يختبرون متعة السباحة في وادي جن جن : منطقة «أزاون» حاضنة عشاق الطبيعة بأعالي جيجل

تحتضن أعالي جيجل منطقة فريدة من نوعها تأسر قلوب عشاق الهدوء والراحة والمتلذذين بالسباحة في المياه العذبة الباردة وسط خضرة الطبيعة، ويتعلق الأمر بـ «أزاون» أو ما يعرف لدى السكان المحليين بـ «تامسيلت»، ساحرة العيون وحاضنة عشاق الاستجمام بالوديان من مختلف الولايات.

تقع أزاون بين بلديتي وجانة والأمير عبد القادر، ضمن امتداد وادي جن جن المعروف بمياهه العذبة التي لا تجف طوال السنة، فقد صنعت الطبيعة منطقة فائقة الجمال، تحت جسر يعتبر الرابط بين المنطقتين، أين يدفعك جمال المكان للوقوف والاستراحة مرغما.
أقرب مسافة للوصول إلى منطقة أزاون من عاصمة الولاية، تكون بالمرور عبر قاوس والأمير عبد القادر، على عكس التوجه عبر الطاهير، فقد استغرقنا ما يقارب 30 دقيقة بالمركبة. لدى وصولنا للمكان، شاهدنا حجم الاكتظاظ المروري، جراء السيارات المركونة على حافة الطريق، وعشرات الدراجات النارية، بالإضافة إلى عائلات كانت تسير على الأقدام متجهة صوب الوادي، أما الجسر فتحول إلى ما يشبه معلما سياحيا، أين كان عشرات الشباب والعائلات يطلون منه باتجاه الوادي.
والملاحظ بالمنطقة انخفاض درجة الحرارة مقارنة بباقي النقاط، بفعل الهواء المنعش الذي يجذبك باتجاه الوادي، أين لم نتصور أن نجد هذا العدد الهائل من الزائرين من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى العائلات.
زوار أحبوا هدوء المكان وجماله
أخبرنا شاب من المنطقة بأن أزاون تشهد إقبالا للزائرين منذ بداية الربيع وإلى غاية الخريف، وتعرف اكتظاظا خلال موسم الاصطياف، بحيث تلجأ العائلات القاطنة بجوار المنطقة من البلديات القريبة إلى هذا المكان قصد الاستمتاع بوقتها والراحة، كون الوادي من بين الأماكن السياحية الوحيدة والملائم خلال موسم الحر.
منطقة أزاون معروفة منذ سنوات، لعدة مقومات، أبرزها الهدوء وانخفاض درجة الحرارة مع الهواء المنعش، بالإضافة إلى مميزات وادي جن جن بمياهه الصافية والغزيرة على طول السنة، وقال الشاب إن المكان كان في السابق قبلة للعائلات التي لا تملك وسائل النقل، لقضاء فترة من الراحة والسباحة بالوادي، و مع مرور السنوات، بدأ صداه يأخذ منحنى آخر، وأضحى معروفا لدى زوار الولاية.
وبفضل المنطقة، انتعشت تجارة كراء المنازل من طرف عائلات من خارج الولاية خلال موسم الاصطياف، خصوصا من الولايات الداخلية، بسبب حبها للطبيعة والهدوء، وتفضيل قضاء العطلة بعيدا عن اكتظاظ الشواطئ، كما أن سعر كراء المنازل في المناطق الجبلية يكون منخفضا.
عندما تطل من الجسر، تشاهد عشرات الأطفال يسبحون بالوادي، وعائلات جالسة بجواره، فالجميع مستمتع بوقته، بين السباحة والراحة. واصلنا السير باتجاه الوادي، أين كانت بعض العائلات مجتمعة تتبادل أطراف الحديث.
أخبرتنا ربة بيت بأنها قدمت رفقة شقيقها إلى المنطقة، التي تعشقها منذ الصغر، وبالرغم من تنقلها إلى خارج الولاية والاستقرار بسكيكدة، إلى أن عشقها لوادي أزاون لا ينقطع، حيث تفضل في كل عطلة القدوم إليه من أجل الراحة والاستجمام، بسبب مميزاته الفريدة من نوعها.
والجميل حسب المتحدثة، أن المنطقة تزاوج بين الطبيعة الخضراء العذراء ومياه الوادي الصافية والعذبة، لتضيف قائلة «عند جلوسك ووضع الأرجل في المياه تحس بالبرودة التي تتسلل إلى العظام لتعطيك الراحة وتزاحم درجة الحرارة التي تتعب الجسد، بحيث نحاول رفقة عائلتي قضاء معظم الوقت بالمنطقة، ونترك مجالا للأطفال من أجل السباحة في المياه العذبة».

