الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
عرفت الجزائر في السنوات الأخيرة، ارتفاعا محسوسا في عدد الولادات القيصرية التي تحولت إلى إجراء روتيني بعدما كانت مصنفة كحل استعجالي للحالات الحرجة، على اعتبار أنها جراحة كبرى بتبعات اقتصادية و صحية ملموسة، لها علاقتها بارتفاع معدلات وفيات الأمهات والمواليد الجدد، و بحسب تقرير حديث لوزارة الصحة، فإن منحنى القيصريات في الجزائر تصاعد بشكل صادم استدعى التحقيق في خلفيات الأمر.
لينة دلول / هدى طابي
و يرجع متدخلون هذا الوضع، إلى تنامي نشاط القطاع الخاص و الاستثمار الربحي في هذا النوع من العمليات، فيما يرجع آخرون السبب إلى زيادة الطلب على القيصريات في تحسن ظروف الاستشفاء في الجزائر بفضل اتفاقية التغطية الصحية لتكاليف الولادات في العيادات الخاصة بموجب ما أقرته الحكومة العام الماضي.
نصف مليون ولادة قيصرية في السنة !
بين تقرير نشرته وزارة الصحة و الإسكان و إصلاح المستشفيات مؤخرا، بأن عدد الولادات القيصرية بلغ نحو نصف مليون عملية في العام، وهو رقم يتجاوز بكثير توصيات منظمة الصحة العالمية، المقدرة بـ 15 بالمائة من مجموع الولادات، حيث أعلن تبعا لذلك عن فتح تحقيق حول "ظاهرة القيصريات".
و حسب إحصائيات وزارة الصحة، فإن عدد العمليات القيصرية التي تخضع لها النساء الجزائريات تجاوزت 490 ألف عملية من أصل مليون و200 ألف ولادة مسجلة سنويا أي ما يعادل نسبة 45 بالمائة من مجمل عمليات الولادة
و تكشف هذه الإحصائيات أن معظم عمليات الولادة القيصرية تجري في القطاع الخاص.
المستوى التعليمي والاقتصادي للحامل يحددان حجم الطلب
وبالعودة إلى إحصائيات المسح الوطني حول صحة الأم والطفل، فإن هناك ارتفاعا مضطردا في عدد القيصريات، إذ وصلت النسبة سنة 1992 إلى 6بالمائة، في حين قدرت نتائج المسوح الوطنية متعددة المؤشرات النسبة سنة 2006 بـ 8 بالمائة، و 16 بالمائة بين سنتي 2012 و 2013، لترتفع سنة 2014 إلى 18.5 بالمائة.
وتشير دراسة أعدها سنة2017، الدكتور علي العكروف من جامعة باتنة، بالاعتماد على عينة دراسة ميدانية بعيادة التوليد وأمراض النساء مريم بوعتورة بذات الولاية، إلى مـدى تـأثير بعـض المحـددات الاجتماعيـة علـى طريقة وضع الأمهات لمواليدهن في الجزائر، واعتمـدت الدراسة علـى عينـة واسـعة شملـت 1024 سـيدة، و بينت بأن نسبة الولادة عن طريق القيصرية بلغت 5.18 بالمائة من مجموع عدد عمليات الوضع بذات العيادة، كما بينت النتائج بأن السيدات الأكثر عرضة للولادة عن طريق العمليـة القيصـرية هـن الأمهـات في سـن مبكـرة وذلك بنسبة 2.22 بالمائة، خصوصا ما بين15 إلى19ســنة، بالمقابل تلجأ 4.28 من السيدات للقيصرية عنــد عمر 35 إلى 39ســنة وهي عمليات تنخفض إلى نسبة 14 بالمائة، بالنسبة للفئات العمرية الأخرى من 20 إلى 24 سنة.
وتظهر الدراسة بأن للعمر دورا في تحديد مسـتويات لجـوء الأطبـاء إلى العمليات القيصرية، كما يلعب المستوى التعليمي للأمهات دورا كذلك، فكلما ارتفع كلما قل اللجوء للعمليات القيصرية، كما بينت الدراسة أيضا، بأن نشاط القطاع الخاص وتوفر العرض و تحسن الاستشفاء لعبا دورا في تنامي ظاهرة الولادات القيصرية، كما يحتسب الجانب المتعلق بطلب الحوامل للعملية خوفا من آلام و تعقيدات الولادة الطبيعية، فكلما ارتفع سن الحامل كلما زاد اهتمامها بالعملية، إضافة إلى ذلك، فإن للوضع الاقتصادي للأم تأثيرا مباشرا، فالوضع عن طريق القيصريات يزيد بين العاملات مقارنة بالأمهات الماكثات في البيت، بالمقابل يقل الوضع عبر المسالك العادية بين السيدات المنحدرات من الوسط الحضري بالمقارنة مع سيدات الوسط الريفي.
