" المر و الصبر": استنساخ للخلافـات الزوجية في قالـب مختلـف

تشرح و تحلل السلسلة الفكاهية «المر و الصبر» للمخرج مهدي تساباست، التي أدرجت مؤخرا ضمن الشبكة البرامجية للتلفزيون الجزائري هذا الموسم، المشاكل الزوجية التي عاشها ثنائي لم يمض على ارتباطه سوى سنة و نصف، و دفعته إلى اتخاذ قرار الانفصال و التوجه إلى محكمة شؤون الأسرة، لكن لا يمكن للمشاهد و هو يتابع حلقات «المر و الصبر»، إلا أن يتذكر سلسلة فكاهية أخرى، بثها التلفزيون الجزائري خلال الشهر الفضيل، و هي سلسلة «فيها خير» للمخرج سمير حامل، حيث أن الأزواج في السلسلة الأخيرة، توجهوا إلى خبير في العلاقات الزوجية ، بحثا عن حلول لمشاكلهم، في حين توجه الزوجان في «المر و الصبر» إلى خبير نفساني لنفس السبب، و لولا اختلاف الممثلين، لاعتقد المشاهد أن العملين يكملان بعضهما، أو يستنسخان نفس الفكرة.

إلهام.ط

كما يتقاطع العملان مع أعمال تلفزيونية أخرى، في محور الزواج و الطلاق، و كأنهما وجهان لعملة واحدة، لا يمكن فصلها عن الدراما الجزائرية و العربية عموما، و تتكرر في مختلف  السيناريوهات، و حتى و إن تم صبها في قالب فكاهي، يكون باهتا، مستهلكا في الغالب، و لا يغري بالاستمرار في المتابعة، إلا إذا أضفيت على الأحداث بهارات متنوعة، تضفي عنصري التشويق و الإثارة، لكنها محدودة في العملين المذكورين.
«المر و الصبر»، عنوان يحيل المشاهد لأول وهلة، إلى تسمية مادة صمغية تتكون من خليط من الزيوت الطيارة و الصمغ و المواد الراتنجية، تستخرج من أشجار البيلسان، و تستخدم عادة في العلاج التقليدي أو الطب البديل، كما يوحي ذات العنوان  بطعم المرارة و الأسف، في إشارة إلى بعض المواقف التي عاشها بطلا العمل الفكاهي، مما حتم عليهما التسلح بالصبر، لتحمل «المر بعد الحلو»، في محاولة للحفاظ على الرباط المقدس، إلى أن طفح بهما الكيل..
السلسلة الفكاهية التي أدرجت في النصف الثاني من الشهر الفضيل، ضمن الشبكة البرامجية للتلفزيون الجزائري، تتقاطع أيضا مع معظم مسلسلات هذا الموسم في كون الممثلين لا يتحدثون نفس اللهجة، بل يقدمون تشكيلة من مختلف اللهجات بوسط و شرق و غرب البلاد،  في حين توحيد اللهجة أو الاعتماد على لغة بيضاء بين الممثلين، يضفي الانسجام و الصدق و المصداقية على العمل، خاصة إذا كانوا يتقمصون شخصيات أفراد عائلة واحدة.
من يتابع أداء الممثلة الشابة حنان شرايرية، التي جسدت الزوجة  يسرا و هو دور بطولة  في «المر و الصبر»، سيلاحظ بعض الشبه بينها و بين الممثلة مينة لشطر في الملامح و أيضا طريقة الأداء العفوية، و التغيير السريع في نبرة و درجة قوة الصوت، و كذا تعابير الوجه و بعض الحركات، مما يجعلنا نتوقع لها مستقبلا زاهرا في عالم الكوميديا، خاصة و أنها خريجة مدرسة أبي الفنون .
أما الممثل إيدير بن عيبوش، الذي تقمص شخصية الزوج أيمن، فقد تألق في هذا الدور، و هيمن على كل المشاهد، لكن يمكن أن نلاحظ أحيانا، «بعض النشاز» في الأداء المشترك بين أيمن و يسرا و المقصود هنا عدم الانسجام، نسبيا، بين الممثلين، لكن يبقى العمل مقبولا، خاصة في ظل إثرائه بالأداء المميز للممثل مبروك فروجي، الذي تقمص دور الأخصائي أو الخبير النفساني، الذي وجهت قاضية شؤون الأسرة الزوجين إليه، لعله يجد حلولا لمشاكلهما و يتجنبان أبغض الحلال.
