• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
فرنسا الاستعمارية أحرقت مواطنين أحياءً في ساحة عمومية بالحدود الغربية
مرت قبل أيام 58 سنة على جريمة نكراء نفذها الاستعمار الفرنسي في حق أبرياء عزل من سكان المناطق الحدودية الغربية بالوطن، المواطنون العزل أحرقوا أحياء أمام أعين أهل المنطقة، كان ذنبهم الوحيد أنهم قدموا يد المساعدة لمجاهدين.
في منطقة سيدي الجيلالي التابعة لدائرة سبدو قرب الحدود الغربية للوطن، التقينا المجاهد مهداوي الجيلالي من أبرز الوجوه الثورية بالمنطقة وأحد شهود العيان على جريمة حرق المواطنين أحياء في مطلع جانفي من سنة 1958، يقول المجاهد مهداوي في حديث مع النصر، أن ليلة الفاتح نوفمبر 1958 أي بعد عامين بالضبط من إندلاع ثورة التحرير، توجه الشهيد بلحاج بلجيلالي الذي هو خال المتحدث، والذي كان حينها مسؤولا عن التموين والإتصال بين السكان وجيش التحرير، وكذا جمع التبرعات، إلى منطقة حاسي بن يعقوب غير البعيدة عن سيدي الجيلالي، وكان برفقة ثلاثة ثوار على موعد مع مجموعة أخرى من المجاهدين بمن فيهم المجاهد مهداوي، لاستلام كمية من المؤونة والتبرعات، ولكن لم يتمكن هؤلاء المجاهدون الذين كان عددهم 12، من إتمام مهمتهم بسبب وشاية الحركى بالمنطقة، حيث حاصرهم العدو من كل جانب، وبعد مواجهات مسلحة استشهد تلك الليلة المجاهد بلحاج بلجيلالي، و تمكن 3 من رفقائه من الهرب حاملين معهم مجاهدا كان مصابا بجروح، فيما أسرت فرنسا 4 مواطنين من سكان الدوار كانوا يحرسون المجموعة دون سلاح.
و يتابع المتحدث المجاهد مهداوي الجيلالي سرد الوقائع، و قال بأنه عاد لمكان العملية بعد غروب الشمس لتفقد الأوضاع رفقة المجاهدين اللذين فرا معه، ليجد نفسه أمام موقف صعب جدا في غاية المأساوية، ورغم مرور 58 سنة روى الحادثة وكأنها حدثت بالأمس بكثير من الحزن العميق، و لازال الأسف يغمر قلبه لأنه لم يتمكن من إنقاذ هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم، حيث أن العدو وضع المواطنين الأربعة الذين أسرهم صباحا، فوق صخرة كبيرة وصب عليهم البنزين وأحرقهم أحياء أمام أعين عدد من سكان الدوار، و لم يبق منهم سوى هياكل عظمية متفحمة تماما، تجسّد أبشع صور التعذيب والتنكيل التي كان ينتهجها العدو الاستعماري مع الأبرياء العزل من سكان القرى والمداشر.
المجاهد مهداوي الجيلالي لم يكن فقط شاهدا على هذه المحرقة، بل أنه من تعلقه العميق بالوطن وكفاحه ضد العدو فهو يصنف من بين المجاهدين الذين دفنوا عضوا من أعضاء جسمهم تحت التراب ليواصلوا الجهاد بما تبقى من أجزاء نابضة بالحياة، طلبنا منه أن يحكي لنا جوانب من قصة كفاحه التي سيصدرها قريبا في كتاب مثلما قال لنا، فبدأ من مرحلة التحاقه بجيش التحرير سنة 1955 وعمل ضمن فرقة لتخريب منشآت العدو بالمناطق الحدودية، كانت مهمتها تهديم الجسور الطرقية لمنع العدو من الوصول لأهدافه عبر المداشر والقرى، وتخريب أعمدة الهواتف كذلك لقطع اتصالاتهم، وذلك إلى غاية 1957، حين قطعت رجله و كان عمره آنذاك 27 سنة، كان أثناء الحادثة بصدد قطع الأسلاك الشائكة لخط موريس من أجل تمكين المجاهد قناد محمد المعروف بـ «طانطانو» من دخول التراب الوطني، وكان حينها مع المجاهدين قنانو عبد القادر الذي لازال حيا وعامري مخطار الذي فارق الحياة، غير أن لغما استعماريا انفجر وعرقل نوعا ما العملية التي نجحت بعد إصرار وعزيمة الثوار، وإن كان المجاهد مهداوي قد فقد رجله، و تمّ على إثر ذلك تحويله لمستشفى جيش التحرير في المناطق الحدودية بالمغرب، حيث تلقى العلاج على يد أطباء جزائريين. وعاش فترة من الزمن داخل المستشفى رفقة عشرات المعطوبين والجرحى. ويقول في هذا السياق «كنا نتسامر ونضحك ونخطط ونحلم كي لا نشعر بآلامنا الجسمية وآلامنا القلبية لأننا لم نستطع مواصلة الكفاح ضد العدو». وبعد صمت و تفكير، واصل المجاهد مهداوي كلامه، و قال أنه من أجل معرفة تاريخ الثورة يجب أخذ الشهادات من صانعيها الحقيقيين الذين عايشوا الوقائع في الميدان والذين شاهدوا بأعينهم وشاركوا بكل جوارحهم، و إلا سيكون التاريخ مزيفا. و أضاف «كنا ونحن نواجه رصاص العدو، لا نقول أمي ولا أبي ولكن نردد تحيا الجزائر» و أشار إلى أنه قد لبى دعوة وزارة المجاهدين وسجل شهاداته في العاصمة لتنير درب الأجيال القادمة.
و وجه محدثنا في هذا الإطار، رسالة للشباب ينصحهم فيها بأنه يجب أن يكون للشباب ثقة كبيرة في مسؤوليه لبلوغ الهدف مثلما كان المجاهدون إبان الثورة كما وجه المجاهد مهداوي الجيلالي نداء للذين قال أنهم «فارغين» والذين يطلقون السموم من أفواههم، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، في إشارة منه للذين يدلون بتصريحات متناقضة حول الثورة.
وأوضح المجاهد مهداوي الجيلالي أنه تم تعيينه بعد الاستقلال رئيسا لبلدية العريشة الحدودية على مدى خمس سنوات، وأن أولى الملفات التي طرحت أمامه كانت ملفات أبناء وأرامل الشهداء، التي وصفها بالشائكة والمعقدة والمؤلمة كذلك، ليختم حديثه معنا بعبارة « الزمن كفيل بكشف الأمور والتاريخ لايزول».
هوارية ب