الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
أمراض نادرة يكلف علاجها بين 200 مليون و مليارين في السنة
تتسبب الأمراض النادرة أو اليتيمة في أمراض مزمنة و إعاقات و موت مبكر لدى الكثير من الحالات، في ظل استمرار سوء و تأخر تشخيص الكثير من هذه الأمراض الوراثية المنشأ عموما، و التي تشير إحصائيات حديثة لوزارة الصحة إلى تسجيل 41 نوعا منها، و المسجلة بصفة خاصة في الأوساط التي تنتشر فيها زيجات الأقارب.
الأمراض النادرة الناجمة عادة عن اضطرابات في الجينات، لا زالت إلى اليوم بمثابة لغز يستعصى حله حتى على الأخصائيين كما تفتقر للعلاج الناجع، رغم استنزافها للملايير من ميزانية الدولة السنوية، حيث تتراوح تكاليف علاج حالة واحدة بين 200 مليون و 2مليار سنتيم خلال السنة، دون احتساب تكاليف التحاليل الطبية الضرورية التي يحتاجها بعض المرضى بانتظام.
و يأتي في مقدمة هذه الأمراض داء التدمير المزمن في الخلايا الدموية الحمراء، بالإضافة إلى مرض نقص ريبوز الفوسفات، نقص هرمون النمو، أمراض الكروموزومات , الأمراض الجلدية كالصدفية، الهيموفليا و الالبينوا، نقص هرمون النمو، متلازمة هورلر، وليامس و بيرن، مرض التوحد و التريزومي 21 ، مرض غوشي.. بالإضافة إلى أمراض و متلازمات أخرى تختلف أعراضها من نوع إلى آخر و تبرز عموما في تشوهات جسدية و عضلية، بالإضافة إلى المضاعفات الخطيرة التي تنجم عنها كالشلل ، ضعف أو فقدان البصر قصور في مختلف وظائف الأعضاء كالقلب، الكلى، ونشاط الغدد.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة، كانت قد كشفت في آخر تقرير لها، عما يزيد عن 10آلاف مصاب بالأمراض النادرة يحظى 50 بالمائة بتكفل صحي كامل، على مستوى المؤسسات الاستشفائية عبر الوطن، كما خصصت قائمة بـ 34 دواء، تصل تكلفتها السنوية إلى 18 مليار دينار.
النصر تحاول من خلال هذا الملف، تسليط الضوء على أهم الأمراض المسجلة بقسنطينة، و نقل معاناة أطفال في عمر الزهور، فقدت أجسادهم و وجوههم ملامحها الطبيعية بسبب أمراض، يعجز الطب في إيجاد علاج نهائي لها، و أولياء ينامون على ألم أبنائهم و يستيقظون على الخوف من فقدانهم، بالإضافة إلى المشاكل التي يواجهها الأطباء المعالجون لأجل مساعدة مرضاهم على الاستفادة من العلاج و الأدوية الباهظة الثمن لرفض بعض إدارات المستشفيات و العيادات العمومية التكفل بالمرضى القاطنين خارج منطقة الإختصاص.