كما شاركت في السلسلة الممثلة فاطمة بلحميسي في دور الجارة و نوال مسعودي في دور القاضية و إيمان بوتقة في دور صديقة يسرا، و صبرينة خيلية في دور حماتها، إلى جانب الفنان العمري كعوان و مجموعة من الممثلين الشباب.
علما بأن العمل من  إخراج مهدي تساباست، الذي شارك أيضا في الشبكة البرامجية الرمضانية للتلفزيون الجزائري بإخراج سلسلة «إسعاف كوم»، و قد تمكن من التحكم في التصوير و الجوانب التقنية و الإخراجية في العملين، إلى حد كبير.
أما كاتبة السيناريو، فهي منال مسعودي، التي لم تتحكم بشكل جيد في تسلسل الأحداث، فغاب الربط الانسيابي بين بعضها، لقد كانت انطلاقة العمل من الجامعة، حيث كان يدرس الطالبان أيمن و يسرا، و كان لقاؤهما «صادما»، لأن أيمن، على طريقة اللقاءات في الأفلام و المسلسلات المصرية و التركية و حتى الأمريكية، دهس بسيارته يسرا، و نقلت إلى المستشفى، و توسل و تودد إليها بباقة ورد و كل الطرق الممكنة، ألا ترفع شكوى ضده. و الملاحظ أن سن و شكل الممثل إيدير بن عيبوش لا يوحيان بأنه طالب جامعي.
وبعد لقاءات متتالية بين الثنائي، قابل إصرار الطالبة يسرا على تتويج العلاقة بالزواج، تملص أيمن من أي التزام، لكنهما يجدان نفسيهما بعد ذلك في قفص الزوجية.
 نعم.. فجأة وفي حفل زفاف، حضرته يسرا، تحظى بإعجاب والدة أيمن، وتقرر تزويجها له، كما تحمس والد يسرا لتزويج ابنته، و لم يجد الشابان أمامهما، حسب ما ورد في السلسلة، سوى إرضاء أهليهما، كما يحدث في بعض الحالات بمجتمعنا وكذا في الدراما الجزائرية و العربية عموما، لكن خيال السيناريست ذهب بعيدا، فخلال حفل الزفاف فقط، اكتشف أيمن أن عروسه التي اختارتها أمه هي يسرا التي دهسها بسيارته، وصدمت يسرا بأن عريسها هو الذي رفض الارتباط بها من قبل!
وخلال الشهور الأولى من الزواج، برزت الخلافات و الاختلافات و المشاكل بين الزوجين، فقررا التوجه إلى محكمة شؤون الأسرة لإنهاء العلاقة.. و استمعت إليهما القاضية في أول جلسة، و استغربت من طبيعة خلافاتهما، و عصبيتهما و إصرارهما على الانفصال، فوجهتهما إلى خبير نفساني، خصص لهما جلسات إصغاء، للتحدث عن تفاصيل و أسرار و عوامل قادتهما إلى التفكير في الطلاق، فاكتشف أن أغلبها بدافع الغيرة و الشك، و كان من الممكن تفاديها بالحوار الصريح.. الملاحظ أن الحوار بين الزوجين زين بعبارات هزلية طريفة، انتقتها السيناريست لتعبر عن بعض المواقف، و تفتك ضحكات المشاهدين، و لو بصعوبة أحيانا.
و الملاحظ أن عدد مشاهدات حلقات السلسلة عبر يوتيوب يتراوح بين ألفين و أكثر من ستة آلاف مشاهدة، و علق متابع بأن العمل كوميدي خفيف و ظريف، و أداء الثنائي بن عيبوش و شرايرية بسيط و متقن، و اعتبر متابع آخر بأن السلسلة ممتازة، في حين أثنت متابعة على أداء إيدير بن عيبوش.
و اعتبر رابع السلسلة الفكاهية في المستوى و كادت أن تكون أحسن لو بذل جهد في التمثيل و تجنب عدة أخطاء تقنية، و اعتبر آخرون العمل صورة عن بقية الأعمال الرمضانية الأخرى التي خيبت توقعات عديد المشاهدين.