أشرف وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، أمس الثلاثاء، بجامعة الدكتور مولاي الطاهر لسعيدة، على إطلاق أول نظام جزائري لتشغيل الحواسيب...
دعا ممثل الجزائر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أول أمس الاثنين، مجلس الأمن إلى فرض احترام قراراته المتعلقة بالشرق الأوسط إذا ما أراد «استعادة...
سيحول مسار حركة السير للمركبات المتوجهة نحو الجزائر العاصمة انطلاقا من خميس الخشنة (بومرداس) و موزاية (البليدة) عبر الطريق السيار إلى داخل أروقة...
* تعيين رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي السعيد شنقريحة وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع * وزراء العدل، التربية ، الصناعة والاتصال أبرز المغادرين * تقسيم...
يحافظ المصلون بولاية ميلة مع نهاية كل رمضان، على تكريم أئمة التراويح على المجهودات التي يبذلونها طيلة الشهر الفضيل، من خلال جمع أموال وهدايا تحت مسمى أو ما يعرف بعادة «الملمة»، وتقديمها للإمام في اليوم الذي يتم فيه ختم كتاب الله عز وجل.
وقفنا خلال جولة استطلاعية بعدد من المساجد بولاية ميلة، على محافظة الناس على هذه العادة الحميدة الراسخة في تاريخ المدينة، حيث يأبى المصلون التفريط فيها لما فيها من شكر وعرفان لأئمة التراويح، كما أنهم ينتظرون بشغف كبير الأيام الأخيرة من شهر رمضان الفضيل من أجل تكريمهم.
اعتراف بالفضل
قال لنا العديد من المواطنين بأن عادة «الملمة» موجودة منذ القدم، حيث يسعى من خلالها الناس لتكريم ومساعدة أئمة التراويح خاصة الأئمة المتطوعين الذين يأتون من ولايات مجاورة ويتكبدون عناء السفر والبعد عن الأهل والأحبة من أجل إمامة الناس خلال شهر رمضان، وأفاد عمي كمال وهو أستاذ لغة فرنسية متقاعد ينحدر من بلدية سيدي مروان، بأن المواطنين بمنطقته يحافظون على هذه العادة الحميدة حسب تعبيره، لأنها ترمز للاعتراف بمجهودات الأئمة ومكافأتهم بطرق مختلفة وذلك للرفع من شأنهم وقيمتهم وحثهم على مواصلة حفظ وقراءة كتاب الله، قائلا بأن هذه العادة من أخلاق الإنسان المسلم.
وأضاف ذات المتحدث، بأن المواطنيين يسارعون طيلة شهر رمضان إلى الاعتناء بأئمة التراويح خاصة القراء الذين يأتون من خارج الولاية، مؤكدا بأن هنالك الكثير منهم، وأردف قائلا : « هناك من يقومون بتأجير وتخصيص منازل لإيواء الأئمة طيلة شهر رمضان، بالإضافة إلى توفير الإفطار و السحور لهم، حيث يتنافس الناس في خدمتهم واستضافتهم على موائد إفطارهم طيلة رمضان، ليتقاسموا معهم طعامهم و يشاركوهم عاداتهم وتقاليدهم، ناهيك عن أن هذه الدعوات تعوض الإمام المتطوع عن عائلته التي تركها ليخدم بيوت الله في أماكن أخرى».
وأشار عمي كمال، إلى أن عادة «الملمة» كثيرا ما تنظم في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وتحديدا بداية من اليوم 20، أو في ليلة ختم كتاب الله حيث يتم وضع صندوق عند مدخل المسجد مكتوب عليه «تكريم الإمام» أو يفرش منديل كبير عقب صلاة التراويح لتجمع فيه المساهمات، حيث يتكرم كل مصل بالقدر الذي يتوفر لديه من المال، كما أن هناك من يفضلون تقديم بعض الهدايا للإمام، ناهيك عن الكلمة الطبية والدعاء له بالخير والصحة، عرفانا بالمجهودات التي بذلها، و هي عادة تعبر عن الشكر والامتنان.
* إمام مسجد التوبة بمدينة ميلة خالد زغواني
عادة تعبر عن قيّم و لا فرق بين متطوع أو موظف
أوضح إمام مسجد التوبة بمدينة ميلة، خالد زغواني، بأن هذه العادة موجودة في كثير من المناطق عبر ربوع البلاد، حيث يقوم الناس بتكريم أهل القرآن لأنهم خدموا بيوت الله خلال شهر رمضان، وهي دليل على القيم الاجتماعية المهمة التي تضع المرجعية الدينية في مرتبة عليا و تقدس الدين الإسلامي، وذلك ينظر إلى الأئمة كرجال من نخبة المجتمع، يحفظون كلام الله عز وجل و يحافظون عليه، وبالتالي فإن مكانة من يعلم القرآن أو من يصلي التراويح بالناس كبيرة و لذلك يشرفهم ويكرمهم الناس، وقد قال الرسول الكريم بأن أهل القرآن هم أهل الله و خاصته.
