سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
* أمر بتسوية ملف العقار الفلاحي في 2025 * ضرورة إيجاد حل لمشكل غلاء اللحوم الحمراء * توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجيةأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد...
كرم الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، نظير دعمه الكبير للفلاحين والرقي بقطاع الفلاحة...
يواجه أعوان الرقابة التجارية بسلوكات عدائية من طرف التجار أثناء تأديتهم لمهامهم، حيث تتم معاملتهم كأعداء ويواجهون بنظرات توجس و ارتياب تحولهم من ساهرين على حماية المستهلك إلى أعداء يحاصرون بسلوكات تحايلية وتصرفات عدائية تصل حد الشتم و الاعتداء الجسدي.
العلاقة بين عون الرقابة والتاجر تكاد تتحول إلى خصومة لوجود حاجز نفسي يمنع صاحب المحل من تقبل عامل الرقابة ويجعله في حالة تأهب دائم، لذلك عادة ما يلجأ تجار إلى جواسيس لاتقاء شر المراقب إما بغلق المحل أو بإخفاء آثار تجاوزات قد توصله إلى أروقة المحاكم، فسجل المصالح التجارية بأي ولاية لا يخلو من حوادث ضرب وتعنيف ولا يمكن الحديث إلى أي تاجر عن فعل الرقابة دون أن يعد قائمة طويلة من المآخذ و الاتهامات مع الحديث عن تعسف في حق التاجر الصغير وتضييق.
النصر رافقت أعوان مراقبة الجودة وقمع الغش التابعين لمديرية التجارة لولاية قسنطينة في مهامهم التفتيشية بأحد الأسواق الشعبية بوسط المدينة و كذا بالعديد من المحلات ، حيث لاحظنا أن غالبية التجار لا يحسنون التعامل مع الفرق الميدانية لمديرية التجارة، وأن العديد منهم يفضلون التعامل بشكل غير عملي مع أعوان الرقابة و عدم التجاوب معهم بشكل يعكس عدم تقبل رقابة السوق لدى التاجر، بالرغم من كون عمل المراقبين يهدف إلى حماية المستهلك و تنبيه التجار أنفسهم إلى بعض الشروط اللازمة لشراء و عرض و بيع السلع، و كذا إلى الظروف الواجب وضعها في الحسبان أثناء تخزين المواد الغذائية و السلع للمحافظة عليها من التلف، إلا أن الملاحظ هو استمرار الصورة النمطية السلبية لدى التاجر حول عمل مراقبي الأسواق، فيما يعتبرهم آخرون بمثابة أعداء رغم التجاوزات التجارية و الغش في السلع من طرف غالبية التجار.
في طريقنا إلى الوجهة المقصودة استفسرنا مع عوني الرقابة اللذين تنقلنا برفقتهما عن تخصصات المراقبين المكلفين بالخرجات الميدانية، حيث تبين أن غالبيتهم متخرجون من الجامعات و المعاهد و في تخصصات مختلفة و ذات علاقة بطبيعة الأنشطة التجارية المتعددة، و هو ما أكده لنا المعنيون حينما أخبرونا أن غالبية أعوان الرقابة مهندسون و متحصلون على شهادات جامعية، و هو ما لا يعرفه الكثير من الناس عن طبيعة تخصصات مراقبي الأسواق، حيث أوضح أحد الأعوان في المقاعد ، أنه في ما يتعلق بقمع الغش هناك ثلاثة رتب للأعوان المراقبين، و على رأسها المفتش الرئيسي الذي هو في الأصل مهندس و رئيس محقق رئيسي متحصل على شهادة ليسانس، إضافة إلى رتبة محقق رئيسي حائز على ديبلوم دراسات تطبيقية.
أما عن التخصصات المعنية بعمل المراقبين، فقد أضاف المتحدث أن هناك العديد من المجالات منها تخصص تغذية، كيمياء حيوية و صناعية و غيرها، إلكترونيك و إليكتروتيكنيك و المهمة حسبه في عملية مراقبة الآلات الإلكترونية، إضافة إلى تخصص هندسة ميكانيكية الضروري في عملية مراقبة قطع الغيار بكل أنواعها، خاصة لدى بائعي السيارات و نقاط المراقبة التقنية و محلات بيع قطع الغيار أو ما يعرف بالمواد الصناعية، كما أن هناك تخصص آخر يتعلق بمجال الكيمياء، ويخص مراقبة مواد كالتبغ و الكبريت، المواد الصيدلانية و شبه الصيدلانية و المواد التجميلية كالعطور و غيرها، إضافة إلى مواد التنظيف و كل المواد ذات الطابع الكيميائي، و هو ما يبرز المجالات المتعددة لاختصاصات مراقبي الأسواق و ذلك بهدف تغطية مراقبة كل النشاطات التجارية الموجودة في الأسواق حسب المراقبين.
