براعة في الكشف عن المخدرات و المتفجرات: الكلاب البوليسية.. أنياب في محاربة الجريمة

تقدم الفرقة السينوـ تقنية بأمن ولاية قسنطينة، إضافة نوعية إلى المصالح العملياتية للشرطة في الميدان، فالكلاب البوليسية مدربة على اكتشاف المخدرات و المؤثرات العقلية، كما أن قدرتها على رصد المتفجرات، لا تقل دقة و أهمية عن أي جهاز تكنولوجي متطور، حتى أن بينها نجوما لا تخطئ أهدافها أبدا، و هو تحديدا ما يجعلها جزءا من تشكيل جهاز الأمن الوطني، الذي يحرص على تطوير مهارات هذه العناصر، لتتماشى مع تطور الإجرام، والدليل هو النتائج الكبيرة التي حققها و يستمر في تحقيقها «برينو»، أقوى مخلب في فرقة الأنياب.

فرقة الأنياب
 النصر تنقلت إلى المصلحة الولائية للأمن العمومي بولاية قسنطينة، للاطلاع أكثر على طبيعة مهام الكلاب البوليسية،و رافقنا في جولتنا الملازم الأول للشرطة بلال بن خليفة،  رئيس فرقة الاتصال و العلاقات العامة، و هناك كان لنا موعد مع أبطال من نوع آخر، وهم « برينو» و «تينا» و «بلاك» و «با»، كلاب تشكل عناصر «فرقة الأنياب» النشطة في مكافحة الجريمة منذ سنوات، حيث تعتبر عنصرا مهما جدا في مجال الأمن العمومي، و تشمل مهمتها تأمين التظاهرات الرياضية و الثقافية الكبرى و تفتيش محطات المسافرين و الترامواي و المطارات،  ناهيك عن مرافقة عناصر الشرطة القضائية في المداهمات و عمليات تفتيش المساكن و المركبات والساحات العمومية.
علما بأن لها اختصاصين، الأول هو البحث عن المواد المتفجرة و الثاني يخص الكشف عن المواد الممنوعة من مخدرات و مؤثرات عقلية.

يذكر بأن هذه الفرقة، هي جزء من تشكيل أنشأته المديرية العامة للأمن الوطني بداية الألفية الثانية،  حيث عملت الوحدة على تكوين العديد من الدفعات على مر السنوات، بمعدل 15 عون شرطة مرافق و 15 كلبا بوليسيا في كل دفعة.
الراعي البلجيكي بطل المهمات الصعبة
تضم وحدة قسنطينة، أربعة كلاب، ثلاثة منها متخصصة في الكشف عن المخدرات و كلبة واحدة مجالها هو المتفجرات.
عند وصولنا إلى مقر تدريبها، كان برينو،  أقدم عنصر بينها، في استقبالنا، كلب مميز رمادي اللون، ظل يحوم حول مدربه، كمن يبحث عن شيء، و علمنا لاحقا، بأنه من أنشط العناصر يحب المهمات و يتحمس كثيرا للعمل الميداني، وذلك بفعل خبرته الطويلة، كما أوضح لنا قائد الفرقة الملازم الأول للشرطة حسام الدين بولوداني، مشيرا إلى أن فصيلة الحيوان هي الراعي البلجيكي، (مالينوا) ، وأنه قضى في الميدان عشر سنوات كاملة من عمره.
 فقد التحق بالفرقة وهو جرو، على اعتبار أن هذه الكلاب تستورد من بلغاريا و بلجيكا، و هي لا تتعدى خمسة إلى 12 شهرا من عمرها، وتجند مباشرة، عقب انتهاء فترة تدريبها في المركز السنوـ تقني،  بعين تيموشنت، و تختلف مدة التدريب، حسب نوعية الاختصاص، كما يكون لكل كلب في هذه الفترة، ممرن خاص يشرف على تدريبه، ثم تأطيره في الميدان لاحقا.
تحظى الكلاب بأهمية كبيرة و تعامل باحترام و بعناية فائقة،  و تخضع للرقابة الطبية الدورية،  و يعتمد نظامها الغذائي على وجبة متكاملة واحدة في اليوم من  «الكروكيت»، وذلك لضمان الحفاظ على لياقتها البدنية، مع التدريب المتواصل،  كما أن لكل كلب بطاقة تقنية تحدد اسمه و ترقيمه، و يخصص للكلب البوليسي أيضا دفتر تلقيح و جواز سفر.

