الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
تراث حضاري يحتضر تحت الأقدام بقرية الحلايمية بأم البواقي
يصطدم زوّار قرية الحلايمية الواقعة بسيقوس التابعة لولاية أم البواقي، بالعدد الكبير للآثار العجيبة و المهملة المترامية، حيث تواصل الأطلال الحجرية صمودها، لتقص على من يقترب منها تاريخا كبيرا عاشته المنطقة قبل آلاف السنين، و إن لم يعد يرسمه واقع اليوم، بسبب صعوبات العيش التي يعاني منها سكان المنطقة، الذين رغم بساطتهم، يساهمون في الحفاظ على الموقع و حمايته، و يطالبون من السلطات المعنية التدخل لدراسته و تصنيفه، و استخراج ما هو مخفي منه و مجهول تحت الأرض، مُبدين تخوّفهم من أن تعبث يد الدهر به و تقضي على ما تبقى من آثار، خصوصا و أنهم يعتبرون الموقع جزءا من تاريخهم.
روبورتاج : سامي حباطي/ تصوير : الشريف قليب
النصر نقلت هذا الروبورتاج من قرية الحلايمية الجبلية، و الواقعة على بعد حوالي 7 كلم عن مدينة سيقوس، على الطريق المؤدي إلى عين مليلة بولاية أم البواقي، و تحديدا بالمنطقة المسماة سيلة، أين تختفي أسرار كبيرة خلف هدوء المكان.
فسيفساء و كتابات باللغة اللاتينية على الحجارة
أخبرنا سكان القرية بأنه يوجد بين الآثار ما يشبه خزف المطابخ المشكل من قطع صغيرة، و يرجح أنها من الفسيفساء البيزنطية أو الرومانية، و قد رُسمت عليها أشكال للخضر كالطماطم و الفلفل و التفاح، كما لاحظنا وجود آثار لأعمدة بنايات بالموقع، و هي عبارة عن حجارة كبيرة مصقولة بشكل متقن و مرصوصة على شكل مربعات، حيث أكد محدثونا بأن الموقع مليء بالآثار الرومانية المتربعة على مساحة كبيرة تقدر بالهكتارات و هي مليئة بأشياء مختلفة، كالحجارة التي تحمل كتابات باللغة اللاتينية، على غرار حجر به حروف لاتينية و رقم 12 بالأعداد اللاتينية، لكن لم تخف نفس المصادر جهلها بتاريخ المكان بدقة، مشيرين إلى أن المادة المتوفرة لديهم عبارة عما توارثته الأجيال من قصص و حكايات عن المنطقة فقط.
و لاحظنا بين أكوام الحجارة، نصف حوض ربما كان يستعمل لإطعام الحيوانات حسب السكان، الذين أخبرونا بأن بعض المتطفلين و اللصوص، يفدون على المكان من حين لآخر و يحاولون الحفر سعيا إلى إيجاد أشياء ذات قيمة، كالكنوز و الذهب التي يظنون بأنها مخفية تحت الأرض، لكن السكان يمنعونهم في كل مرة، حيث أخبرنا الشريف، و هو ابن قرية الحلايمية الواقعة فوق الموقع، بأن الآثار الموجودة بالمكان تشكل جزءا من تاريخه و لن يسمح لأحد بالاقتراب منها أو إتلافها، باستثناء الجهات الوصية التي يمكنها القيام بعمل جاد لاكتشاف ما هو موجود فعلا بالموقع.و أكد السكان أيضا بأنهم لم يقوموا بالحفر، لكنهم وجدوا خلال عمليات بناء منازل تمت في الماضي، أواني فخارية و جرارا مدفونة تحت الأرض، حيث يتذكر الشريف عندما كان صغيرا، أنهم عثروا على جرة مملوءة بمادة تشبه الشحم و أخرى مملوءة بالفحم، بالإضافة بقايا كثيرة لا تزال شاهدة على ما تركته الحضارات التي مرت بالمكان، مشيرا إلى أن المواطنين في القرى المجاورة يجدون أيضا أشياء من هذا النوع، كما نبه بأن بقايا العظام أيضا موجودة بالمكان و يعثر عليها السكان من حين لآخر، بالإضافة إلى القطع النقدية القديمة، التي كانوا يعثرون عليها و هم أطفال، لكنهم يعودون إلى رميها بالأرض لأنهم لم يكونوا مدركين لطبيعتها.
أرض مفروشة ببقايا أواني فخارية قديمة
ومن الأمور العجيبة بقرية الحلايمية و المكان المجاور لها، الذي يسميه السكان بـ»الحبسة» أو «لحباسي»، أن السائر يمشي فوق قطع الأواني الفخارية المحطمة، ذات اللون الأحمر الآجوري من جهة و لون «الموتارد» من جهة أخرى، و التي تعود إلى الحقبة الرومانية بحسب السكان، إضافة إلى بقايا أشياء كثيرة لا يمكن معرفة طبيعتها، حيث اعتاد السكان على وجودها و يمكنهم بسهولة التمييز بينها و بين بقايا قطع القرميد، الذي استعمله قاطنو المنطقة في البناء منذ العصور القريبة إلى اليوم، لكن من تحدثنا إليهم عبروا عن استيائهم من عدم قيام السلطات بدراسات حقيقية لتصنيف الموقع و المحافظة على الثروة التاريخية الموجودة بها، معبرين عن خشيتهم من ضياعها.