حوامل يفضلنها لتقليل مخاطر الولادة
ولفهم خلفيات الظاهرة ، تنقلت النصر، بين عدد من عيادات التوليد العمومية والخاصة بقسنطينة، و تواصلنا مع بعض الحوامل على وشك الولادة و الأمهات الجدد، وسألناهن عن الطريقة التي اخترنها للوضع، فتبين بأن نسبة معتبرة منهن تفضلن القيصريات، حيث قالت وسام.ط، أم في عقدها الثالث، قابلناها بمستشفى قسنطينة الجامعي، بأنها اختارت الولادة القيصرية في حملها الثاني، بعدما عانت كثيرا خلال ولادتها الأولى بطريقة طبيعية، إذ تعرضت لمضاعفات صعبة بفعل التقاطها لعدوى بكتيرية سببت لها ما يعرف طبيا بـ " كيس بارثولون" كما التهب جرح الولادة المهبلي الذي تعرضت لها خلال الوضع نظرا لكبر رأس المولود، وهي تجربة وصفتها بالكابوس، دون أن تخفي الآثار النفسية التي ترتبت عنها.
وتقول سيدة التقيناها بعيادة سيدي مبروك للأم والطفل، بأنها أنجبت اثنين من أصل ثلاثة أطفال عن طريق العملية القيصرية، وذلك بسبب ما عاشته من معاناة خلال ولادتها الأولى عبر المسالك العادية، وكيف التف الحبل السري حول رقبة الجنين وكاد يخنقه، ناهيك عن تعرضها لحادث التصاق المشيمة، الذي علمت من الطبيب لاحقا، بأنه عارض شائع بين النساء في سنها 38 سنة.
أما الشابة سارة 23سنة، والتي التقيناها بعيادة خاصة بالخروب، فأوضحت بأنها اختارت الولادة القيصرية لأنها لا تحتمل الألم، كما أنها برمجت كل مراحل حملها مع طبيبها المعالج، وفضلت القطاع الخاص لتتمكن من الولادة على يد ذات الطبيب ولتستفيد من ظروف التكفل، خصوصا في ظلي تفشي فيروس كورونا بين طواقم المستشفيات العمومية بفعل الضغط الكبير على مصالح التوليد هناك.
القطاع الخاص في عين الإعصار والدولة تتدخل
وبحسب تقرير الوزارة الأخير، فإن أزيد من نصف العمليات القيصرية المسجلة تجرى على مستوى القطاع الخاص، وهو أمر يؤكده أطباء المستشفيات العمومية، مع الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من هذه العمليات تخضع للمنطق التجاري، وهو ما يفسر تعديها لعتبة 70إلى 80 بالمائة في ذات القطاع.
ورغم المجانية في العيادات والمستشفيات العمومية، إلا أن اللجوء إلى القيصريات فيها يبقى محدودا و مرهونا بدواع طبية صارمة، بالمقابل فإن الإجراء يتم في القطاع الخاص بناء على طلب الحامل، إذ يندرج ضمن قائمة الخدمات الطبية، حتى أن هناك من قالوا، بأن هذه العيادات تتعمد إخضاع المريضات للقيصريات لأجل الربح خصوصا وأن تكاليف القيصرية كانت جد مرتفعة سابقا.
يذكر بأن الدولة قد تدخلت لتنظيم العمليات العام الماضي حيث صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية لسنة 2020، مرسوم تنفيذي محدد لأسعار عمليات التوليد بمختلف أنواعها وفقا لتغطية تضمنها الاتفاقية النموذجية المبرمة بين هيئات الضمان الاجتماعي والمؤسسات الاستشفائية الخاصة وعيادات التوليد قصد التكفل بالولادة.
وأوضح، المرسوم رقم 20-60 المؤرخ في 14 مارس 2020، أن سعر عمليات التوليد يتراوح بين 25000 و 60000 دينار جزائري، وذلك حسب نوعية عمليات الوضع إذ حددت الحكومة، سعر 60 ألف دينار جزائري، لعمليات الولادة القيصرية بالنسبة للنساء اللواتي تعانين من أمراض إضافية، لاسيما ارتفاع ضغط الدم وداء السكري، بما في ذلك التكفل بالأدوية المتناولة.
حقن تخفيف الألم تضاعف الإقبال على القيصرية
و قد علمنا من غالبية من شملهن استطلاعنا من أمهات حديثات وسيدات حوامل، بأنهن يفضلن الولادة القيصرية في القطاع الخاص لأجل ظروف التكفل، وقد تحدث العديد منهن عن المعاملة السيئة للمريضات في العيادات العمومية.
وبحسب الاستطلاع فإن إبرة قسطرة الظهر المسكنة للأم تعتبر من بين إغراءات العملية القيصرية لأنها تجعل منها ولادة سهلة وبدون ألم، كما أن هناك إبرة ثانية لتخفيف ألم ما بعد الولادة تحقن للسيدات لمساعدتهن عن قضاء الليلة الأولى وتتراوح تكلفة الحقنتين بين 6آلاف دج للثانية و 10آلاف دج لإبرة القسطرة.
* البروفيسور منار لحمر رئيس مصلحة التوليد بمستشفى قسنطينة
نسبة القيصريات ارتفعت مع ظهور الخواص
و حسب رئيس مصلحة النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي بقسنطينة البروفيسور منار لحمر، فإن هناك تزايدا محسوسا في نسب الولادات القيصرية المسجلة وطنيا، وهي ملاحظة تعود لسنوات ماضية ولا ترتبط بأي شكل مع ظهور فيروس كورنا أو غير ذلك.
