أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
ثريد الدجاج و الخضر لاستقبال حازوزة و بخار بونافع لطرد الأمراض
أجمع من تحدثنا إليهم من سكان بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة ، على ارتباط مظاهر الاحتفال بالسنة البربرية أو العربية، تمييزا لها عن المسيحية ، بالمواسم الفلاحية. على اختلاف توجهاتهم ، و انتماءاتهم الثقافية ، بين أمازيغية وعربية و كذا ما يسمى بمنطقة القبائل الصغرى بنواحي جيجل، فإنهم يتقاسمون نفس المعتقدات و من بينها الاحتفال بليلة « حازوزة « التي توافق 12 جانفي و التي «تحز»، حسبهم، أي تفصل بين عامين.
الجديد ، الذي يبدأ عند المسحيين في 28 نوفمبر ، و بحذف ثلاث ليال منه يكون منتصف جانفي عندهم يوم 12 من هذا الشهر ، وهو ما يوافق رأس السنة البربرية ، التي يحتفل بها الجزائريون في مناطق عدة على اختلاف تسمياتها. لدى محاولتنا رصد اختلاف مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة التي تسعى بعض الحركات الأمازيغية لتصنيفها ضمن الأيام الوطنية الرسمية ، و عطلة مدفوعة الأجر ، وقفنا على أن إحياء يناير ، مرتبط بالموسم الفلاحي ، و هناك معتقدات ينطلق منها المحتفلون ، والآمال تحذوهم وهم يحضرون لذات الموسم في أن يكون موسما خصبا مكللا بالخيرات، و أكبر كميات المحاصيل و الثمار . الدكتور د. حكيم، من أبناء منطقة القبائل الكبرى ، ومقيم منذ أكثر من عشريتين ببلدية عين عبيد ،ولاية قسنطينة ، قال للنصر، بأنه يحرص كل الحرص على الاحتفال بحلول يناير ، وفق التقاليد التي نشأ عليها ، منذ نعومة أظافره ، ويريد اليوم نقلها لأبنائه ، بعد أن ورثها عن أسلافه ، الذين يحضرون وجبة الكسكسي ، التي يجب أن تعلوها كل الخضر المتوفرة في السوق ، من لفت و جزر ، و بطاطا ، و خرشوف ، بعد طهيها بمرق الدجاج المحلي إن وجد ، وهذا على أمل أن يكون الموسم الفلاحي غنيا بذات المنتوجات ،بما فيها البقول من حمص وفول ، و يتأسف على تحويل ذات المناسبة إلى مجرد فرصة للغناء والرقص ، مع نسيان الموروث الشعبي. من جهته يرى لخميسي،و هو يقيم بنفس المنطقة منذ بداية الثمانينيات ، بأنه و عائلته كانوا يحييون ذات المناسبة في أجواء احتفالية جد رائعة ، بدأوا التخلي عنها تدريجيا ، خلال السنوات الأخيرة .عن مظاهر الاحتفال ، يقول نفس المتحدث ، أنها كانت تبدأ أياما قبل ليلة رأس السنة ، بشراء «القشقشة»أي المكسرات ، والحناء ، وتحضير ثريد الطاجين التي تسمى بمنطقة قسنطينة « الشواط «، مع ذبح دجاجة لكل فرد من العائلة ، ليحتسى مرقها بعد طهيها كعلاج أو وقاية من الزكام ، و تحرص ربات البيوت على أن يكون المرق حارا جدا ، مع احتوائه على مختلف الخضر المتوفرة في السوق أو البستان .
و أضاف لخميسي بأن بعض الأرياف و الأعراش في عين الفكرون، مسقط رأسه ، لا يزال سكانها يذبحون العجول ويقسمون لحومها ، حتى تعم الفرحة جميع طبقات المجتمع،و تسود نفس أجواء الاحتفال بالعيد من حناء ، وإعداد أشهى الأطباق التقليدية في الجهة ، كنوع من غرس الأمل و التفاؤل بموسم فلاحي جد وفير ، فارتباط الناس بالأرض وما تنتجه كان جد قويا، قبل التوجه نحو التجارة ، والاستيراد ، إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء فئة و إن كانت محدودة وفية لإحياء ذات المناسبة. عمى مسعود الذي حل أجداده قسرا ،بمنطقة بئر سطل الواقعة بين عين عبيد وتاملوكة ، بعد أن اجتثهم الاستعمار ، من منطقة العوانة بولاية جيجل ، يسكن الآن عين عبيد ، يقول بأنه و عائلته و سكان منطقته ، كانوا يحتفلون بذات المناسبة بنفس الطقوس التي ذكرها لخميسي ،لكن دون استعمال الحناء ، وشراء المكسرات ،لكن «الشواط» بالدجاج أهم وجبة يحتفل بها في ليلة حازوزة ، أملا في موسم فلاحي جد وفير ، و كنوع من التوسعة على العيال ، وإبداء الفرحة على أمل أن يكون خيرالموسم وفير.
فيما يتأسف عمي السعيد شعبي ، على اختفاء مظاهر الاحتفال بموسم حازوزة ، الذي كان «يقابله سكان منطقة جنوب قسنطينة ب» الفتات « أي «الشواط « و «الشخشوخة «، حتى يقابلهم هو بالنبات «أي بمحصول وفير و كانوا يتطيرون بكل ما يبرم من كسكسي و عيش ، حتى لا يكون بردا يفتك بمحاصيلهم الزراعية ربيعا ،في موسم الرعود ، إلا أن الاحتفال عندهم يدوم حوالي ثلاثة أيام ،يبدأ من ليلة ذات السنة بتحضير ، «الغرايف» أو «القرصة» التي تسقى بالسمن المقطر، الذي يستخرج من أوان مطمورة تحت الأرض ، بعد خزنه ربيعا ، ثم يفطرون به صباحا ، وقد أغرق صحون العصيدة ، بصفرته المميزة ،ويأكل منه الفلاحون ، ويتصدق منه على الجيران، ممن لا يملكون ذات المدخر ، المقاوم للبرد. يأتي بعد ذلك دور الشواط و الدجاج ، ويحضر المرق بالفلفل الأحمر و «الفرماس» أي المشمش المجفف ،و كل ما توفر من خضر. و هذا أهم طبق في الاحتفال، ويضاف إلى ذلك تغيير كل ما يتعلق بالمطبخ ، من الحجارة التي يوضع عليها القدر ، و حفرة النار أو الحطب التي تغطى بطبقة بيضاء ، ويتم طلاء البيوت ، بجير المحافر.بعد ذلك، يعقم البيت أو الكوخ بغلي جذور نبتتي ، «بونافع» أو «الدرياس» مع «لاداد «، بغليهما معا في قدر ، فيطرد ،حسب المعتقد السائد ، بخارهما الذي يملأ أرجاء البيت الأمراض ، من أرجائه. وأخيرا يرش السقف و المحيط بمائهما ، و بذلك تكون أيام حازوزة قد طويت، و الكل يحذوه الأمل في موسم فلاحي وفير.
ص.رضوان