الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
علينا أن نصدم أنفسنا بأسئلة صريحة
وزارة التجارة أطلقت حملة لصالح المنتوج الجزائري . أي دعوة الجزائريين إلى إستهلاك ما تنتجه الجزائر . وأي جزائري بالتأكيد سيسعده ذلك . ويشرفه أن يأكل مما ينتجه الجزائريون . ويلبس مما تنتجه الورشات والمصانع الجزائرية ، شريطة أن يتوفر ذلكم المنتوج على الجودة والنوعية . ومن المحبذ أن نستهلك كل ما يحمل " مايد إين ألجيريا " بالشروط المتوفرة في الأسواق العالمية طبعا ، وليس من باب المهم أن يكون جزائريا . لكن ما يستوقفنا هو لماذا عمدت الوزارة إلى أسلوب الحملة ، بدل إعتماد إستراتيجية طويلة المدى تقوم على تحفيزات مدروسة من أجل دعم وتعميم النوعية ، وإلزام الصناعيين والمنتجين بالتقيد بالمقاييس والمعايير الدولية . وإقرار إغراءات تشجيعية لإستهلاك المنتوجات المحلية التي تتوفر على النوعية ؟.
لقد ثبت بالتجارب المتكررة أن أساليب الحملة غير مجدية ولا تحقق المأمول منها . وأن تأثيراتها تنتهي بنهاية الأيام المخصصة لها . الشعارات لا تغير الذهنيات والقناعات ، بل لا تحول حتى دون إصدار الأحكام المسبقة والجاهزة . لأن الحملة في الأذهان وفي مفهومها العميق ترتبط بالتطوع ( أي غير ملزمة ) وتكون بتجند زمني ظرفي كما يحدث في حملات الحصاد وجني الزيتون والعنب والفلين ، أي ما يعرف شعبيا بـ " التويزة "... أو حملات التلقيح الطبي للأطفال ضد البوحمرون والسعال الديكي وحملات التنظيف أو التشجير . قلت لقد أثبتت التجارب أن الحملات ( مهما كان نوعها ) عديمة التأثير والمفعول ، سيما على المدى الطويل . أكثر من ذلك ، فإنها في أذهان الجزائريين مرتبطة بمرحلة المفروض أنها زالت ، وهي أيام الحزب الواحد . ومن ثمة فهي ليست أكثر من شعارات أو مادة للإستهلاك السياسي والإعلامي . وإذا كان المقصود غير ذلك فإنه ليس الأسلوب الأمثل للدفاع والترويج للإنتاج المحلي .
إن البرامج الناجحة ، هي التي تقوم على أهداف محددة ومفصلة تدرجيا ، ومرتبطة بإجراءات وميكانيزمات عملية ملموسة ، حتى لا تحمل تلك الحملات صفة الإجبار والإكراه . أو كأننا ندفع الجزائريين إلى إستهلاك منتوجات كاسدة وفاسدة لم تجد مكانا لها في الأسواق . في سنوات " أسواق الفلاح " و " القسمة .. وخذ المفتاح " ، حين عانى الجزائريون من ندرة خانقة في مختلف المواد الغذائية والمنتوجات الكهرومنزلية وغيرها ... كان القائمون على أسواق الفلاح يفرضون " يحتمون " على كل مواطن أو زبون يريد شراء كيلوغرام سكر أو علبة طماطم أو قطعة صابون أن يشتري أيضا رفشا أو ساطورا . أما إذا إقتنى ثلاجة أو مطبخا ، ويتم هذا بعد رشاوي ووساطات عديدة أو" أيادي طويلة " ، فإنه ملزم بشراء فأس ومذراة ، وأدوات حديدية أو سلعا يقارب ثمنها ثمن مشترياته الكهرومنزلية . ويدرج ذلك في باب تشجيع الإنتاج الوطني.
ما أريد قوله بدقة ، إننا بدل أن نقوم بحملة للتشجيع على إستهلاك المنتوج الوطني ، أن ندعم ونشجع المنتجين على النوعية . وعلى تحديث وتطوير مصانعهم . والإندماج في معايير ومقاييس الإقتصاد والتنافسية العالمية . أي فرض منتوجاتهم في الأسواق المحلية والخارجية بالجودة والتنافسية في صيغ العرض والأسعار والماركيتينغ وأساليب الترويج والإشهار الحديثة ، وبإعتماد أحدث وآخر وسائل التكنولوجيات التجارية والإقتصادية . مهما كان حسن النوايا والأهداف ، ومهما تعددت الحملات والشعارات ، واللقاءات والمنتديات ، فإننا لا نتمكن من " إجبار " الجزائريين على إستهلاك هذا المنتوج أو ذاك إذا لم يكن جيد النوعية والسعر . النوعية وحدها هي الحل.
