الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
الظاهرة وليدة تغيرات اجتماعية و اقتصادية متسارعة
يربط الدارسون في علم الاجتماع بين التغيرات التي شهدها المجتمع الجزائري، خلال السنوات الأخيرة وبين انعكاساتها على لغة الشارع في مختلف أوجهه، بما في ذلك المعاكسة التي قد تصل حد التحرش، فلغة الشارع تأثرت بما مر على البلاد من تغيرات اجتماعية واقتصادية، مع نهاية التسعينيات، كما أوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة محمد زيان، مشيرا إلى أن سلوك الفرد الجزائري تأثر بشكل مباشر بما خلفته هذه المتغيرات، بما في ذلك مستوى المعيشة، مكانة و دور المرأة في المجتمع، القوانين، المعطيات الاقتصادية، البطالة، العنوسة ، و بالأخص الانفتاح المعلوماتي الناتج عن ثورة الإنترنت.
الباحث في علم الاجتماع محمد زيان، شرح العلاقة بين لغة الجزائريين و بين التغيرات الاجتماعية، وهي ـ حسبه ـ ذات العلاقة التي تحدد لغة الغزل و المعاكسة في الشارع الجزائري، والعلاقة بين الرجال والنساء في الفضاء الأسري والمجتمعي، فعندما تصطدم ـ كما أكد ـ التربية الأسرية المحافظة، بالانفتاح الذي تروج له شبكة الانترنت و التلفزيون، ينتج عن ذلك فردا مرتبكا يحاول التعبير عن الكبت الذي يعيشه من خلال إفراغ شحنة الضغط الجنسي و النفسي في الشارع ،و بالتالي سيلجأ إلى معاكسة كل أنثى يقابلها مستعملا كل العبارات التي تمنحه شعورا بالرضا عن رجولته.
و تعد أزمة البطالة و السكن من بين العوامل التي تصنع من الشاب شخصا تائها، يقضي كامل وقته في الشارع، مما يوسع دائرة الفراغ المحيطة به، فيحول بالمقابل تركيزه إلى أقرب شيء يرى بأنه يمنحه نوعا من الأهمية، كما يجعله دائما في حالة نشاط نفسي، وهو الأنثى .لذلك يميل العديد من الشباب إلى معاكسة الفتيات دون التفريق أحيانا بين المرتبطة أو العزباء، أو امتلاك معايير جمال محددة، لأن الهدف يكون محاولة ممارسة سلطته و إظهار رجولته التي تواصل مؤسسة الأسرة تغذية اعتزازه بها ، فضلا عن أن غالبية الشبان يتباهون فيما بينهم من خلال فضاءاتهم الخاصة بمغامراتهم العاطفية، و قدرتهم على الإيقاع بالفتيات في الشارع، حيث تقاس الرجولة في هذه الحالة بعدد “الفتوحات النسوية” في الأزقة و الشوارع والأحياء.
إضافة إلى ذلك، يعتبر الأستاذ زيان أنه وبالرغم من كون ظاهرة المعاكسة تعتبر ظاهرة عالمية، و لا تقتصر على مجتمع بحد ذاته، إلا أن المجتمع الجزائري، يختلف في ناحية واحدة هي أنه مجتمع لا يعترف بالخصوصية، فالشارع بالنسبة لفئة كبيرة من الشباب يعد ملكا لمن يرفع صوته أكثر، فضلا عن ذلك فإن السواد الأعظم من أفراد المجتمع، يسيئون فهم الدور الذي باتت تلعبه المرأة كعنصر فاعل في المجتمع، إذ يميلون إلى تحريف فهم معنى التحرر، و بالتالي يعتبرون حرية المرأة مرادفا للحق في التطاول عليها لفظيا، و التأكيد في كل مرة على أنها ورغم الدور الذي باتت تلعبه، تبقى دائما تحت وصاية الرجل.
و يضيف الأستاذ بأن مظهر المرأة و تراجع دور الرقابة الأسرية التي كانت تفرضها على طريقة لباس بناتها، له دور في تشجيع الشباب على المعاكسة، كما أن الجرأة التي باتت تتحلى بها بعض الفتيات من ناحية المظهر ، أسقطت احترام المرأة في أعين الكثيرين ،وهو ما يفسر ظاهرة معاكسة المتحجبات و الفتيات الصغيرات و حتى النساء المتزوجات.
