ظلم مرتين ويناشد رئيس الجمهورية تسوية ملف سكنه

عمي الصادق.. كفيف يوجه  المبصرين بالقل
واثق الخطوة يمشي، لا يكل ولا يتعب ، هو نموذج للإرادة القوية والصبر وعزة النفس، عمي الصادق شريبط درويش، مضرب المثل في التحدي بمدينة القـــل فهو كفيف لكنه لا يحسب نفسه معاقا، بل إنسان عادي،  يعرفه الجميع و يحبه الكثير، تجده يتجول  تارة وحيدا وأخرى مع مرافق ، نظاراته السوداء وعصاه  لن يتخلى عنهما ، يحب الخير ويقدم المساعدة للمحتاجين ويرشد ويوجه حتى  المبصرين ، يعرف تفاصيل المدينة تاريخا وجغرافية، يميز بين الأشخاص من خلال نبرات أصواتهم، ويمكنه التعرف عليك بعد  أول حديث لك معه، ملم  بكل الأحداث ويحب المزاح ويبعد اليأس من قلوب الحائرين ينطق بالكثير من الحكمة،التقينا به بمناسبة اليوم الوطني للمعاقين وفتح لنا صدره وكشف عن الكثير من حياته ويومياته.
أكد عمي الصادق أنه  ولد  ذات يوم من سنة 1952 بقرية» أفنسو» بجبال القل ولم ير النور طوال حياته ، أين أصيب مباشرة بعد ولادته بمرض الحصبة وهولا يتجاوز 6 أشهر من العمر، وبسبب فقر عائلته وقتها وظروف الاستعمار الفرنسي لم يتمكن من تلقي العلاج،  ففقد البصر نهائيا ليصبح كفيفا مائة بالمائة ، وبعد تنقل عائلته سنة 1967 إلى مدينة القل بدأت حياته تتغير تدريجيا، حيث تعرّف على  الكثير من الأصدقاء وكسب حب الناس ، وكبر معه الحلم لتكوين  أسرة ، وبعد سنوات من العمل كبائع الفول السوداني ( الكاوكاو) في الأسواق والملاعب،تمكن من الظفر بعمل في القطاع الصحي سنة 1983 بعد صدور قانون توظيف المعاقين ، وعمل كموزع الهاتف بمستشفى القــــل  وتنقل بين العديد من المصالح الاستشفائية  إلى أن أحيل على التقاعد سنة 2012 كعون بالمخبر.
  أسر إلينا  أن علاقته مع الأطباء والممرضين كانت عائلية وبقي يحتفظ بالكثير من العلاقات حتى بعد إحالته على التقاعد، و أضاف متحدثا عن المشاكل التي صادفته عند إعداده لملف التقاعد و التي قال بأنه تمكن من تجاوزها،  بفضل إرادته و اعتماده على نفسه، مؤكدا أن الإعاقة ليست في فقدان البصر أو أي حاسة أخرى بل الإعاقة في القلب والعقل مؤكدا قول الله تعالى : « أنها لا تعمى الأبصار بل تعمى القلوب التي في الصدور « يقول كذلك أنه يعتمد على نفسه في التنقل لشراء أغراضه في مدنية القل وحتى أثناء السفر لأنه يملك إرادة قوية يمكنه التعرف بسرعة على التغيرات التي تحدث في جغرافية المدنية أين تنتشر يوميا الحفر والخنادق وجراء الأشغال العشوائية ، إلا أنه يتمكن  من التأقلم مع كل التفاصيل الجديدة.