انطلقنا من أمام مقر مديرية التجارة بالمنطقة الصناعية رفقة عونين لمراقبة الجودة و قمع الغش تابعين لمكتب مراقبة المواد الغذائية بالمديرية، و ذلك نحو أحد الأسواق الشعبية الواقعة بوسط المدينة، حيث تعمدنا التنقل في سيارة تابعة للمصالح المعنية من أجل تفادي لفت انتباه التجار حول هويتنا الإعلامية، و بدخولنا للسوق المعنية قصدنا مباشرة أحد بائعي اللحم الذي وجدناه في الجهة اليسرى من المدخل الرئيسي، حيث قام العونان بإظهار البطاقات المهنية ككل مرة من أجل السماح لهما بالدخول إلى وراء الواجهات الزجاجية المبردة لمادة اللحم، و بعد إمعان دقيق في أرجاء المحل تمكن أحد الأعوان من ملاحظة كمية من لحم الدجاج معروضة للبيع في شكل قطع صغيرة موضوعة في صينية كبيرة، حيث أكد لنا العون المراقب أن بيع الدجاج يتم عن طريق تغليفه بنوع من البلاستيك الشفاف دون تقطيعه حتى يتمكن الزبون من مراقبة تاريخ الصلاحية، مع حفظه في درجة حرارة لا تقل عن 6 درجات مئوية و وضع الوسم الموضح لتاريخ الذبح، الذي لا يجب أن يتجاوز 04 أيام نظرا لكون المادة سريعة التلف بخلاف لحم البقر و الأغنام الذي يجب أن يحفظ في درجات حرارة من 0 إلى 04 درجات مئوية بالنسبة للحم المقطع، و إلى 06 درجات بالنسبة لغير المقطع، فيما تحفظ المواد المشتقة من الحليب ما بين 12 و 18 درجة تحت الصفر، حيث قام مراقب آخر بإتلاف كمية من لحم الدجاج المقطع عن طريق وضعه في كيس بلاستيكي و سكب مادة «الجافيل»، مع توجيه استدعاء للتاجر المعني.
تنقلنا بعدها إلى بائع سمك يبعد عن المحل الأول بأمتار قليلة، أين قام العون و بواسطة مقياس درجة الحرارة بمعاينة درجة الحرارة المطلوبة لحفظ الأسماك المجمدة، أين أخبرنا أحد الأعوان أن درجة الحرارة الملائمة لحفظ السمك المجمد هي ما بين 12 و 18 درجة تحت الصفر، و 18 شهرا بالنسبة لمدة انتهاء الصلاحية بداية من تاريخ وضعه في الأكياس من طرف المنتج، مضيفا أن بعض التجار يطفئون وسائل التبريد بعد غلق المحلات ليلا، ما قد يؤدي إلى فساد المادة، فيما طلب العون الآخر من البائع وضع كمية إضافية من الثلج على الأسماك الطازجة من أجل حفظها خاصة و أن درجة الحرارة كانت مرتفعة وقتها.
تنقلنا بعدها إلى محل آخر لبيع الخضر و الفواكه، حيث نبهنا أحد الأعوان إلى لجوء العديد من بائعي الخضر و الفواكه إلى توجيه السلعة، و ذلك من خلال خلط الحبات الكبيرة الحجم مع تلك الصغيرة و هو ما يعتبر تجاوزا في حق الزبون في نظر القانون، حيث يقوم الأعوان عادة بقياس حجم حبات الخضر أو الفواكه عن طريق جهاز قياس التجانس أو جهاز قياس مدى تطابق الأحجام مع بعضها، فيما يقوم باعة التمر الموضوع في أكياس بوزن المادة بالعلبة و عدم تخفيض قيمة وزن العلبة للزبون، ويعتمد المراقبون في هذه الحالة على ميزان جد دقيق خاص بمصالح الرقابة، لتنتهي جولتنا في الأسواق بعد مراقبة محلين مختصين في صناعة الحلويات التقليدية و المرطبات، حيث تم توجيه استدعاء لصاحب المحل الأول عن مخالفة عدم التخزين الجيد لبعض المواد التي تستعمل في صناعة “الزلابية”، فيما اكتفى الأعوان بتوجيه آخر إنذار لبائع مرطبات حول مكان عرض المادة للزبائن.
