• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
8 كيلومترات للإفطار على كأس ماء و 500 دج لإقتناء كيس حليب
روبورتاج : نور الهدى طابي
يختلف مفهوم الكماليات كثيرا لدى سكان منطقة كاف لكحل، بأعالي جبل الوحش بقسنطينة، عما قد يتصوره البعض من سكان أحياء وسط المدينة و ضواحيها، فالرفاهية في رمضان، لا تعني لهؤلاء أطباقا متنوعة و مائدة عامرة، بل هي حنفية ماء أو بئر قريب و قارورة غاز بوتان إضافية.
بالنسبة لرجال و نساء منطقة كاف لكحل، تعد السهرات الرمضانية و صلاة التراويح امتيازا لا يحظى به الكثيرون لأن أقرب مسجد إلى القرية الصغيرة، يبعد بحوالي 14 كيلومترا، أما أقرب بئر ، فيتوجب على الراغب في الشرب أو الغسل أن يقطع 8 كيلومترات على قدميه، في عز الحر و الصيام، ليصل إليه، هي معاناة تعيشها أزيد من 60عائلة تعيش بالمنطقة المعزولة بأعالي جبل الوحش، منذ ما يزيد عن 20 سنة، بعيدا عن كل مظاهر التنمية و حياة المدينة الصاخبة.
شح المياه و ظروف الحياة تزيد من تعب الصيام
تنقلنا إلى المنطقة لنقف على واقع ساكنيها، و نرصد يومياتهم و سهراتهم في شهر الصيام في ظل العزلة، قطعنا مسافة طويلة قبل أن نصل إلى آخر حاجز أمني يفصل المدينة عن الجبل، عند نقطة التفتيش الأخيرة أخبرنا أفراد الجيش الوطني، بأن المنطقة خطيرة و سلامتنا تعد مسؤوليتنا الشخصية بعد أن نعبر الحاجز، تركناهم خلفنا وواصلنا قطع المسالك الوعرة، أين تنتشر منازل بسيطة بعضها من الاسمنت و أخرى من الحجر و القصدير.
أول منزل قصدناه هو منزل الحاج عمار بن لحرش و هو كائن فوق هضبة يتطلب الوصول إليها المرور عبر طريق ملتو ووعر، و عندما وصلنا أخبرنا الحاج عمر، بأن ظروف الحياة صعبة جدا و تزيد قسوة خلال فصل الشتاء و شهر رمضان، لأن العبء المادي يصبح أكبر، خصوصا ما تعلق بالحصول على قارورات غاز البوتان، كون استهلاك هذه المادة يرتفع في مثل هذه الفترات من السنة، وحسب المتحدث، فإن عزلة المنطقة تفرض على الفرد الخروج باكرا و الانتظار لمدة ساعتين على الأقل، ليتمكن من إيجاد سيارة "فرود"، عادة ما يطلب صاحبها مبلغا يتراوح بين 300و 500 دج، ليقل زبونه من كاف لكحل نحو أقرب نقطة، وهي مفترق طرق حي جبل الوحش، لذلك فإن أي شخص ينزل إلى المدينة، سيكون عليه اقتناء مستلزمات البيت الضرورية لمدة أسبوع كامل، من خبز و حليب و مواد غذائية أخرى، بالنسبة للخضروات،غالبية سكان القرية يزرعون الضروري منها، كالبصل و البطاطا و البقدونس، ليقللوا من أعباء شرائها، علما بأن الوضع لا ينطبق على الجميع، فهناك عائلات تحت خط الفقر و لا تجد إفطار يوم واحد.
أما بالنسبة لاقتناء قارورات غاز البوتان، فتلك قضية أخرى، حسب عبد العالي، شاب في الثلاثينات من العمر من سكان القرية، لقد وصف ظروف الحياة هناك بالمأساوية، محملا مصالح البلدية مسؤولية العزلة التي تعيشها المنطقة، فكل عائلة تستهلك، حسبه، ما يعادل خمس قارورات غاز خلال شهر رمضان،و يتطلب الحصول عليها برمجة خاصة، تبدأ من البحث عن شاحنة صغيرة، قلما يتم إيجادها و من ثم تأجيرها مقابل 700 إلى 1000دج، و النزول من الجبل باتجاه واد الحد، لتعبئة القارورات مقابل 400دج للقارورة و من ثم العودة بها مجددا.
حسب عبد العالي، فإن رحلة البحث عن الغاز قد تتكرر مرتين خلال رمضان، لأن العزلة و غياب محلات البقالة و المخابز، يحتم على العائلات طهي خبزها يوميا في المنزل، مما يرفع حجم استهلاك هذه المادة التي تنفذ بشكل سريع.
شباب يقطعون 18كليومترا لأداء التراويح
تركنا الهضبة الأولى و قصدنا أسفل التل، هناك دخلنا بيتا قديما يفتقر لأدنى ظروف العيش الكريم، تسكنه الحاجة زينب و أبناؤها العشرة، استقبلتنا بابتسامة طيبة، و أدخلتنا إلى مطبخها المتواضع كانت مظاهر الفقر جلية في كل أركانه، حاولت الحاجة زبيدة ترتيبه، لكن فراغه و ظلمة جدرانه الحجرية و أرضيته القديمة، عكست ظروف الحياة الصعبة، التي تجلت كذلك من خلال الثلاجة الخشبية القديمة التي تعود لسنوات الاستقلال.
أخبرتنا مضيفتنا بأن تكاليف الحياة صعبة في الجبل، فالمواد الغذائية الضرورية كالحليب و الخضر سريعة النفاذ، والتمون يتطلب رحلة نحو المدينة تكلفتها500 دج للنقل فقط، دون احتساب ثمن البقالة، لذلك يضطر الناس لمراقبة طعامهم و الاقتصاد في ما يأكلونه، لتجنب الندرة و عناء النزول من الجبل مجددا.
الحاجة زبيدة قالت بأن مائدة العديد من العائلات شحيحة، لأن تكاليف النقل و الكهرباء و غاز البوتان تستنزف الجيوب، بشكل لا يترك للطعام الكثير، "الجميع يفطر على الكسرة و الجاري و شكشوكة البصل أو الخضار في غالب الأحيان"، كما علقت، مضيفة بأن الاقتصاد يكون حتى في استهلاك الماء الشروب، لأن الحصول عليه يتطلب التنقل على الأقدام، نحو مفترق الطرق الذي يبعد عن القرية بحوالي 8 كيلومترات للاستسقاء من المنبع الطبيعي الوحيد الموجود هناك.
بالنسبة لصلاة التراويح، فهي ترف ،كما قالت محدثتنا، و غالبية الشباب ومن بينهم أبناؤها، يقضون سهراتهم في النوم، هربا من واقعهم، وهو واقع وصفه ابنها رشيد بالمرير، مشيرا إلى أن أقرب مسجد يبعد بمسافة 18 كيلومترا، و للوصول إليه يجعل بعض شباب المنطقة يجتمعون مع بعضهم، بعد آخر ملعقة إفطار، ليخرجوا معا بحثا عمن يملك سيارة قد تقلهم ، فإن وجدوها قصدوا وسط المدينة، و إن لم يحالفهم الحظ لذلك، اكتفوا بالسهر على ضوء القمر أو النوم، بعيدا عن صخب الحياة و سهرات قسنطينة التي يسمعون عنها فقط في نشرات الأخبار، كما علق رشيد.