رجال أعمال وصناعيون جزائريون كثيرون تمكنوا من فرض منتوجاتهم في الأسواق الوطنية والخارجية بفضل تمكنهم من تقديم نوعية تنافسية راقية . زيوت ودهون ربراب وعجائن ومصبرات بن عمر وزغيمي وعصائر ومشروبات عثماني ونقاوس ، وكراريس " ألف " وأقمصة وملابس وأحذية " سونيتاكس والشريعة وسونيباك " سابقا وغيرها من المنتجات التحويلية الغذائية والمعدنية والنسيجية والورقية ، هذه النماذج وغيرها كغلايين القالة ودقلة نور وزرابي النمامشة والحضنة وبابار ... إستطاعت فرض نفسها على المستهلك الجزائري بجودتها ونوعيتها ، وليست بحاجة إلى حملات دعائية لشرائها أو إستهلاكها ماعدا ما يندرج في مجال التسويق الإشهاري التنافسي.
مسعى الجزائر التفاوضي للإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية هو مسعى نحو سوق تجارية مفتوحة . صحيح أنه بإمكان الدولة حماية بعض منتوجاتها ، كما تفعل كثير من الدول ، لكن بالتأكيد أن الدولة لن تدافع أو تحمي إلا المنتوجات التنافسية الجيدة التي تتوفر على المقاييس والمعايير التجارية المقبولة على الأقل . ومن غير المنطقي حماية منتوجات رديئة الجودة أو سيئة التعليب ولا تتوفر على شروط التسويق ، أو ليست محل إقبال من طرف المستهلكين . فمن غير المعقول وغير المنطقي أن نفرض على الناس ما يأكلون أو ما يلبسون أو ما يستهلكون بشكل عام . السوق الجزائرية يجب أن تكون حرة ومفتوحة بأتم معنى ومفهوم الإقتصاد الحر . هذا ما هو معمول به في كل الإقتصاديات الحرة . ويترك معيار الفرز والرواج للنوعية والجودة ، فهما المقياسان الوحيدان للشراء والرواج والإغراء . لكن السوق المفتوحة لا تعني إستيرادا فوضويا . لأن ما يعرض في أسواقنا من سلع ومواد مستوردة مثير للقلق والخوف . سلع رديئة وحاملة لأخطار عديدة حيث لا تتوفر على أدنى الشروط الصحية والبيئية . مؤشرات الخطر تبدأ أولا بعدم توفر بعض تلك المستوردات على تاريخ الإنتاج ( مدة الصلاحية ) أومصدر المنتوج وإسم الشركة المستوردة ، بل لا تتوفر في كثير من الأحيان حتى على شروط الشحن والتخزين . وهذا دور مرتبط بمدى جدية وإمكانيات مصالح المراقبة على أكثر من مستوى ، وبمصالح قمع الغش والتهريب . الدولة مطالبة بحماية الإقتصاد الوطني بتضييق الحدود على فوضى الإستيراد . لقد أصبحت السوق الجزائرية في صورة المزبلة الكبيرة . يستوردون كل شيئ ودون أدنى الشروط الصحية والبيئية . النوعية وحدها هي التي تفرض وجودها وتغري المستهلكين في الأسواق . ماعدا ذلك ستكون الحملات مضيعة للوقت ، ولن تكون أكثر من كلام سياسي وكلام جرائد . وتكون أيضا هدرا للمال العام.
كل صيف ، بل على مدار العام يغادر ملايين الجزائريين الحدود والمطارات والموانئ في كل الإتجاهات ، لقضاء عطلهم الصيفية.