وقال الإمام، بأن سكان ولاية ميلة، ألفوا فكرة تكريم من يصلي بهم التراويح سواء كان موظفا أو متطوعا أو وافدا جديدا، مضيفا بأن جل المساجد والمصليات التي تقام فيها صلاة التراويح في الأيام الأخيرة تعرف اهتماما بهذه العادة، حيث يقوم الناس بجمع الأموال بطريقة منظمة لمن يصلي بهم التراويح، إكراما وتشجيعا وتحفيا له، و بهدف إعلاء قيمة أهل القرآن.
وأضاف ذات المتحدث، بأن الإكراميات تختلف من شخص إلى أخر فهنالك من يقومون بتقديم الهدايا على غرار القمصان و المصاحف، أو البرنوس إلى جانب تبادل الكلمات الطيبة والدعاء بالخير لمن أمهم لرفع معنويات المتطوعين خاصة الشباب، ناهيك عن تقديم الأموال كذلك، مؤكدا بأن جل أئمة التراويح يأتون من خارج الولايات و لذلك يهتم بهم الناس كثيرا لأنهم ضيوف.
وواصل المتحدث قوله، بأن هناك مواطنين قاموا هذه السنة، بتأجير منزل لإقامة ثلاثة أئمة تراويح قدموا من خارج الولاية، مضيفا، بأن هناك أئمة يأتون قبل حلول الشهر الفضيل بأيام، ليتطوعوا لصلاة التراويح في رمضان لما رأوه من محبة الناس، مؤكدا بأن هذه العادة تعتبر من بين العادات الإيجابية التي يجب الحفاظ عليها لما فيها من رفعة لكلام الله عز وجل و رفع لمعنويات شبابنا القراء وحفظ القرآن.
من عادة إلى سنة
ومن جهته وصف أستاذ التربية الإسلامية المتقاعد، بن مسيعود محمد، عادة «الملمة»، أو الإكراميات المكرسة على مستوي الوطن ككل و في ولاية ميلة تحديدا، بالسنة الحميدة التي بدأها الأولون ودأب عليها أهل المنطقة، و قال بأنها عادة متوارثة عبر الأجيال هدفها زرع حب القرآن و احترام الدين وتقديسه في قلوب الناس، وفيها أيضا تعظيمهم لرمضان ومحبة للأئمة من باب التعلق بكلام الله، ولذلك يجود الناس عليهم بالهدايا والإكراميات في الليالي العشر المباركات، بعدما يعتنون بهم طوال أيام الشهر من خلال ضمان إفطارهم و سحورهم.
وأضاف، بأن الإكراميات تختلف من شخص إلى أخر كل حسب مقدرته، فيوجد من يقدم أموالا ويوجد من يقدم الهدايا، وتختلف أشكال الشكر والإكرام باختلاف مستويات الناس، مؤكدا بأنها بالعموم عادة حميدة، تخلق جو أخويا وتنشر المحبة بين أفراد المجتمع خاصة بين الإمام و سكان المناطق التي ينشط فيها طيلة شهر رمضان، مشيرا إلى أن هناك أئمة يجددون عهدهم سنويا بمساجد معينة، لما لقوه من ترحاب وعناية من أهلها.
وقال، بأن من بين مميزات هذه العادة أنها تقوي شبكة العلاقات الاجتماعية، مؤكدا بأن الأئمة الذين يتنقلون من و إلى ولايات بعيدة جدا يتزوجون هناك و تتوطد العلاقة بينهم وبين سكان تلك المناطق أكثر.
* مُدير الشؤون الدينية كمال دراحي
أحصينا 177 إماما متطوعا هذا الموسم
من جانبه، قال المدير المحلي للشؤون الدينية والأوقاف، كمال دراحي، بأن «الملمة»، عادة حميدة تشجع حفظة كتاب الله على مواصلة التزامهم، كما أن هنالك أشكالا متنوعة للتضامن الذي يقوم به الناس اتجاه أئمة التراويح خلال شهر رمضان، وذلك تعبيرا منهم على محبتهم واحترامهم لأخل الذكر، و الإقرار بالمعروف الذي يقدمونه من خلال إمامة الناس خلال الشهر الفضيل بعيدا عن عائلاتهم.
وأضاف، بأن الأئمة أو القراء يحرصون كل الحرص على تجنب الخطأ حتى في الحركة والسكون قائلا: « يجب علينا الحفاظ على هذه العادة وإنماؤها لأنها تدل على تكريم كتاب الله وحفظته»
وأضاف بأن عدد المتطوعين هذا الموسم ، بلغ 177 إماما على مستوي إقليم ولاية ميلة، قدموا من غرب وجنوب البلاد، لأداء صلاة التراويح في المساجد والمصليات حيث تتوفر ميلة على 497 مؤسسة بين مساجد ومصليات، مضيفا بأن الولاية عرفت هذه السنة تحديد القراءة في المساجد بحزبين في اليوم خلال صلاة التراويح، وذلك من أجل ختم كتاب الله كاملا عكس المواسم السابقة التي طبعتها إجراءات فرضتها جائحة كوفيد19. مكي بوغابة