• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
الحاجة سكينة مراجي كتبت نسخة من المصحف باليد و هي في 72 من العمر
لم يجبرها سنها و لا عديد العمليات الجراحية التي خضعت لها أن تواصل ما تبقى من عمرها أمية، فقد قررت و هي في الستينات من العمر، أن تمتطي قطار العلم، لتتعلم أبجديات اللغة العربية و تتحرر من قيود الجهل و تحقق حلمها و هو قراءة القرآن الكريم و كتابة نسخة كاملة منه، و اختارت النصر لتكون أول من تطلعه على انجازها.
استقبلتنا الحاجة سكينة مراجي البالغة من العمر الآن 72 عاما في بيتها بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، و حدثتنا عن الحافز الذي دفعها لركوب قطار التعليم، قائلة بأنها كانت تشعر طيلة حياتها برغبة كبيرة في قراءة القرآن الكريم، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بحكم أنها أمية و لا تستطيع حتى معرفة الوقت أو تحديد الساعة ما أثر فيها كثيرا، و كان حصولها على سكن اجتماعي من أسباب ولوجها باب العلم، فبعد ترحيل عائلتها من «حي الأمير عبد القادر» الفوبور سنة 2003 ، إلى المدينة الجديدة،أصبحت مواظبة على الصلاة في مسجد عمر بن العاص، المجاور لمسكنها خاصة في رمضان، و قد شجعتها إحدى المرشدات بعد أن لاحظت بأنها شغوفة بالقراءة، إلى التسجيل في قسم محو الأمية بذات المسجد، و هو أمر أثار فرح و حماس الحاجة سكينة، التي أسرعت إلى إخبار أبنائها و زوجها بذلك، معربة عن رغبتها في التعليم، و شجعها أبناؤها و بناتها بدورهم على ذلك، فيما رفض زوجها الفكرة جملة و تفصيلا.
إصرار الحاجة سكينة على التعلم و تحقيق حلمها جعلها تلح على زوجها، فتمكنت من إقناعه و سجلت في قسم تعليم الكبار و محو الأمية بالمسجد سنة 2004، لتكون أول سنة دراسية لها، غير أنها لم تتمكن من متابعة الدراسة في الأشهر الأخيرة من الموسم الدراسي، بسبب إجرائها لعملية جراحية ألزمتها المكوث في المستشفى، حيث لم تتمكن من تعلم كل الحروف الأبجدية، مضيفة بأنها كانت تبكي لعدم قدرتها على كتابة حرف أو كلمة أو عدم القدرة على قراءته، و كذا لدى تماطل أبنائها في مساعدتها على ذلك، لكن عزيمة الحاجة سكينة القوية لم تنكسر، فواصلت بعد تعافيها الدراسة في دار الشباب مجوبي بالمدينة الجديدة، أين تمكنت من تعلم كل الحروف بشكل جيد، و كذا كتابة الكلمات، حيث كانت تدرس مرتين في الأسبوع بمعدل ساعتين، بعد سنة و تحديدا سنة 2007 توفي زوجها فاضطرت للتوقف عن الدراسة.
خضوع الحاجة سكينة لثلاث عمليات جراحية على مستوى العين و رابعة على الغدة الدرقية، و كذا مكوثها في المستشفى قرابة 45 يوما بسبب مرض في رجليها، تسبب في عدم مواصلة تعليمها بانتظام، و قد نصحتها حينها الأستاذة المشرفة – بحكم أن الحاجة سكينة أصبحت تُجيد كتابة الكلمات و الجمل - بكتابة القرآن لتتدرب على القراءة و الكتابة، خاصة و أن خطها واضح، و لا يوحي بأنها مبتدئة، و قد اقتنت حينها أجزاء من المصحف، يتضمن الأول خمسة أحزاب، و قامت بإعادة كتابته باليد كاملا، لتباشر بعد الانتهاء من هذه العملية بكتابة جزء آخر يتضمن أربعة أحزاب، لتتعود على كتابة القرآن دون أخطاء.
بخصوص كتابتها لنسخة كاملة من المصحف بيدها، قالت بأنها قامت بذلك في سنة 2014، معتمدة على مصحف من حجم كبير، أهداه لها حفيدها عندما بدأت طلب العلم، و كانت ابنتها حبيبة تشرف على تصحيح الأخطاء لها و قراءة الكلمات المعقدة التي لا تستطيع فهمها، و كانت الحاجة تخصص وقت الظهيرة و كذا الفترة المسائية لكتابة نسخة من المصحف، لكن ليس بشكل يومي، بحكم مرضها، كما تسهر للساعات الأولى من الصباح من أجل مواصلة الكتابة و حفظ القرآن الكريم .
في يوم 19 أوت 2016، انتهت من كتابة نسخة كاملة من المصحف و كانت آنذاك بمفردها في البيت، فقررت أن تضفي اللمسات الأخيرة على هذا الانجاز بعيدا عن أنظار أفراد الأسرة، موضحة بهذا الشأن، بأنها تعبت كثيرا في الأيام الأخيرة من كتابته، غير أنها لم تفكر في التوقف عن ذلك، مشيرة إلى أنها لم تطلع أفراد أسرتها و زميلاتها في الدراسة في البداية على تلك النسخة المكتوبة بيدها ، لأنها شعرت بالخجل بحكم أنها كبيرة في السن.
و فوجئت بردود فعل غير متوقعة من أبنائها و بناتها السبعة و أحفادها عندما شاهدوا تلك النسخة، حيث انفجروا فرحا و سرورا و هنئوها بالمناسبة، خاصة ابنها المقيم بكندا، الذي طالما ساعدها على الكتابة خلال زياراته للجزائر، و بذلك تعتبر الحاجة سكينة أول امرأة في قسنطينة إن لم نقل في الجزائر، تعلمت في أقسام محو الأمية و هي في سن الشيخوخة و كتبت نسخة من كتاب الله، ملتزمة بالشكل و الإطار و كل تقنيات كتابة المصحف، بخط يدها الجميل و الواضح.
ابنة مدينة سكيكدة المنحدرة من منطقة بني ولبان، قالت بأنها قدمت إلى قسنطينة عندما تزوجت و كانت حينها في 14 من عمرها، و أشارت إلى أن زوجها المرحوم كان مواظبا على ترتيل القرآن و كان يحفظه كاملا، بالرغم من أنه أمي فحفزها ذلك على كتابته و حفظه، موضحة بأنها تشعر بارتياح لا مثيل له، بعد أن تمكنت من تحقيق حلم حياتها و هو طلب العلم و كتابة نسخة من المصحف، و كذا زيارة البقاع المقدسة منذ شهرين، كما تحفظ ثلاثة أحزاب من القرآن الكريم، و أصبحت مواظبة على تلاوته، مشيرة في ذات الخصوص بأن أبناءها يسيرون على نفس الدرب و حفيدتها التي تبلغ من العمر سنتين تحفظ 15 سورة.
أسماء بوقرن