ترى المحامية كوثر كريكو، بأن ظاهرة المعاكسة في الشوارع الجزائرية ،و تحديدا بمدينة قسنطينة، هي نتيجة مباشرة لغياب ثقافة اتصال منظم بين الجنسين، ما يصل بالأمور في بعض الأحيان إلى منحنيات سلبية ،خصوصا عندما يتمادى الشباب في استعمال ألفاظ غير مقبولة لمعاكسة الفتيات، أو يتمادون لدرجة المضايقة و التجريح أمام الملأ، و هنا يتعدى الأمر المعاكسة إلى التحرش.و يحق للفتاة أو السيدة التقدم بشكوى أمام المصالح الأمنية، في حال تعرضت للمضايقة أو المعاكسة بشكر غير لائق من قبل شخص معين، وهو حق أوضحت المحامية بأن القوانين و التشريعات الجزائرية تكفله لها، غير أن المشكل في هذه الحالة خلافا للتحرش يكمن في إثبات فعل المضايقة أو المعاكسة، إذ يتوجب على المعنية تقديم شهود على الحادثة أمام مصالح الأمن، وهو ما يعد أمرا شبه مستحيل، لذلك تفضل غالبية النساء التغاضي عن المضايقة ،حتى و إن تعدت حدود الاحترام.أما في ما يخص قضية التحرش حتى وإن كان لفظيا، فقد أوضحت الأستاذة كريكو، بأن المشرع الجزائري يصنف الفعل كجريمة يعاقب عليها القانون، إذا ما تعلق الأمر بالسب أو الشتم أو التجريح، و قد تصل عقوبتها إلى السجن ،حسب ما تنص عليه المادة 297 و 299 من قانون العقوبات.
المختصة أشارت من ناحية ثانية، إلى أن القانون الجزائري غني بالنصوص العقابية التي من شأنها ضبط هذه الظاهرة، كما أن مشروع قانون العقوبات الجديد، جاء بما هو أكثر دقة فيما يخص التحرش و أشكاله، كما شدد العقوبات المفروضة على مرتكبيه، غير أن الإشكال يبقى ،حسبها، مطروحا دائما بالنسبة للشق المتعلق بالإثبات، فضلا عن كون ثقافة التقاضي في مثل هذه الأمور، لا تزال غائبة في مجتمعنا بسبب النظرة المفروضة على المرأة.
وتؤكد المحامية من ناحية أخرى بأن مواجهة الظاهرة، تتطلب وعيا أكبر من قبل المرأة، ناهيك هن تعزيز العمل الجواري لمصالح الشرطة، بما يسمح بتوسيع مجال تدخل الجهاز قبل أن تصل القضية إلى وكيل الجمهورية، على اعتبار أن علاج الظاهرة، يعد وقائيا أكثر منه عقابيا.
لغة الشباب وتعبيراتهم الغزلية في الشوارع ،خرجت من الفضاءات الخاصة إلى الفضاء «الفني»، حيث يبرع مغنو طابع الراي، في تخليد غرائب كلمات الغزل الجزائري الذي يدعو بشكل مثير للعنف والتحريض على الرذيلة في بعض الأحيان، زيادة على الحط من مشاعر الحب إلى أدنى المستويات.
إحدى هذه الأغاني مثلا تقول: « اللي ما عندهاش لاطاي تخلص ليزامبو»، بمعنى « من لا تملك قواما جميلا يجب أن تدفع الضرائب»،وهو تعبير صريح يحط من قيمة المرأة في عين الرجل و يحولها إلى سلعة، أغنية أخرى لمغن مشهور يخاطب فيها حبيبته فيقول لها :» ڤلبي وڤلبك عند البوشي معلقين»، تحول هي أيضا مشاعر الحب بين قلبين إلى وجبة للجزار يعلقها على باب المحل.
وإذا كان المشارقة يتغزلون بعيون الحبيب والحبيبة، مشبهين إياها بالحدائق والبحر والقمر، فإن فناني موسيقى « الواي واي»، عندنا يتغنون بعشاقهم فيقولون: « هاكي البيا، تيري عليا»، أي خذي مسدسا و اطلقي النار علي» ، ما يحول مشاهد العتاب بين حبيبين إلى معركة يتم فيها تبادل إطلاق الرصاص . وهو ما يفسر شذوذ لغة التعبير المستعملة في الشارع و سلبية النظرة الموجهة لمشاعر الحب والإعجاب بالمرأة.
نور الهدى طابي