود لولي صالح قصد المدينة في زمن غابر و عندما وصل إليها، استقر قرب عين ماء كانت تنبع من المكان الذي شيد فيه المسجد لاحقا، حيث يقال أن أهل الحي لم يسألوه عن اسمه، لكنهم أكرموه و أحضروا له قصعة طعام « مثرد»، لكنهم نسوا إحضار الملعقة، فذهب أحدهم ليحضرها، لكنه عندما عاد إليه وجده قد هم بالأكل، رغم أنه كان جالسا في العراء ولم يكن يحمل متاعا قد تكون خبئت فيه ملعقة أو شيء آخر، و هكذا انتشر الخبر بين الناس ، فاستبشروا ببركات الرجل وأطلقوا عليه تسمية سيدي مغرف.
أما القصة الثانية التي سمعناها من غالبية أبناء الحي، و هي الأقرب إلى القبول، فتتحدث عن ولي صالح اسمه سيدي مغرف، قدم من الساقية الحمراء و وادي الذهب لينشر العلم، وقد كان صاحب بركات استقر في المنطقة بالقرب من عين طبيعية وأقام هناك زاوية لتعليم الناس.
الضريح المفقود
من لا يعرف مكان المسجد قد يتوه عنه، وذلك نظرا لضيق مساحته و وجوده في ركن منعزل نوعا ما وسط زنقة السيدة، عندما دخلناه لأول مرة خيل إلينا أننا بالفعل ندخل إحدى زوايا أولياء الله الصالحين، فهندسة المكان توحي بذلك، لأن فضاء المسجد ضيق مقسم، وفق الهندسة العربية إلى غرفتين، صحن المعلم أين يوجد محراب الإمام، و غرفة ثانية أكثر اتساعا، تفصل بين الجهتين بوابة على شاكلة قوس ويغلب على السقف شكل القبة.
أما الجدران فيطبعها اللونان الأبيض لون الجير و الأزرق الذي يرمز إلى النيلة، و هي المادة التي اعتاد سكان السويقة استخدامها لدهن جدران منازلهم، ورغم أن المسجد كان قد استفاد من عملية ترميم خاصة سنة 2005 ، إلا أنه لا يزال محافظا على طابعه العام.حاولنا أن نعرف أكثر عن تاريخه من القائمين عليه، لكننا لم نحصل على الكثير من المعلومات، فالجميع يعتقد أنه معلم شيد نهاية القرن 18، وأنه كان زاوية لأحد الأشراف، الذين قيل لنا بأن ضريحه كان موجودا في مكان الجدار الرئيسي للمسجد، لكنه اختفى بعد بنائه، كما اختفت العين القديمة كذلك و تحولت هي و سيرة الولي الصالح إلى مجرد أسطورة.
محطة للقاء وفسحة للعبادة
خلال جولتنا داخل المسجد وخارج محيطه، لاحظنا بأن زواره من المصلين كثر، بينهم مغترب قال، بأنه يقضي رمضان في مدينته الأم هذه السنة، وقد قرر أداء صلاة الظهر في سيدي مغرف، ليحظى بفرصة لقاء جيرانه و أصدقائه القدامى، بعدما علم أن الكثير منهم لا يزالون أوفياء للحي و للمسجد، وهو ما أكده بعض من تواصلنا معهم، مشيرين إلى أنهم عادة ما ينهون دوامهم اليومي في العمل، ثم يتوجهون إلى المدينة القديمة للتسوق، فيصلون في مساجدها و يعودون بعد ذلك إلى منازلهم بعلي منجلي و الخروب و ديدوش مراد و السمارة و بكيرة و باقي أحياء قسنطينة.
للإشارة فإن سيدي مغرف، لا يعد المسجد الوحيد الذي يملك تاريخا و يعتبر جزء من روح السويقة، إذ نذكر على سبيل الحصر مسجد سيدي عبد المؤمن، وهو واحد من أقدم المساجد بالمدينة، و كان يعرف بالزاوية القادرية، إضافة إلى مسجد سيدي قموش، وهو ملك لآل بن باديس، يرجع تاريخ بنائه إلى القرن الثامن أو التاسع هجري، و يوجد به ضريح العلامة الجليل سيدي بركات، وهو من أسلاف العائلة الباديسية،و قدم فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس دروسا هامة، كما يعد مسجد سيدي عفان وسط الحي العتيق، من أقدم المعالم كذلك، إذ يستقبل أعدادا كبيرة من المصلين، بالرغم من أن تاريخ إنشائه مجهول.
هدى /ط