يصطدم عادة عمل أعوان الرقابة التجارية بجشع غالبية التجار الذين ينشطون في الأسواق و المحلات، و هو ما أكده لنا المراقبان الذين تجولنا برفقتهما داخل أروقة السوق و في الشوارع حينما قصدنا محلات ذات نشاط تجاري مغاير، حيث يتصرف العديد من التجار بنوع من الجفاء و بنظرة النفور من أعوان الرقابة خاصة بعد تحرير مخالفات في حقهم، فيما يتطور عدم تقبل التاجر للرقابة التجارية إلى اعتداءات لفظية و جسدية في حق المراقبين كما أكده لنا المعنيون، و ذلك نظرا لوجود العديد من التجاوزات التجارية يرتكبها الباعة و هو ما وقفنا عليه من خلال الخرجة الميدانية، حيث يتعمد العديد من التجار عدم إحضار الوثائق المتعلقة بالسجل التجاري في خطوة لعرقلة عمل المراقبين، و هو ما يعتبر مخالفة في حد ذاتها حسب ما أكده لنا أحد الأعوان، فيما يفضل باعة آخرون عدم التجاوب بشكل إيجابي و تعمد استعمال العنف اللفظي و التماطل في الإجابة عن استفسارات المراقبين.
كما لاحظنا من خلال تجولنا بالعديد من المحلات نظرات توجس وعدم ترحيب و انزعاج من الرقابة على ملامح غالبية التجار، في وضع يجعل المصالح المعنية تدرك بأنها غير مرحب بها في الأسواق و المحلات، إلا أن العمل الرقابي و قمع الغش يجب أن يستمر حسب أحد الأعوان، دون مبالاة بتصرفات التجار الذين يتعمدون عرقلة مهامهم و محاولات التستر عن التجاوزات التجارية في حق المستهلك، حيث أكد المراقبون الذين كنا برفقتهم أن مثل هذه التصرفات أصبحت من يومياتهم، بالرغم من تأثيراتها على طبيعة عملهم في الاحتكاك الرقابي و المكهرب مع التجار.
أكد أعوان الرقابة الذين رافقناهم في مهمة عمل لا تنتهي بحكم النشاط التجاري الدائم، أن العديد من الخرجات الميدانية تمت بناء على مقالات صحفية حول وجود تجاوزات تجارية في بعض النقاط، حيث اعتبر أحد المراقبين أن الصحافة تلعب دورا أساسيا هي الأخرى و إن كان بطريقة غير مباشرة في محاربة الغش في الأسواق، حيث أكد المعنيون في هذا الإطار أنه من المستحيل الاعتماد الكلي على المراقبين في متابعة السوق بنسبة 100 بالمائة، و ذلك رغم وجود عدد كبير من الفرق تصل إلى 70 فرقة في ما يخص قمع الغش فقط على مستوى ولاية قسنطينة وحدها، كما يجب مساعدة المواطن حسبهم في العملية من خلال التأكد من سلامة المواد و السلع التي يقتنيها من الأسواق، و كذا من خلال تقديم شكاوى في حق التجار المخالفين لمصالح مديرية التجارة التي تتولى التحقيق فيها بصفة مستعجلة.
أما عن طريقة عمل أعوان الرقابة في الميدان، فقد أكد المراقبان اللذان رافقناهما أنه في غالبية الأحيان يتم اعتماد أسلوب المباغتة في كشف التجاوزات، خاصة على مستوى الأسواق و المراكز التجارية الكبرى، أين يتطلب الأمر ، وفق محدثينا، العمل بفرق عديدة في كل فرقة اثنين أو ثلاثة عناصر، حيث يتم تقسيم المراقبين على أروقة السوق المعنية من أجل مباغتة أكبر عدد ممكن من التجار في وقت واحد، و عدم إعطاء الفرصة لإخفاء التجاوزات من طرف التجار و التي تحدث عادة عند دخول المراقبين إلى السوق مباشرة، حيث يتفطن آخرون لقدوم أعوان الرقابة و عن طريق إعلام بعضهم البعض يقومون بتحضير أنفسهم لمراقبة السلع و تجنب المخالفات كإخفاء سلع فاسدة أو غير محفوظة بطريقة جيدة و غيرها.
و قال عونا المراقبة أن حوالي 70 بالمائة من الخرجات الميدانية يتم الاستعانة فيها برجال الأمن أو الدرك، و ذلك في حالات تسجيل مخالفات كبيرة يتعلق الأمر فيها بحجز كمية معتبرة من السلع، و هو الأمر الذي يؤدي بالتجار في كثير من الأحيان إلى التمرد على المراقبين و رفض تطبيق القانون عن طريق حجز المواد المعنية، حيث كثيرا ما تحدث صدامات بين التجار و أعوان الرقابة تتطور من ملاسنات إلى اعتداءات جسدية، و يتم في هذه الحالات الاستعانة بالأمن عن طريق الاتصال المباشر بوكيل الجمهورية الذي يأمر بتسخير القوة العمومية لتسهيل عمل أعوان الرقابة، و هو ما يأتي بنتيجة إيجابية حسب المراقبين من خلال التمكن من ردع المخالفين و يوفر حماية أكبر لمراقبي الأسواق.
خالد ضرباني