يستقبل مستشفى طب الأطفال بالمنصورة بقسنطينة سنويا 100 حالة جديدة لأطفال مصابين بمرض نقص النمو، و الذي يشكل واحد من الأمراض النادرة التي تؤذي صحة الأطفال في صمت ،من عمر السنة حتى سن البلوغ، حسبما أكدته البروفيسور سعاد طالب، أخصائية طب الأطفال بذات المستشفى . يشكل نقص هرمون النمو الذي تفرزه الغدة النخامية في الدماغ، نسبة 10 بالمائة من أسباب الإصابة بالمرض، و يعتبر الأخطر على الإطلاق،كونه من بين الأمراض النادرة، إذ تنعدم فرص علاج المصابين به في حال تجاوز الطفل المريض مرحلة البلوغ ، كما أوضحت البروفيسور طالب، مبينة بأن الطفل المريض قد يضطر للتعايش مع قصر قامته مدى الحياة، ما يخلف لديه مشاكل عديدة منها ما هو صحي ،ومنها ما هو نفسي و اجتماعي، خصوصا وأن غالبية الأطفال ضحايا هذا المرض يضطرون إلى ترك الدراسة، ومواجهة مستقبل مجهول، بسبب نظرة المجتمع إليهم، كون قامات بعضهم لا تتعدى المتر و 30 سنتيمترا، كما أنهم يشيخون بسرعة. الأخصائية أضافت، بأن الأطفال المصابين بهذا المرض يعانون على المدى الطويل من مضاعفات و مشاكل صحية على مستوى العظام، بالإضافة إلى مشاكل أخرى كالضعف و الهزال، و تأخر نمو الأسنان والنضوج الجنسي، خصوصا إذا تعدوا مرحلة البلوغ دون علاجه، و يعانون مستقبلا من ارتفاع أنسجة الدهون و ضعف أداء القلب. كما يعد الأطفال مرضى القصور الكلوي، و من يعانون من مشكل سوء التغذية، إضافة إلى بعض الأمراض المزمنة كالربو مثلا ، الأكثر عرضة للإصابة بمرض نقص النمو، بسبب وضعهم الصحي المعقد ،بالرغم من أن علاجهم يكون أسهل ،مقارنة بالحالات التي يكون مرضها راجعا لضعف إفراز هرمون النمو.
شددت الأخصائية من جهة أخرى،على ضرورة متابعة الأولياء لنمو أطفالهم باستمرار، سواء تعلق الأمر بالقامة أو الوزن، و الحرص على توازن غذائهم، و عرضهم على أخصائي في حال ملاحظة أي مشكل،واصفة واقع الأطفال المصابين بنقص النمو ببلادنا بالصعب ، خصوصا بالنسبة لمن يفتقر أوليائهم إلى تأمين صحي، قادر على تغطية تكاليف حقن الهرمون، التي قد تتعدى 60 ألف دينار شهريا. رقم يعتبر حسب الأخصائية ،باهضا جدا إذا ما علمنا بأن العلاج قد يتطلب أكثر من سنة، في حال لم يتجاوز الطفل المريض مرحلة البلوغ التي يصبح الشفاء بعدها مستحيلا. في ما يتعلق بالحالات التي تفتقر للتغطية الاجتماعية، أوضحت الأخصائية، بأن المستشفى عادة ما يضطر إلى تسجيل الوصفة باسم الطفل المريض نفسه، و إخضاعه لمجموعة معقدة من الفحوصات على غرار التصوير بالصدى، من أجل تأكيد حاجته للعلاج المجاني على مستوى مصالح الضمان الاجتماعي، موضحة بأنه حتى بعد استيفاء كافة الإجراءات الإدارية، فإن الحصول على الدواء يتطلب انتظار أزيد من 6 أشهر.
يتكفل كل من مستشفى الأطفال بالمنصورة و المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة هذه الأيام بحولي 10حالات لداء متلازمة هورلر النادر، الذي يزرع الرعب في نفوس الأولياء، بمجرّد سماع تسميته، لما يتطلبه علاجه من تكلفة كبيرة تقدر بمليارين سنتيم سنويا للحالة الواحدة، دون احتساب تكاليف التحاليل الكثيرة التي يخضعون لها باستمرار، مما يجعلهم بمثابة عبء و مصدر نزاعات لأطبائهم المعالجين الذين يكافحون لضمان استمرار علاجهم المجاني، الذي يخلق اختلالا على مستوى ميزانيات العيادات و المستشفيات العمومية السنوية حسب بعض المسؤولين.
متلازمة هورلر المصنف ضمن الأمراض اليتيمة، يصيب الأطفال و ينتج عنه عدة اضطرابات خطيرة، منها ما هو عصبي و بصري و قلبي و هيكلي، قد يودي بحياة المصابين به في سن مبكر إن لم يتم التكفل بهم بشكل جدي، حيث توفي مؤخرا طفلان عانا من مضاعفات خطيرة .