ولنا أن نتخيل حجم الأموال التي تحول سنويا ؟ . هم يبررون هذه الهجرات بإنعدام الفنادق والمنتجعات ونقص الخدمات في بلادنا . وهي أمور ثابتة ولا يمكن أن نجحدها أو نتجاهلها . لذلك بدل أن نقوم بحملة لإغراء الناس والمصطافين بقضاء عطلهم على الشواطئ الجزائرية ، وفي المنتجعات والفنادق الجزائرية ( وإن كان كثيرون يفعلون ذلك ولو من باب مكره أخاك لا بطل ، أي بسبب ظروفهم المالية ونقص إمكانياتهم ) ، بدل ذلك علينا طرح السؤال الحقيقي والرئيسي : لماذا يذهب هؤلاء إلى بلدان مجاورة وبعيدة لقضاء عطلهم ؟ . ولماذا يتداوون في عيادات أجنبية ؟. ولماذا يلبسون ويأكلون مما ينتجه غيرهم ؟ . بالتأكيد أنها ليست دوما عقدة تقليد الأجنبي . لماذا لا نصدم أنفسنا بأنها الجودة وحسن المعاملة وجودة الإغراءات والخدمات المقدمة ؟ . علينا أن نصدم أنفسنا بأسئلة صريحة حتى نعرف نقائصنا ونستدرك ما يغري المستهلكين ، وما يتميز به الآخرون . حماية المنتوجات الوطنية لا يجب أن تتم بمنطق " الجمعيات الخيرية " . أو فيما يشبه التعاطي مع قاصر . لقد تعامل المسؤولون وأولياء أمرنا مع مؤسسات القطاع العام في صورة تكاد تتكرر اليوم بنفس الشكل والصورة في الحملة المعلنة من طرف وزارة التجارة بحماية وتشجيع إستهلاك المنتوج الوطني . وبدل تشجيع المسيرين العموميين بتحرير المبادرة و " المغامرة الإقتصادية التنافسية " من خلال تدعيم سياسة التكوين وإلزام المتعاملين الإقتصاديين بها ، وتشجيع إقامة شراكات فعلية مع شركات لها إمكانيات وتجارب وخبرات متراكمة ، وإبرام عقود نجاعة ومتابعة ومحاسبة للمسيرين ، فإن كثيرا من الوصايات تعامل مسؤولي المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها بمنطق تحفظي عن كل مبادرة من باب " أسلم تسلم " . وأدى هذا الغلق إلى تعقيدات وبيروقراطية أقعدت تلك المؤسسات عن التطور والإقلاع والنهوض . هيكلة وإعادة هيكلة . وهيكلة ما سبق أن أعتبر إصلاحا . فظلت المؤسسات العمومية ( إلا بعض الإستثناءات ) غير فعالة وغير تنافسية ، تكاد تشبه ديار العجزة أو الجمعيات الخيرية ، رغم الأموال الكبيرة التي إبتلعتها من خلال برامج التطهير والمسح المتكرر للمديونية دون أن يؤدي ذلك إلى إخراج تلك المؤسسات من تخبطها وعجزها أوأن يساعدها على النهوض وتخطي عجزها . إذ لا يمكننا أن نعتمد منطق " أولياء الأمر والمحسنين " كمعيار في تسيير المؤسسات العمومية وأحيانا حتى في مؤسسات خاصة . النجاعة والفعالية الإقتصادية تقتضي الإلتزام بالمعايير العلمية والتجارية للتسيير.
على هامش هذا الموضوع ، وفي إنتظار أن يستهلك الجزائريون منتوجات وخيرات بلادهم ، بعيدا عن منطق الإنغلاق ومنطق النعام ، يواصل جزائريون آخرون نهب المال العام وتضخيم فواتير الإستيراد . وإستيراد كل أنواع السلع والبضائع والفضلات ، بما في ذلك الحجر والبصل والقمح والعدس والأرز الهندي وعلف الدجاج والأسماك ، وأعواد الكبريت وشفرات الحلاقة ومعجون الأسنان وثقاب تنظيف الأسنان من بقايا اللحوم المستوردة والرغيف والجبن المستورد وحتى الشوينغوم .
ويواصل آخرون تهريب أموال الجزائريين إلى بنوك أجنبية في مختلف أنحاء العالم تحت غطاء الإستيراد والسوق الحرة والإستثمار . بل بمجرد أن تنتهي مهامهم ومسؤولياتهم يستقرون في عواصم وبلدان كانوا من قبل ينتقدونها ويسبونها . ويتخلون عن خطاباتهم وشعاراتهم السابقة ، ولن يعد يعني لهم شيئا المنتوج المحلي أوالوطني . هم كثيرون للأسف . ولكن نحن نؤمن جازمين بأن الذين غرس في قلوبهم حب كل ما هو جزائري هم الأغلبية .