و لاحظنا بالموقع أيضا حجارة كبيرة بها ثقوب، رجح السكان أن تكون أحدثت فيها لجرها أو أنها استعملت لربط الحيوانات، بالإضافة إلى حجر آخر حفر على سطحه شكل قوس و في جانبيه ثقبان، قال محدثونا بأنه كان يستعمل لصناعة السيوف و لتطويع الفولاذ و تذويبه بداخله، في حين استعمل سكان بعض الأحجار في بناء إسطبلاتهم و منازلهم، فضلا عن آخرين قاموا بإزاحتها و تكويمها في أماكن متعددة لكونها موجودة داخل أراضيهم التي يقومون بزراعتها، كما لاحظنا بين الحجارة بقايا قطع مصقولة بشكل دائري جميل، كانت تستعمل على الجهة العلوية من الأعمدة، في حين يمكن من الموقع مشاهدة ضريح ماسينيسا الموجود بالخروب.
خنادق غريبة تظهر بشكل مفاجئ و حديث عن مدينة مدفونة
و أرانا الشريف و هو ابن القرية، آثارا لحفر غريبة تظهر بشكل مفاجئ على الأرض، و قد سماها بـ «المطامير»، حيث يضع عليها السكان بعض الحجارة حتى لا يقعوا بها، مشيرا إلى وجود ثلاث حفر بالقرب من ضريح الولي الصالح المدفون بالموقع، لكن لا أحد يعلم طبيعتها و ما يوجد بداخلها، مستبعدا أن تكون عبارة عن قبور، في حين رجح أنها ربما مدينة مخفية تحت الأرض، ليخبرنا ساكن آخر بالمكان، بأنهم يشاهدون أحد الآثار عند توجههم للرعي بأحد الجبال القريبة من القرية، و قال أنه عبارة عن بناء دائري يشبه حفرة صناعية قديمة داخل الجبل، لكنها امتلأت بالأتربة، لدرجة أنه لم يعد بالإمكان الدخول إليها، لكن ذلك لم يخمد فضولهم لمعرفة المكان الذي تقود إليه والتساؤل عن طبيعتها و الأسرار التي قد تكون موجودة بداخلها.
زاوية الشيخ الأحبسي .. قطب ديني فوق الأطلال الرومانية
و تستمر في الصمود زاوية سيدي الشيخ محمد الأحبسي، المتوفى يوم السبت 17 محرم من سنة 1212 هجرية، حسب ما هو مُدوّن على الشاهد الخشبي القديم الموجود بالضريح و المنقوش بالخط الأندلسي القديم، و يعود تاريخ كتابته إلى وفاة الولي حسب السكان، حيث لا يزال المكان القائم على أطلال رومانية قديمة، شاهدا على من مروا به من متعلمي القرآن، كما قام السكان بإنشاء جدار من الطوب على أحد جوانبه لتدعيمه و الحيلولة دون وقوعه، في حين يشهد الجزء العلوي من الزاوية على أنه أنجز بأسلوب عربي، فالفرق واضح بين حجم الحجارة و الشكل الشبيه للقبة المزينة بالقرميد من فوق، كما كتب على باب الزاوية عبارة «الله أكبر».
أما بداخل الزواية التي فرشت أرضيتها بسجاد، فيوجد ضريح مغطى باللون الأخضر، لا تزال آثار الشموع على كوة به و بعض أكياس الحناء و أشياء أخرى، و أخبرنا الشريف بأن الزوار لا يزالون يتوافدون على المكان و يمضون بعض من وقتهم به، حيث أكد محدثنا بأنهم قاموا بإصلاحه بعد أن مسه التدهور مؤخرا، في حين انهار سقف المصلى المحاذي للزاوية، و الذي أنشأه الشيخ الأحبسي عندما قدم إلى المكان، و لم يبق منه إلا آثار الحجارة الرومانية و الجدران التي لا تزال أطلالها قائمة، و دعائم المصلى و بقايا النوافذ، التي كانت تستعمل لوضع المصاحف و الكتب الدينية.و أرانا بدقة أحد أبناء المنطقة يدعى إدريس و هو شقيق الشريف، موقع محراب المصلى الذي لم يبق منه إلا أجزاء صغيرة لا تزال تشير إليه، بالإضافة إلى مكان دفن شقيق الشيخ الأحبسي المدعو «سيدي بوخليف» و آخر أيضا يسمى «سيدي لخضر» بالجهة الخلفية للمصلى و الزاوية، كما أوضح محدثنا بأن المصلى مُوجّه بدقة نحو موقع قبلة المسلمين، من خلال حسابات دقيقة قام بها السابقون، حيث يشير فقهاء، حسب نفس المصدر، إلى أن القبلة تتحدد بدقة في أحد أيام السنة، عند طلوع الشمس مباشرة، كما أوضح بأنه خلف المصلى كان يوجد حمام قديم و مكتبة، حيث كانت تحتضن المدرسة القرآنية حوالي 500 طالب علم في السنة، في حين يوجد بجانب المصلى بلاط مربع الشكل مصنوع بأحجار صغيرة أقل صقلا من الأخرى، و يتوسط أحد أضلاعه حجر مستطيل طويل كبير و مغروز في الأرض، حيث أشار السكان إلى أنهم لم يفهموا ماهيته و الغاية التي كان يستعمل لأجلها.