النصر تنقل في استطلاعها هذا معاناة فئة قلما يأتي ذكرها في مجتمعنا، مما ساهم في عزلها و عدم تمتعها بأبسط حقوقها و هو الاستفادة من تكوين متخصص يمنحها فرصة الاندماج في المجتمع و العيش بكرامة ما تبقى من حياتها. الأولياء و صدمة المرض و تكاليف العلاج الخيالية
كانت ملامح الصدمة واضحة على وجه والد طفل تم تشخيص أعراض متلازمة هورلر أو”ميكوبوليسكاريدوز” لديه، مؤخرا بمستشفى الأطفال بالمنصورة، بعد أن أكدت نتائج تحاليل للأنزيمات إصابته بهذا الداء النادر و بالتالي انضمامه لقائمة الأطفال المحتاجين لتكفل صحي مجاني مدى العمر، لعدم قدرة الآباء على توفير تكاليف العلاج المقدرة بالملايير، حيث لم يتفوّه الأب بكلمة و هو يستمع لشروحات الطبيبة المعالجة التي كانت تحاول تخفيف وقع الصدمة عليه من خلال تقديم أمثلة لحالات نجحت في التعايش مع الداء و اندمجت في الحياة المهنية، بعد توفير التكوين المناسب لها.
و مراعاة للحالة التي كان عليها الوالد، فضلنا التحدث إلى الدكتورة صلاحي فضيلة المشرفة على هذه الحالة، و التي أخبرتنا بأن عيادتهم تتكفل منذ فترة بثلاثة أطفال مصابين بمتلازمة هورلر، بالإضافة إلى حالة أخرى تتمثل في داء غوشيه النادر و التي لا تقل تكاليف علاجها عن المليار سنتيم سنويا، آسرة بأنهم يكافحون كأطباء لضمان استمرار علاج هذه الفئة التي تتطلب ميزانية كبيرة، قدرتها زميلتها المشرفة على صيدلية العيادة بسبع مليارات سنتيم دون احتساب تكاليف التحاليل، التي يتكبدها الأولياء من فترة إلى أخرى. و أوضحت الدكتورة صلاحي بأن الحالات المتابعة حاليا بمصلحتهم، يتراوح سنها بين 3و 8سنوات، و ثمة حالات أخرى تم توجيهها إلى العيادات العمومية المتخصصة، بعد تجاوزها سن 15، تقيدا بشروط المؤسسة المتخصصة في طب الأطفال. و بيّنت أرقام استقيناها من المستشفى الجامعي ابن باديس وجود حوالي سبع حالات من الأمراض النادرة المتكفل بها حاليا من قبل صيدلية المستشفى، حيث أوضحت مصادرنا بأن الرقم غير ثابت، إذ ثمة حالات جديدة، تم تشخيصها مؤخرا، وصلت ملفاتها و طلبات الاستفادة من العلاج المجاني منذ أيام و هي محل دراسة، فيما تم تحويل حالات أخرى من خارج الولاية إلى المراكز الاستشفائية القريبة من مكان سكناهم، لتخفيف الضغط على المستشفى الجامعي الذي تتضاعف فاتورة أدوية الأمراض النادرة به، من سنة إلى أخرى. و انتقد من جهته الدكتور واسيني بوعماري مختص في طب الأطفال الظروف التي تعيشها هذه الفئة كغيرها من الكثير من الأمراض النادرة التي رغم تخصيص الدولة الملايير لتوفير الأدوية لها، يبقى التكفل بها نفسيا و اجتماعيا شبه منعدم، بسبب غياب الهياكل المتخصصة التي تنقذها من المضاعفات التي لا ينفع معها توفير الأدوية وحده، مشيرا إلى الحالات المصابة بداء غوشيه الوراثي و الناجم كمتلازمة هورلر عن نقص وراثي في إنزيم خاص، قائلا بأن هذه الفئة تتمتع بذكاء خارق ، لكنها تحتاج إلى رعاية خاصة، و تكفل من قبل مختصين في مختلف التخصصات.
و أسر بعض الأطباء، بأنهم يواجهون صعوبة في إقناع إدارات العيادات و المراكز الصحية التي يعملون بها، لأجل تمكين هؤلاء المرضى من الحصول على الأدوية بشكل منتظم، و السبب يعود لتكلفتها الكبيرة، بالإضافة إلى تسجيل انقطاعات في بعض الأدوية من حين إلى آخر و ما ينجر عنها من تدهور حالات المرضى جرّاء اضطراب عملية العلاج التي تقوم على المتابعة المنتظمة.