أمنيتي تسوية ملف السكن للتكفل بزوجتي

بالموازاة مع ظفره بمنصب عمل تحصل عمي الصادق عل مسكن  اجتماعي من غرفتين بالطابق الأول من عمارة بحي بولخصايم محمود بالقل  سنة 1985 تابع لديوان الترقية والتسيير العقاري ( الأوبيجي ) عمل على تسوية سنوات الإيجار لكنه وجد صعوبة كبيرة  لتسوية ملف شراء السكن ، أين تفاجأ عند تقدمه بطلب الشراء  إلى إدارة «الأوبيجي» بالرد أن السكن الذي يقيم فيه تابع للقطاع الصحي ولا يحق له شراؤه ، وهو الرد الذي اعتبره الصادق تحايلا عليه ودافع بكل قوة لاسترجاع حقه، وقال أن إدارة «الأوبيجي» اعتمدت على شهادة  كشف الراتب التي وضعت في ملف الاستفادة من السكن و كتب عليها أن المستفيد من السكن  عامل  بالقطاع الصحي،  وبعد جهد جهيد وسنوات من التنقل بين الإدارات تمكن الصادق  من تسوية المشكل، بعد حصوله على وثيقة من إدارة القطاع الصحي بالقل، تؤكد أن المسكن الذي يحتله غير تابع  لمصالحها  وهي الوثيقة التي أعادت له حقه في السكن و جعلت إدارة «الأوبيجي»  تعمل على تسوية السكن باسمه ، لكن مسلسل المشاكل لم ينته بالنسبة لعمي الصادق ، الذي و بعد تسوية ملف شراء المسكن، واجه مشكلة ثانية و المتعلقة بعدم استفادته من التخفيضات المخصصة للمعاقين والمقدرة بـ 40 بالمائة من مستحقات  الإيجار أو الشراء ليبقى عمي الصادق يبحث عن السند القانوني  حسبه في الجريدة الرسمية ، وبالرغم من عثوره عليه، و مراسلته لكل الجهات المعنية من إدارة الأوبيجي» إلى الوزير الأول، و وزير الداخلية مثلما قال، إلا أن قضيته ما زالت عالقة ، و هو اليوم يناشد رئيس الجمهورية التدخل قصد إنصافه واسترجاع  حقه بقوة  القانون  وإتمام ملف شراء  السكن والحصول على عقد الملكية باسمه، ليحقق أمنيته الوحيدة التي لا زال يحلم بها، بعدما حقق حلم الحصول على العمل و السكن ثم  الزواج ، و أكد بأنه مرتاح، ولا ينقصه شيئا اليوم،  لأن منحة التقاعد تكيفه بالرغم من مرض زوجته، مثلما قال، وهو الوضع الذي أصبح  لا يسمح له بالتنقل كثيرا في الوقت الذي كان في السابق كثير التنقل إلى سكيكدة للاتصال بجمعية المكفوفين، لكن اليوم يقول أن يهتم  فقط بزوجته وشؤونه حيث لم يرزق بالأولاد، ويمكنه تحقيق الحلم  الكبير بتسوية عقد ملكية السكن  من أجل التفرغ  لزوجته المريضة و المؤنس الوحيد له في البيت، ويتأسف من جهة ثانية أنه لم يحظ بالتكريم  في مدينة  القــل إلا مرة واحدة من قبل السيد والي  سكيكدة السابق جمال الدين صالحي الذي أهداه مصاحف بمناسبة عيد الاستقبال والشباب وهي الذكري الوحيدة التي مازال يحتفظ بها ، وبمناسبة اليوم الوطني  للمعاقين يوجه عمي الصادق النصيحة  إلى كافة المعاقين  وذوي الاحتياجات الخاصة ويقول  لهم لا تمدوا  أيديكم للآخرين، واعتمدوا على أنفسكم، لأن « اليد العليا  خير من اليد السفلى « ومدوا أيديكم إلى حبل الله وحده، وبالإرادة تصنع الحياة ، للإشارة أننا حاولنا أخذ رأي مدير «اوبيجي» بولاية سكيكدة في قضية عمي الصادق إلا أنه تعذر علينا، كون هاتف الإدارة لم يرد على اتصالاتنا.                     

بوزيد مخبي