قصة النحل الذي قتل جنودا فرنسيين حاولوا سرقة حجارة رومانية
ولا يزال الشيخ أحمد بن شريف حليمي المعروف في المنطقة باسم «الحمني»، البالغ من العمر 78 سنة، وهو والد إدريس و الشريف، و واحد من أعيان الأعراش المحتكمة لعرف السقنية التابعين لقبائل الحراكتة، يحتفظ في ذاكرته بتاريخ المكان، حيث أخبرنا بأن أحد الأراضي الزراعية المحاذية للزاوية عبارة عن مقبرة قديمة و مسجلة، في حين أشار إلى أن الزاوية توقفت عن تدريس القرآن قبل ولادته.ولم ينس محدثنا «الزردات» التي كان السكان ينظمونها أين يقومون بـ»التكرار»، و يعني بها قراءة القرآن، حيث أشار إلى أن النسور كانت تحوم فوقهم و هم يأكلون و يضعون مختلف الطعام، و لا ترحل إلى أن يحمل إليها أطفال القرية حصتها من الطعام إلى قمة الجبل، و قد أكد الشيخ أحمد بأنهم لا يفتئون أن يسيروا في طريق العودة إلى مساكنهم، إلا و تهطل الأمطار القوية لتسقي زروعهم بعد أن يكونوا قد دعوا الله بذلك، إثر فترات طويلة من شح السماء، حيث ينبغي، حسبهم، أن يعم الخير على جميع الكائنات، كما قال أنهم كانوا يطوفون بالحيوانات التي يصيبها الألم سبع مرات حول الزاوية لتشفى.
و قال عمي أحمد أيضا، أنه يذكر حادثة مقتل سبعة جنود فرنسيين قبل الثورة بلسعات أسراب النحل، ولا تزال القصة متداولة إلى اليوم، بعد أن تجرأ قائدهم على محاولة حمل الأحجار الرومانية التي أنجز فوقها الضريح من أجل إنجاز ثكنة، قبل أن يهاجمهم النحل و يعدلوا عن ذلك، كما ذكر لنا بأن المكان الأصلي لقبيلته كان في منطقة عين الباي بقسنطينة، لكنهم هاجروا إلى منطقة سيلة بسيقوس، هربا من أحمد باي خلال الحكم العثماني، مشيرا إلى أن أفراد قبيلته حاربوه بعد أن سرق منهم رفاة ولي صالح، و قام بدفنه بالمكان المسمى بقسنطينة سيدي مسيد، ليعيده رجال القرية إلى أرضهم ليلا.
حجر قديم للعب الشطرنج فوق الجبل
صعدنا قليلا في الجبل المجاور للقرية، بالقرب من أحد نقاط مراقبة الهزات الأرضية التابعة لمركز الأبحاث في الفيزياء الفلكية و علم الفلك و الجيوفيزياء «كراغ»، حيث وجدنا آثارا أخرى لحجارة مرصوفة على شكل يبدو مثل المربعات، لكنها لم تكن مصقولة جيدا مثل نظيرتها الموجودة أسفل، حيث أشار السكان إلى أنها قد تكون عبارة عن بقايا سكان آخرين عاشوا بالمكان قبل الرومان أو شيئا آخر، كما لاحظنا حجرا على الأرض و به ثقوب دائرية، قال مرافقونا بأنها قد تكون عبارة عن لوح شطرنج قديم، أو لعبة ما كان يمارسها القدماء.و أكد محدثونا أن البقايا الأثرية الموجودة على مستوى قريتهم ليست الوحيدة، حيث يمكن إيجاد الآثار بجميع القرى الأخرى المنتشرة بمنطقة سيلة إلى غاية سيقوس، حتى أن السيوف القديمة و بعض الأشياء تظهر بأحد القرى كلما هطلت أمطار شديدة تؤدي إلى سيول، كما فسر إدريس الأمر بأن جميع المواقع أنجزت بشكل مدروس و تطل على بعضها البعض و يمكن رؤيتها من المدينة الرومانية القديمة «سيقوس»، التي ربما كانت تتحكم بهم. و في نهاية جولتنا بالمكان، اشتكى لنا سكان الموقع من نقص المياه الصالحة للشرب، حيث لا يوجد بالقرية إلا منبع طبيعي واحد يشرب منه البشر و المواشي، فضلا عن انعدام الغاز، و قد استغرب بعضهم أن يعيش على أطلال مدينة قديمة ضخمة، يمكنها أن تتحول إلى موقع سياحي يذر الملايير، و هو يفتقر اليوم إلى الكثير من متطلبات الحياة البسيطة.