أكدت المكلفة بالاتصال بمؤسسة «سانوفي آفنتيس»، الممونة الأولى بأدوية الأمراض النادرة بالجزائر، بأن هذه المؤسسة لا تتوفر على دراسات ايبيدميولوجية دقيقة تستطيع على ضوئها تقديم معلومات دقيقة حول العدد الحقيقي للمصابين بمختلف الأمراض النادرة المسجلة بالجزائر.
و أضافت محدثتنا بأن الأمراض التي يموّنها مخبر»جنزايم» التابع للمؤسسة ، حتى اليوم هي داء غوشيه، «ميكوبوليسكاريدوز»صنف1، داء بومبي و داء فابري الذي يؤدي إلى عدة أمراض خطيرة منها القصور الكلوي، القلب و اضطرابات الدماغ.
و كشف عدد من المختصين بأن الحالات التي تشتبه إصابتهم بإحدى الأمراض النادرة، يستفيدون بفضل شركة سانوفي الجزائر من تحاليل خاصة بالإنزيم بشكل مجاني، حيث يتم إرسال العينات الضرورية إلى ألمانيا لأجل إخضاعها للتحاليل الضرورية، مشيرين إلى طول المدة التي تستغرقها العملية و التي لا تقل عن الشهر في أحسن الأحوال، مؤكدين على ضرورة التفكير في فتح مخابر لإجراء هذا النوع من التحاليل المهمة، من أجل تشخيص مبكر و بالتالي الإسراع بالتكفل بالمصابين.
و اشتكى المتحدثون من الإنقطاعات المتكررة لبعض الأدوية التي تمتد في بعض الأحيان إلى أكثر من شهرين، مما يتسبب في تدهور حالة المرضى و معاناتهم من مضاعفات خطيرة، يصعب التحكم فيها، حتى بعد توفر الأدوية من جديد.
و كشفت مديرة الاتصال بشركة سانوفي الجزائر نوال تمازيغت بأنهم بصدد التحضير لتظاهرة خاصة بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة الموافق لـ 28فيفري و ذلك بالتنسيق مع جمعيات متلازمة ويليامس و بيرن و جمعية الشفاء للأمراض العصبية العضلية بالعاصمة.
أكد البروفيسور عبد المجيد حمري، مختص في طب الأعصاب بالمستشفى قسنطينة الجامعي، بأن 80 بالمائة من الأمراض النادرة بالجزائر، هي أمراض وراثية أو جينية لها علاقة مباشرة بمشاكل في الأعصاب، علما بأن 39 بالمائة من هذه الأمراض التي تسمى بالأمراض اليتيمة، هي نتاج زواج الأقارب، و يتعلق الأمر بأمراض ليس لديها علاج ومن الصعب تشخيصها، و تمس عديد الأعضاء في وقت واحد، ما يعقد توجيه المريض نحو مصلحة معينة للتكفل به. البروفسور حمري الذي تتكفل مصلحته بأزيد من 100 حالة من هذه الأمراض، و تستقبل سنويا مئات الحالات المختلفة، سواء تعلق الأمر، بالأمراض التضخمية و العضلية، التصلب اللوحي، الصرع، الزهايمر،الاضطرابات الترنحية الوراثية، بالإضافة إلى الترنح التصلب الجانبي الضموري، و اعتلال الأعصاب المحيطة الوراثية ، أوضح بأن تشخيص هذه الأمراض يعد جد صعب، على اعتبار أنها و حسب التعريف الطبي تنتشر بين سكان المعمورة بنسبة 2 في المائة، و تصيب حالة واحدة من مجموع 2000 أو 5000 شخص، حسب المناطق و نوع المرض. لذلك تعرف هذه الأمراض بالنادرة، كما يطلق عليها أيضا أمراض يتيمة، لأنها لا تملك أي علاج نهائي، ما عدا علاج