• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
* دراسة التمثلات الاجتماعية لتدابير الوقاية تحصين للمجتمع من كورونا
قالت الباحثة في علم اجتماع الصحة لامية تنسي، إن تغيير سلوكات المواطنين في ما يخص التدابير الوقائية و من بينها وضع الكمامة، يرتبط بطريقة فهمهم للتمثلات الفردية و التوضيحات المتعلقة بهذه الإجراءات الوقائية، فالمنطق الوقائي عند عامة المواطنين يختلف عن منطق مهنيي الصحة، لهذا نجد الكثير من أفراد المجتمع يرغبون في تطبيق التدابير الاحتياطية بطريقتهم ويجتهدون في ابتكار آليات خاصة بهم، وفق ما تشكله تمثلات الجائحة و مخاطرها في أذهانهم.
الباحثة بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية كراسك وهران لامية تنسي، المختصة و الباحثة في علم اجتماع الصحة، أوضحت للنصر، أن وضع قناع واقي أو كمامة أثناء العمل منفردا في مكتب، يختلف عن وضعه أثناء العمل في منصب يتطلب التعامل مع الأشخاص و مبادلتهم الكلام لفترات طويلة من اليوم. كأمثلة عن ذلك ذكرت الباحثة عمال البريد، البلديات و مختلف الإدارات التي تستقبل المواطنين، وكذا الأساتذة في الأقسام.
و أشارت المتحدثة إلى أن نوعية الكمامة تؤثر على التنفس، خاصة تلك التي لا تحتوي على منافذ للتهوية، أو القماشية التي تتسبب في الحساسية أو اضطرابات أخرى، وغيرها من الأمور غير المرغوب فيها التي تجعل الأفراد يعزفون عن استعمال الكمامة.
تساؤلات حول علاقة المجتمع بالمعلومات الصحية
لفهم هذه السلوكات، قالت المتحدثة «يجب طرح بعض الأفكار والملاحظات، منها علاقة المجتمع بالمعلومات الصحية التي تبثها وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي حول الوباء و طبيعة الفيروس، و مدى نجاعة الهبة الكبيرة التي باشرتها فعاليات المجتمع المدني و أطباء، وحتى مواطنين عاديين، من أجل تقريب تلك المفاهيم للمجتمع، خاصة المعلومات المتعلقة بكيفية وأهمية ارتداء الكمامة».
و استخلصت الباحثة أن كل ذلك بين أن استجابة الأشخاص لنداءات التوعية و التحسيس باحترام التدابير الوقائية، خاصة وضع الكمامة، لا تزال متباينة منذ بداية الجائحة، وهذا لا يعني أن الناس لا يعرفون خطورة الفيروس وشراسته، وسرعة انتقاله و انتشاره، لكن اهتمامهم الأكبر هو التبعات الاجتماعية و الاقتصادية عليهم، منها توقف عدة نشاطات ومؤسسات ومصانع والحجر الصحي الذي أثر على التعايش الأسري، و أدى إلى انخفاض ميزانية الأسرة أو انعدامها بالنسبة لعدة فئات من محدودي الدخل، و ذوي المستوى المعيشي المتدني، وعليه نجد أن أغلبية أفراد هذه الفئات، هي التي لا تلتزم بالإجراءات الوقائية ،حتى ولو أنها على علم بالتغيرات الجينية التي أنتجت سلالات جديدة من فيروس كوفيد 19، حسب المتحدثة.
و أردفت أن عمليات التحسيس والتوعية أخذت عدة أشكال، حيث بدأت بشعارات وملصقات مكتوبة، ثم سمعية بصرية، طبع على بعضها القالب الهزلي الفكاهي لتبسيط الأمور لجميع فئات المجتمع، و رغم هذا لم تفلح هذه المبادرات في إقناع الكثير من الناس الذين ساد وسطهم في بداية الوباء الاعتقاد بأن ارتداء القناع الواقي أو الكمامة، لا يخص سوى الأطقم الطبية، أو الأشخاص المتصلين بالمصابين أو المشتبه في إصابتهم بكورونا.
كما أن القائمين على الحملات التحسيسية لم يحددوا للناس نوعية الكمامة الواجب ارتدائها، مما تسبب في نوع من الفوضى في هذا المجال، حيث أن كل شخص اجتهد في توفير الكمامة التي تناسبه، ربما من ناحية شكلها الجمالي أو فعالياتها، أو لأن ثمنها يتماشى وميزانيته، و هناك من اجتهد في خياطة الكمامات القماشية بطريقة عشوائية، ربما أغلبها بعيدة عن مقاييس الحماية من عدوى الفيروس، فالكثير من أفراد المجتمع حاولوا التأقلم مع الوضع من خلال البحث عن المعلومات عبر وسائل افتراضية لم تكن دائما موثوقة.
هذه الاختلافات مردها غالبا لاستجابات متباينة للأفراد إزاء حملات التوعية، كما أكدت الأستاذة تنسي، فالمواطنين الذين يقطنون البيوت القصديرية أو سكنات هشة مهددة بالسقوط لا تتوفر على أدنى شروط النظافة، ولا تسمح بتوخي الحيطة من نقل الفيروس، لا يمكن مقارنتهم بآخرين، حسبها، تسمح لهم ظروف الحياة بالالتزام بالتدابير الوقائية، كما أن محدودي الدخل الذين يضعون في صدارة قائمة اهتماماتهم توفير لقمة العيش، ليسوا كذوي الدخل العادي، أو الميسورين الذين يستطيعون دفع ثمن شراء الكمامات و السائل المطهر و صابون اليدين وماء جافيل، وغيرها من المواد بطريقة متواصلة لعدة أشهر، و بالتالي هذه الفوارق أيضا تؤثر على مدى استجابة الأفراد للوقاية.
الكمامة تعكس هوية الأفراد و تميزهم اجتماعيا
إن فهم هذه السلوكات بعمق، يتطلب أيضا جمع ملاحظات و إجراء دراسات وتحاليل سوسيوـ تاريخية، بما يسمح بتوضيح تمثلات الأشخاص، على اعتبار أن الكمامة أداة مجتمعية تعكس هوية الأفراد وتميزهم اجتماعيا، فالتفسيرات التي يعطيها المختصون للمرض أو الجائحة، تنقسم إلى ثلاثة مجالات،حسب المتحدثة.
المجال الأول طبي يرتكز على التفسيرات العلمية والبيولوجية والتقنية للوباء، الثاني خاص بالمريض الذي يلجأ لاستذكار التجارب السابقة في التطبيب الذاتي لأعراض مشابهة و أوبئة سبق له أو لمحيطه التداوي والشفاء منها، وهذا حتى لا يترك الإصابة تؤثر على وضعه المهني أو المجتمعي، و المجال الثالث يتمثل في نظرة المجتمع للوباء وتخوف كل فرد من الاقتراب من الآخرين، سواء في المحيط اليومي الخارجي أو في أماكن العمل، كما أوضحت الباحثة.
و أضافت أن الإشكال الذي يطرح أيضا، هو أن مصابين بالفيروس لا يعانون من أعراض مرضية، ولا يلتزمون بالتدابير الوقائية، وبالتالي ينقلون العدوى بسهولة للآخرين في كل مكان، ونجد أفراد المجتمع الرافضين للكمامة، يضرب بهم المثل على أساس أنهم لم يلتزموا بالتدابير الوقائية و لم يصابوا، لجهلهم بالوضعية، بما أن الأعراض الخارجية الجلية، هي وحدها التي يحكم، وفقها، عامة الناس، إذا كان الشخص مصابا بكورونا أم لا. بن ودان خيرة