وصرح البروفيسور، أن النسبة المسجلة فاقت 50 بالمئة وهو رقم يتعدى المعدلات التي حددتها منظمة الصحة العالمية فيما يخص الولادات القيصرية والتي تقدربـ15 بالمئة، وأضاف، أن الجزائر تشهد في العشر سنوات الأخيرة تصاعدا تدريجيا في نسبة العمليات القيصرية، وذلك تزامنا مع ظهور العيادات الخاصة التي لها دور كبير في هذا الارتفاع، إذ تصل لديهم النسب إلى حدود 70 حتى 80بالمئة من إجمالي الولادات.
وقال البروفيسور لحمر، بأن المستويات تبقى منطقية وطبيعية في المستشفى الجامعي، الذي يعمل أطباءه على توفير كل الطرق من أجل ضمان الولادة الطبيعية وتنب القيصريات لما لها من أخطار، مضيفا، بأن الارتفاع الطفيف في معدل التدخلات من هذا النوع في المستشفيات العمومية راجع إلى مضاعفات الحمل عند بعض النساء، مع ذلك يبقى التوجه منصبا على الولادات الطبيعية أكثر، لأنها لا تتطلب تدخل الجراحين، كما أن تكلفتها أقل كونها لا توجب توظيف كل الإمكانيات والتجهيزات الموجودة.
وأشار الطبيب، إلى أن العيادات الخاصة تتجه نحو إجراء العمليات القيصرية لضمان صحة الطفل والأم، وعدم التعرض لمتابعات قضائية في حال حدوث خطأ ما، كما أن التخدير الجزئي يساهم بشكل كبير في للتقليل من خوف الطبيب على الحامل أثناء خضوعها للعملية القيصرية، التي لا تدوم سوى 15 دقيقة، على عكس الولادة الطبيعة التي قد تستمر لأكثر من يوم أو يومين، بالإضافة إلى الخطر المحدق بالحامل و الجنين.
وتوجد حسبه، العديد من الحالات الطبية التي تستدعي القيام بهذا النوع من الجراحة، خصوصا عندما تكون وضعية الجنين غير سليمة، أو حوض المرأة صغيرا، لكن حذر جدا من إمكانية حدوث حالة وفاة خلال العمليات القيصرية بسبب مضاعفات المشيمة الملتصقة عند المرأة.
وأوضح رئيس مصلحة التوليد، بأن وسائل مراقبة الجنين قليلة، مع ذلك فإنه من الضروري على الطبيب أولا قياس نبضات قلب الجنين و معدل درجة الحموضة ومنها لتحديد الحاجة للقيصرية من عدمها، و أقر محدثنا، بأن هناك نسبة قليلة من النساء يفضلن الولادة الطبيعية وذلك للخوف من آلامها وطول فترتها، ولهذا يطلبن القيصرية، رغم أن هناك إمكانية للولادة طبيعيا بدون ألم، عن طريق التخدير الموضعي.
القطاع العمومي ينزف
البروفيسور لحمر تحدث عن نزيف في القطاع العمومي الذي باتت مصالحه مهددة بالغلق مستقبلا، بسبب هجرة الأطباء نحو العيادات الخاصة لأجل الأجور المرتفعة.
* مسير عيادة ماسينيسا عبد الحكيم رأس العين
تأمين الأم والمولود يفرض الولادات القيصرية
يؤكد مسير عيادة ماسينيسا الخاصة، عبد الحكيم رأس العين بأن الحاجة إلى ضمان سلامة الأم والمولود، هي ما تفرض الاعتماد بشكل أكبر على العمليات القيصرية في القطاع الخاص مقارنة بالقطاع العام، لأن العيادات مطالبة دائما بنتائج إيجابية دون أية مضاعفات.
وأشار المتحدث، إلى أن نسبة كبيرة من الولادات القيصرية في العيادات الخاصة، مرتبطة بحالات حمل و ولادة معقدة تستدعي فعلا التدخل جراحيا لإنقاذ حياة المولود وأمه خصوصا ما تعلق بمشاكل سرعة ضربات القلب أو تغير وضعية الجنين و العدوى التي يمكن أن يلتقطها من الأم أثناء الولادة، وكلها عوامل تدفع الطبيب إلى اختيار التبنيج النصفي و العملية القيصرية التي تكون نتيجة لاستشعار الخطر في الغالب، كما أن هذا الإجراء أقل خطورة وصعوبة من الولادة الطبيعية التي تتطلب الجهد والوقت والضمان، كما أن الانتظار المطول للمرأة الحامل للولادة طبيعيا، كثيرا ما يسبب مضاعفات، ترفض العيادات المخاطرة بالتعامل معها.
المتحدث، نفى من جهة ثانية، تكون القيصريات جزءا من عملية تجارية ربحية، بل هي ضرورة صحية لتأمين حياة الأم والجنين، بدليل العدد المنخفض جدا للوفيات المسجلة في المصالح الخاصة.