تعويضي، يعتمد بالأساس على تعويض الأنزيمات دون التخلص من السبب الأصلي للمرض كونه، غير معروف. و أضاف الأخصائي ،عضو جمعية التحدي و الأمل لمرضى الضمور العضلي بقسنطينة، بأن فئة الأطفال تعد الأكثر عرضة للإصابة ،بهذه الأمراض التي تظهر عادة خلال الحمل أو في المراحل الأولى ما بعد الولادة، حيث يحصى في هذا الشأن حوالي 30 مرضا نادرا يصيب الأطفال ، في مقدمتها مرض «ميكوسيدوز» الذي يستهدف القصبة الهوائية، و أمراض أخرى وراثية كمرض الدم الوراثي، علما بأن عدد الأمراض النادرة المعروفة في العالم يتعدى 8 آلاف مرض،جميعها تسبب عاهات و إعاقات ،كما تؤدي في معظمها إلى الوفاة. و استنادا لذات المصدر فإن 35 بالمائة من الوفيات بسبب الأمراض النادرة ،تسجل قبل عمر السنة، و تشكل الفئة العمرية بين 1و 5 سنوات، نسبة 20 بالمائة من الوفيات، بالمقابل تعادل نسبة وفيات من 5 إلى 15 سنة، 1بالمائة. ويعتبر التشخيص المبكر و الوعي بخطورة زواج الأقارب، من أهم العوامل التي تلعب دورا كبيرا في الحد من انتشار المرض الذي يعتبر علاجه جد مرهق ،حسب الأخصائي، حيث تتعدى تكلفة المريض الواحد 200مليون سنتيم سنويا،و بالرغم من توفر الأدوية بفضل المجهودات الكبيرة و الرائدة، التي رصدتها الدولة في هذا المجال، خلال السنوات الست الأخيرة، إلا أن التوعية و تبادل المعلومات بخصوص هذه الأمراض، يظل السبيل الأنسب لمواجهتها. و أرجع البروفيسور حمري، ارتفاع تكاليف علاج الأمراض النادرة في الجزائر ،إلى غياب مخابر متخصصة في البحث في المجال الجيني أو الوراثي، على غرار ما هو موجود في دول أخرى قال بأنها تعمل بالتنسيق و الشراكة مع بعضها البعض، على البحث عن سبل انسب لعلاج هذه الأمراض، كون الأمر نكلف ويتطلب مبالغ ضخمة.
اعتبر البروفيسور عبد المجيد حمري من جهة ثانية، إنشاء مجلس وراثي، يفصل في بعض الأمور المتعلقة بطبيعة هذه الأمراض و مصير المصابين بها ،خطوة هامة في طريق مكافحتها، على اعتبار أن هذا المرض هو عبارة عن مرض جيني ،يتم اكتشافه عند الجنين قبل الولادة، و يتم التعرف عليه عن طريق الكشف المبكر، وهو المعمول به بمستشفى قسنطينة منذ سنوات، الأمر الذي من شأنه توفير خيار الاحتفاظ بالجنين المصاب أو إجهاضه. غير أن العديد من الموانع ذات العلاقة بالدين و الأحكام و المعتقدات الاجتماعية تجعل الأمر غير ممكن في الوقت الحالي، ما دفع بالمختصين بقسنطينة في العديد من المناسبات، إلى اقتراح إنشاء مجلس وراثي، مكون من أطباء مختصين ، علماء دين، أطباء نفسانيين، أخصائيين اجتماعيين ،إضافة إلى كافة الأطراف ذات الصلة بالقضية للاتفاق حول طبيعة التعامل مع الحالات التي يتم تشخيصها مبكرا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الضرورات تبيح المحظورات ،كما عبر، خصوصا وأن هذه الأمراض ورغم ندرتها ،إلا أنها تتعدى في انتشارها السرطان.