التقينا بعائلة أخرى كانت تستمتع باللعب بالمياه الباردة، وتبين بأنها قادمة من ولاية سطيف، إذ يعتبر الوادي من بين الأماكن التي تقصدها خلال موسم الاصطياف، وذكر رب العائلة بأنه تعرف على المنطقة من قبل صديق يقطن ببلدية وجانة، أخبره بسحر المكان، ولدى زيارتها أحبها كثيرا، وحتى أفراد أسرته استحسنوا المكان الهادئ والجميل، وأضحى في كل زيارة لولاية جيجل ملاذا لهم للبحث عن النسمات المنعشة بعيدا عن ضوضاء البحر على حد قوله.
أكشاك وخدمات للعائلات
وأنت تتجول عبر الوادي، تلاحظ العشرات من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية يسبحون في مياهه الباردة التي تنعش الجسم، كما أن السباحة به حسبهم لا تشكل خطرا على الأطفال، بسبب عدم وجود أماكن عميقة. والجميل في المنظر وأنت تتجه نحو الجهة الجنوبية من الوادي، تواجد العائلات المنتشرة في كل مكان، فالجميع جالس مستمتع بوقته.
وقد عمل أبناء المنطقة على تحسين المكان، بحيث قامت مجموعة منهم بإنشاء فضاءات للراحة على ضفاف الوادي، وآخرون قاموا بإنجاز أكشاك وحظيرة سيارات، سمحت بتحسين ظروف الاستقبال، إذ أن العائلات والزوار وجدوا ضالتهم.
 ويقدم أحد الأكشاك خدمات الإطعام، وبأسعار تنافسية مع إنشاء حظيرة مركبات، والقيام بتهيئة مساحة لألعاب الأطفال، الأمر الذي استحسنه الزائرون للمكان، إذ كانوا في فترات سابقة يجدون صعوبة كبيرة في اقتناء الطعام ومختلف اللوازم مع صعوبة ركن المركبات.
كما اغتنم شباب المنطقة هذه الفرصة لإعانة أنفسهم ماديا بشتى الطرق، مما يزيد الموقع قيمة مضافة وشهرة، حيث يقومون بتقديم بعض الخدمات المطلوبة بكثرة، منها تحضير وجبات سريعة إلى جانب ضمان أمن ممتلكات رواد الموقع.
وأشار صاحب كشك قائلا «لقد عملت على استغلال الأرض التي نملكها، وتحويلها إلى فضاء خدماتي للزائرين بتوفير مكان للإطعام وركن المركبات وكذا توفير بعض المستلزمات، وجل الأسعار المقدمة في متناول العائلات وزوار الفضاء الخلاب، إذ ثمنت العائلات المبادرة التي قمت بها وجعلنا من المكان فضاء سياحيا بامتياز، فمن غير المعقول أن يأتي الزوار من مختلف البلديات قصد الاستمتاع بالطبيعة من دون توفر بعض الخدمات المرافقة».

ويأمل محدثنا في تطوير نشاطه نحو الأفضل، لكن غياب الكهرباء أثر سلبا على النشاط، بحيث وجه نداء للجهات الوصية بضرورة تقديم الدعم فيما يتعلق بالكهرباء ما سيسمح مستقبلا بثمين الفضاء وتوفير الإنارة بجوار الوادي، ما يجعل العائلات تقضي وقتا أطولا بالمكان.
أغلفة مالية متواضعة للتهيئة
وذكر رئيس بلدية وجانة، فؤاد عسكر، بأن المنطقة تشهد إقبالا كبيرا وبالأخص في الآونة الأخيرة، بعد تهيئة الطريق البلدي بين الأمير عبد القادر ووجانة، ما سمح للعائلات بالتنقل بأريحية من معظم البلديات المجاورة، مع وجود مساع قصد تثمين الفضاء السياحي وجعله قبله، بحيث تم تخصيص غلاف مالي بسيط على غرار إضافة الإنارة العمومية وتهيئة خفيفة في ظل نقص موارد البلدية، مثمنا مساهمة الشباب في تهيئة بعض الفضاءات على طول الوادي مع حسن استقبال الزوار.
وقال رئيس البلدية بأنه تمت تهيئة وفتح الطريق باتجاه الوادي، بعد موافقة ملاك أراضي، ما سمح بإنقاص الضغط عن الطريق الرئيسي وكذا إمكانية ركن المركبات بالقرب من الوادي، وقال المتحدث بأن هناك مساع عديدة وفق توصيات والي جيجل، بتثمين المرافق السياحية وفق استراتيجية المجلس الحالي، حيث يأمل في تخصيص أغلفة مالية من قبل السلطات الولائية في ظل شح ميزانية البلدية، مع ضرورة توصيل الإنارة الريفية وهو حلم يراود السكان، إلى جانب الدعوة للحفاظ على المكسب السياحي وتثمينه واستغلاله بشكل جيد.
كـ. طويل