أما عن سر اختيار سلالة الراعي البلجيكي، فذلك لأنها تتمتع بحاسة شم قوية، كما يعرف عن هذا الكلب الوفاء و الإخلاص و المعروف أن هذه السلالة التي اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر، تتميز بالقوة و الذكاء و سهولة التدريب على الطاعة طوال حياتها المهنية التي تتراوح بالعموم بين 12 إلى 15 سنة.
قائد فرقة الأنياب قال، بأن الراعي البلجيكي، يعتبر بطل المهمات الصعبة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالكشف عن المخدرات، و قد حققت كلاب الفرقة نتائج جد هامة على مدار سنوات تجنيدها، وساعدت في حل العديد من القضايا و اكتشاف كميات معتبرة من المواد المخدرة و الممنوعات.
  من أهم القضايا التي سجلت مؤخرا وشاركت فيها الكلاب السينوـ تقنية، ذكر ملازم الشرطة بلال بن خليفة، قضية حجز 2000 كبسولة من المؤثرات العقلية و كمية من المخدرات الصلبة بالخروب، كما ساهمت الكلاب البوليسية في حجز كمية كبيرة من المخدرات، كانت مخبأة بشكل احترافي في سيارة أحد المروجين، حيث أوضح الملازم، بأن كلاب الكشف عن المخدرات، تستمر في خدش المكان محل الاشتباه، إذا التقطت شيئا، عكس كلب الكشف عن المتفجرات، الذي يكتفي بالجلوس في الموقع المشبوه، في حال استشعر أي خطر.
«برينو» و «تينا» .. مكانتهما خاصة
 رافقنا قائد الفرقة في جولة ميدانية داخل مصلحة الأمن العمومي، أين اطلعنا عن قرب، على ظروف العناية بالكلاب، و حضرنا جانبا من تدريباتها، ورغم أن كل الكلاب قدمت أداء استثنائيا، من حيث الانضباط و القوة و الذكاء في تلقي الأوامر و تنفيذها، إلا أن كلبة واحدة استطاعت أن تخطف الأنظار، و هي « تينا»  المتخصصة في اكتشاف المتفجرات، و التي تعد الوحيدة في مجال اختصاصها ولائيا، كما أنها من أفضل عناصر فرق الأنياب التي تتوفر عليها المديرية العامة للأمن الوطني، بالنظر إلى كفاءتها العالمية و دقتها في تحديد الأهداف، كما أكد مدربها الحافظ أول للشرطة يوسف مرداوي، مشيرا إلى أنها تلقت تدريبا عالي المستوى، لذلك تعد مفخرة للمصلحة. قدم لنا مدرب الكلبة، استعراضا مفصلا لمدى براعة تينا ميدانيا، حيث استطاعت أن تتفوق بامتياز في اختبار للكشف عن سلاح و مادة متفجرة في ظرف دقيقتين فقط من وصولها إلى موقع الاختبار، حيث استشعرت وجود الخطر، و حددت موقع كل هدف على حدا، و كانت هادئة جدا في الكشف عن ذلك، من خلال اتخاذ وضعية الجلوس في النقطة المشبوهة.

نفس الأداء قدمه أيضا الكلبان المتخصصان في الكشف عن المخدرات « با» و «بلاك»، والذين استطاعا تحديد كل الأهداف بدقة متناهية و ببراعة، لا تقل عن مستوى « برينو»،   أقدم أعضاء الفرقة و الأكثر عطاء ميدانيا، حيث يعتبر هذا الكلب متحريا من الدرجة الأولى، و قد اكتسب سمعته و مكانته بفضل سنوات عمله في المصلحة التي استقبلته قبل عشر سنوات، حيث تمرس على التفريق بين العديد من الروائح و اكتشاف مختلف أنواع المخدرات و المواد المهلوسة و المؤثرات العقلية، كما أصبح قادرا على مناورة كل محاولات التشويش و التضليل التي يتبعها المجرمون للتستر على الممنوعات، كاستخدام التوابل و بول إناث الكلاب، للتأثير على تركيز الكلب و تشويش حواسه.
علاقة مهنية و رابط عاطفي
تعتبر العلاقة بين الممرن أو المدرب و الكلب البوليسي «علاقة متعدية»، حسب محدثينا، تنتقل من الرابط المهني إلى بعد عاطفي أعمق، يتشكل في فترة التدريب التي تبدأ بمرحلة أولية هي التعود و التآلف، والتي يصبح خلالها الكلب خاضعا لإرادة ممرنه، و مستعدا لتنفيذ كل أوامره، مقابل مكافأة صغيرة، تكون في الغالب لعبة من قماش يغرز فيها أنيابه و أصل هذه اللعبة، هو في الحقيقة منشفة تستخدم خلال المرحلة الثانية من التدريب، و تخصص للتعرف على الروائح، عبر تركيزها في منشفة معينة، حيث توضع رائحة البارود مثلا، للكلب المختص في البحث عن المتفجرات والأسلحة في منشفة، و يقوم بعد ذلك المدرب، بإخفائها لينطلق الكلب في البحث عنها. ورغم الألفة والعلاقة القوية التي تربط الكلب بمدربه، إلا أن لهذه المهنة مخاطرها، كما أكد، حافظ الشرطة منار ماضي، ممرن الكلب «بلاك»، مشيرا إلى أن الحوادث قد تقع في أية لحظة، وقد يقوم كلب بعض مدربه بقوة، كما سبق وأن حدث معه خلال مساره المهني، حيث أخبرنا بأنه تعرض سابقا لحادثة مماثلة تركت ندوبا على ذراعه، قال بأنه يعتبرها أوسمة شرف حقيقية و تتويجا ل17عشرة سنة كاملة، من العطاء المتواصل مع فرقة الأنياب.
 هدى طابي