يطرح إنجاز مركز خاص بعملية إعادة التأهيل الحركي و النفسي، كمطلب أساسي لأزيد من 700مصاب بالأمراض النادرة أو ما يعرف بالأمراض اليتيمة بقسنطينة، بالنظر إلى أهمية المرفق في التكفل بالناحية البسيكولوجية للمريض و مساعدته على استعادة نشاطه الحركي و الاندماج بشكل أفضل في المجتمع، إذا ما علمنا أن جل المصابين بهذه الأمراض هم عرضة لإعاقات أو عاهات مستديمة على المدى الطويل و القصير، حسب ما أكده رئيس جمعية التحدي و الأمل لمرضى الضمور العضلي بقسنطينة. أحمد بوشلوخ أوضح ،بأن الجمعية أدرجت مؤخرا ضمن برنامج نشاطاتها مهمة متابعة ضحايا الأمراض النادرة، مشددا على ضرورة وضع شبكة وطنية للتكفل بالمصابين بهذه الأمراض الخطيرة التي لا دواء لها، خصوصا وأن معاناتهم تتفاقم بشكل مستمر على اعتبار أنها أمراض تشكل تهديدا مباشرا لحياتهم، فالإصابة باضطرابات صحية بسيطة كنزلات البرد و الأنفلونزا الموسمية ،قد تؤدي مباشرة إلى الوفاة بالنسبة لهذه الفئة من المرضى، حسبه. و يضيف المتحدث بأن العديد من المرضى ممن يتعرضون للإعاقة بسبب بعض الأمراض العضلية النادرة مثلا، يواجهون صعوبة كبيرة في التكيف و استعادة نمط حياتهم الطبيعي، ما يؤكد حسبه، على أهمية انجاز مركز خاص للتكفل بهم و إعادة تأهيلهم، مشيرا إلى أن مطلب انجاز مثل هذا المرفق يزيد عمره عن 20 سنة، حيث سبق لمختصين و ناشطين في الجمعية أن رفعوا المقترح للجهات المسؤولة قبل سنوات، غير أنه لم يحظ بأي رد إلى غاية الآن. من جهة ثانية ،يعد مشكل الندرة الدورية للأدوية الخاصة بهذه الأمراض، من بين أهم انشغالات المصابين بها، علما أنها أدوية باهظة الثمن، و من الصعب اقتنائها ،دون توفر تغطية صحيحة كاملة ،خصوصا بالنسبة لشريحة الأطفال، على اعتبار أنهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض. كما ركز المتحدث على أهمية تبادل المعلومات ذات الصلة بهذه الأمراض ومرافقة المرضى المصابين بها ، الذين عادة ما يجدون أنفسهم تائهين في رحلة البحث عن مساعدة للحصول على الأدوية التي و رغم وفرتها تبقى باهظة الثمن.
يعد مشكل التشخيص المبكر للأمراض النادرة من بين أهم الانشغالات التي يطرحها ممارسو الصحة و أولياء المرضى في الجزائر، فنقص الأخصائيين القادرين على تشخيص هذا النوع من الأمراض خلال مرحلة تشكل الجنين، يضع أولياء الأطفال في حيرة من أمرهم، بعد ولادة أبنائهم و اكتشاف المرض الذي يظهر عادة خلال السنة الأولى من عمر الطفل. واقع يضيع فرصة الأمهات و الآباء في اختيار المحافظة على الجنين أو إجهاضه طبيا ،إذا كان سيولد مشوها أو مصابا بمرض خطير جدا يتسبب في إعاقته و لا يمكن علاجه، هذا الخيار المتوفر في دول أخرى اهتدت إلى طرق لتشخيص المرض لدى الأجنة، أثناء الحمل ،خصوصا إذا كان وارثيا. مقابل ذلك،فإن الأعراض الأولى للإصابة ببعض هذه الأمراض التي تحتمل الإعاقة و التشوهات، تبدأ بالظهور بعد الولادة مباشرة أو خلال مرحلة الطفولة المبكرة، ما يخلق حسب الأستاذ زيان محمد ،أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة قسنطينة ،و إطار سابق بالمركز الوطني المتخصص لتكوين إطارات المعوقين، مشكلا حقيقيا من الناحية النفسية لدى الأولياء، الذين يعجز بعضهم عن تقبل مرض أبنائهم ،كما يعجزون عن التعامل مع الرفض الاجتماعي لحالة أطفالهم ،ما يعيق إدماجهم في المجتمع. يصل هذا الرفض أحيانا إلى الإهمال، فيما يظهر لدى أسر أخرى في شكل الإفراط في الحماية. حسب الأخصائي ، مؤكدا بأن التكفل بالأطفال من ذوي الأمراض النادرة، يتطلب رعاية نفسية خاصة ،يتحملها الأولياء بالدرجة الأولى على عاتقهم، وفي الجزائر تعيش الكثير من الأسر ، حسبه ، تجارب مريرة مع الأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة و الرعاية الخاصة، حيث يتأثر الوالدان و هم يشاهدونهم يكبرون في ظروف صحية غير عادية. وقد لا يبقى لدى بعض الأسر سوى العواطف التي لا تكفي لرعاية أبنائها الرعاية اللائقة، كما يضيف الأستاذ زيان، حيث أن الأطفال المرضى بحاجة إلى التعليم والتدريب النفسي البيداغوجي لإدماجهم اجتماعيا، مع الإشارة إلى أن جهل بعض الأولياء لطبيعة هذه الأمراض، قد يسبب لهم الإرهاق النفسي الذي قد يصل إلى الانهيار العصبي، لذا لا بد أن يتعلم الأولياء كل شيء عن أمراض أبنائهم حتى يدركوا الطرق الصحيحة للتعامل معهم .
