ولد دون ذراعين و التحق بالمدرسة لأول مرة في سن 15

الصحفي كريمو  مادي يداعب الحاسوب بأصابع  قدميه و يمارس مهامه بكل احترافية

لم تمنع الإعاقة التي ولد بها كريمو مادي،35 عاما، من النجاح في الحياة، ليصبح من أبرز الصحفيين من ذوي الاحتياجات الخاصة بالقناة الإذاعية الثانية الناطقة باللغة الامازيغية، كما يعد وجها تلفزيونيا معروفا بالقناة الرابعة في حصة "مرحبا" التي يطل فيها على المشاهدين و يقدم ضيوفا للجمهور من مختلف المجالات، منهم رؤساء جمعيات وكتاب ورياضيين و أطباء و نفسانيين وشخصيات وغيرهم، كما يشارك في الملتقيات التي تقام عبر الوطن بتقديم محاضرات حول تكنولوجيات الاتصال، لأنه متخصص في الصحافة الالكترونية.يداعب كريمو الذي ولد دون ذراعين الحاسوب بأصابع قدميه، يكتب و يتواصل مع غيره، مثل أي إنسان عادي ولم يعترف أبدا بالإعاقة، قام بعدة تربصات في مختلف دول العالم  وبفضل مؤهلاته وكفاءاته و تخصصه في تكنولوجيات الإعلام ،تم تعيينه رئيس دائرة مكلف بإدارة موقع "واب" القناة الثانية الذي أنشء في جوان 2014، وكان قبلها منسق موقع الانتخابات الرئاسيات في أفريل من نفس السنة.
شارك كريمو في الطبعة السادسة لمسابقة نجمة الإعلام سنة 2012،  و فاز بالمرتبة الثانية في جائزة الإنتاج الإذاعي عن تحقيقه " تكنولوجيات الإعلام والاتصال ومساهمتها في إدماج المعوقين " الذي بث على أمواج القناة الثانية، و تم تكريمه من طرف مديرية الغابات في تلمسان سنة 2013 حول حصته الخاصة بالبيئة ،وفي 2014 كرمته اتصالات الجزائر عن حصته "ثغمسى دز" أي صحافة الجزائر ، و تحصل مؤخرا على المرتبة الأولى في مسابقة حول "أحسن عمل إعلامي حول العنف ضد الطفل" من تنظيم وزارة التضامن الوطني و الإذاعة الوطنية، بالتنسيق مع اليونيسيف ، وشارك بروبورتاج من 13 دقيقة حول طفل التوحد، رفقة زميلتيه من القناة الثانية  شهرزاد آيت موهوب و نورية ساحل.
كريمو مادي التقت به النصر، في حفل تكريم أقيم على شرف ذوي الاحتياجات الخاصة ومجاهدي منطقة بلدية تيرمتين في تيزي وزو، من تنظيم الجمعية العلمية "طريق المعرفة" لقرية تيرمتين، و أكد بأن إعاقته لم تكن أبدا حاجزا أمام طموحاته ونجاحه في الحياة، بل تمكن من الاندماج بسهولة في المجتمع، خاصة وأنه استطاع التفوق في الدراسة، وهو ما فتح له آفاقا واسعة.
ولد في 29 جانفي 1980 في تيزي وزو،هو ابن قرية أمقذول في بلدية تيرمتين، 16 كلم جنوب تيزي وزو، ولد دون أطراف و تكفلت شقيقته بتدريسه في المنزل وسطرت له برنامجا خاصا حتى يتمكن من التعلم ، و شاءت الأقدار أن يلتحق بمقاعد الدراسة بعدما بلغ سن 15 ،وقال بهذا الخصوص:"التحقت لأول مرة بالمدرسة، بصفة رسمية ،يوم 16 أكتوبر  1995 وتحصلت على شهادة التعليم الابتدائي بمعدل 14، بعد  ثمانية أشهر فقط من الدراسة، ثم اتنقلت إلى المتوسطة ودخلت إلى الثانوية، وتحصلت على البكالوريا عندما اجتزتها لأول مرة بمعدل 12 ."
و سجل كريمو مادي في كلية الإعلام و الاتصال بجامعة بن عكنون في الجزائر العاصمة، وبعد أربع سنوات من الاجتهاد و المثابرة تخرج في 2006 بشهادة ليسانس تخصص سمعي بصري.
مساره المهني بدأه في 2003 عندما أعد حصة للإذاعة ، وعرض عليه المدير الراحل محمد ساعو التعاون مع الإذاعة واشتغل فيها حتى نهاية أفريل 2004 وكان في نفس الوقت طالبا جامعيا، وبعد تخرجه من الجامعة في 2006 عاد إلى الإذاعة ،وتم تعيينه رسميا في 2007  من طرف عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة الحالي الذي كان آنذاك مديرا عاما للإذاعة الوطنية ، ليشرف على العديد من الحصص مثل "مبلى ثيليسى" أو "بلا حدود" ،الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وحصة أخرى خاصة بالشباب وغيرها .هذا إلى جانب إعداده  لروبورتاجات مختلفة.  
وعن تفوقه في مساره الدراسي والمهني، قال كريمو: "ليست لدي أي صعوبات، أستعين بأصابع قدمي في كل شيء وأجد ذلك عاديا، أقنعت نفسي بأن الإنسان يجب أن يفيد المجتمع، ويتمتع بالفكر الايجابي. أحيانا أقدم محاضرات بالمجان، ولا أنتظر أي مقابل مادي لأنني أقدم عملا لوطني،أتمتع دائما بنظرة إيجابية للحياة و أنا مؤمن بإرادة الله و بأن النجاح  لا حدود له، يجب أن تفرضه أنت بنفسك، وحينما تتوفر الإرادة يتضح الطريق وتتحقق الأحلام، هذا ما جعلني أتحدى  الإعاقة منذ صغري، أنا اليوم أشتغل وأسست أسرة، أنا متزوج وأب لطفلة ".
 سامية إخليف