جيهان صاحبة 4 سنوات ،المصابة بمرض « ويليامز بيرن النادر»، تعتبر الأكثر تعبيرا عن الواقع، فحسب والدتها يعود سبب مرض الصغيرة جيهان إلى عوامل وراثية « من ناحية زوجها» الذي هو في الأصل ابن عمها، غير أن هذا الأخير كان أول من رفض تقبل وضع ابنته جيهان التي تعاني من تشوه خلقي،حيث أن ملامحها غير طبيعية أنفها مرتفع إلى الأعلى، وذقنها صغير بشكل لا يتلاءم مع ملامح وجهها وحتى نظرات عينيها وابتسامتها الدائمة تظهر جليا بأنها تعاني من تخلف عقلي. هذا بالإضافة إلى معاناتها من مشاكل في القلب حسبما روته لنا والدتها فوزية التي اعترفت بأنها لم تتقبل مرض ابنتها وبقيت لفترة طويلة ترفضها رغم اعتراض أهلها وأهل زوجها على هذا التصرف، و تضيف : "أنا أمها وأحبها بطبيعة الحال ،لكن أسئلة الناس ونظراتهم تقتلني.
و الأكثر مرارة أن والدها يستثنيها عن أبنائه، فهو لا يخرجها معهم، ويطلب مني دائما البقاء معها بالبيت. إنه يرفضها تماما وهذا ما يزيد من معاناتي، فلو أنه كان متعاونا لخفف علي العبء، ولو معنويا ".
أكد مدير المؤسسة الاستشفائية المتخصصة بسيدي مبروك أحسن برانية، بأن تكاليف أدوية الأمراض النادرة يتجاوز نصف ميزانية المؤسسة المقدرة حسبه بـ8ملايير و 400مليون سنتيم، مما يرفع نسبة العجز المادي للمؤسسة، من سنة إلى أخرى، و أضاف موضحا بأن هناك حالات تم التكفل بها لسنوات طويلة على حساب ميزانية عيادتهم من باب إنساني، رغم عدم تمتعها بأحقية العلاج بمؤسستهم لأنها قادمة من خارج الولاية، و القانون واضح بهذا الشأن و يفرض توفير العلاج لهذه الفئة بالمنطقة التي يعيشون فيها. و يرى محدثنا بأن تخصيص ميزانية خاصة، تكون مستقلة عن ميزانية التسيير، أفضل حل لتجاوز مشاكل العجز التي يواجهونها بسبب تخصيص قيمة كبيرة من ميزانية المؤسسة لهذه الفئة، و التي غالبا ما تكون على حساب مواد ضرورية أخرى. و تحدث بعض الأطباء، عن حالة اليأس التي يصاب بها الأولياء، عند اقتراب فترة بلوغ أطفالهم سن الخامسة عشر سنة، الذي يقترب معه موعد توجيههم نحو مراكز البالغين و خوفهم من توقف الدعم و التكفل المجاني لأطفالهم، بالإضافة إلى مشكلة رفض بعض المراكز تحمل مسؤولية المرضى القاطنين في المناطق التابعة لهم، مثلما سجلوه مع إحدى المريضات القاطنة بولاية سكيكدة و التي استفادت طيلة سنوات من العلاج بقسنطينة حسب طبيبها المعالج.
لا زال سوء التشخيص يحول دون اكتشاف و التكفل بالمصابين بالأمراض النادرة في وقت مبكر، حسب عدد من الأطباء الذين كشفوا عن حالات شخصت أعراضها بمفردها و أخرى عن طريق الصدفة.
و أسر عدد من الأطباء بأن عدم توفر إمكانيات التشخيص و التحاليل الدقيقة للكثير من الأمراض النادرة، تسبب في كشف المرض لدى الكثير بعد فوات الأوان أو بعد تأزم الحالة لديهم و بروز أعراض خطيرة تتسبب للبعض في إعاقات مستديمة و أودت بحياة البعض الآخر.
و تحدث الأطباء عن حالات شخصت مرضها بمفردها أو ساهمت في تشخيص مرض أحد أفراد عائلتها، مثلما حدث منذ فترة، مع إحدى المريضات التي ترددت كثيرا على عيادة سيدي مبروك، دون أن يتمكن الأطباء من فهم حالتها، إلى غاية عودة شقيقتها من فرنسا، أين تحصلت على منحة دراسية، بعد تفوقها في امتحان البكالوريا بمعدل 18 و تفطن الأطباء هناك لإصابتها بداء غوشيه، و تدرك بأن ما ظهر على شقيقتها من أعراض، لا يختلف عما تم تحديده عندها بالخارج، فاتصلت بطبيبة شقيقتها و أخبرتها بذلك و أثبتت التحاليل بالفعل إصابة الطفلة التي لا يتراوح عمرها عن الست سنوات بداء غوشيه، الذي يتمتع أصحابه بنسبة ذكاء و إدراك عال، غير أن سوء التكفل بهم قد يقضي على مستقبلهم.
و ذكر الأطباء أمثلة عن حالات تم تشخيصها صدفة في الشارع، من قبل أطباء متخصصين، أدركوا من خلال الأعراض الظاهرية بأنهم يعانون من مشاكل لها علاقة بإحدى متلازمات ميكوبوليسكاريدوز، موضحين بأنه بتأمل الطفل المريض، يمكن ملاحظة بعض الأعراض الواضحة كتشابه ملامح و سحنة الوجه عند هذه الفئة، بالإضافة إلى شكل الرأس البرجي، و عتامة قرنية العين، و ارتكاز الأذن المنخفض وانخفاض جسر الأنف وقصر القامة و اللسان الممدود..غير أن كل هذه الأعراض قد تتقارب مع أعراض مرضية متشابهة و لا يمكن تأكيدها إلا بتحاليل دقيقة لا زالت غير متوفرة ببلادنا و تتكفل بها بعض المخابر الأجنبية.
و تحدثت إحدى الطبيبات عن حالة الشاب رياض الذي اعتمد على انترنت في تشخيص مرضه المتمثل في داء بومبي الوراثي النادر، الذي يصيب واحدا من بين 40 ألف مولود جديد و يسبب الوهن العضلي جرّاء نقص وراثي أو انعدام إنزيم «أسيد آلفا جلوكوسيديز».
المريض استعان بمنتديات طبية ببعض مواقع الواب، و أقنع طبيبه المعالج بأن حالته نادرة و قد تكون لها علاقة بداء بومبي، و بعد إخضاعه للتحاليل الأساسية، تأكد إصابته بالمرض الذي حوّل حياته إلى كابوس.
و هناك من الأولياء من يرفضون تصديق إصابة أبنائهم بأمراض نادرة، و لا يثقون في نتائج التحاليل و التشخيص الأولي و يفضلون السفر إلى الخارج لإخضاعهم إلى فحوصات و تحاليل جديدة بأمل إيجاد علاج سريع لهم، مثلما هو حال المريض ياسر الذي حمله والده إلى ألمانيا و لا زال حتى اليوم يتابع علاجه هناك، ضد داء متلازمة هورلر بأمل تجنيبه بعض المضاعفات كتفاقم التأخر العقلي و تدهور السمع أو مشاكل في القلب و تشوه القفص الصدري.
و أعرب والد ياسر البالغ من العمر 5سنوات، عن أمله في استفادة ابنه من حظ زراعة نخاع العظم أو الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري أحدث العمليات المعقدة التي تجرى ببعض الدول المتقدمة.