النصر شاركتهم فرحتهم في حفل تكريم: 16 مريضا بالسرطان يتفوّقون في شهادتي التعليم الابتدائي و المتوسط

نظمت جمعية إعانة مرضى السرطان بوهران نهاية الأسبوع، حفلا  تكريميا على شرف الأطفال المرضى الذين تفوّقوا في  شهادتي  التعليم  الابتدائي   و المتوسط، وعددهم 16 طفلا، كما تم بالمناسبة تكريم الطاقم التربوي و الصحي.
أعرب مدير مستشفى مكافحة السرطان بوهران قادة بعطوش، عن ارتياحه لنجاح أول تجربة في تنظيم امتحان شهادة التعليم المتوسط داخل المؤسسة الاستشفائية، و هي المبادرة التي كانت بالتنسيق مع مديرية التربية و إشراف الطاقم التربوي والصحي و الإداري للمستشفى.
أضاف السيد بعطوش في تصريح للنصر، أنه كان حريصا على تجسيد المبادرة بالتنسيق مع مديرية التربية بالولاية، خاصة بعد أن  توفيت  إحدى  المريضات بالسرطان وهي من البيض، و كانت ممتازة و تحب الدراسة و  طرح  والداها الإشكال الذي أخذته  إدارة المستشفى بعين الاعتبار و نفذته، لكن الطفلة فارقت الحياة قبل الامتحان، فسعى لتوفير كل ما تتطلبه العملية  من  وسائل و إمكانيات، و هي نفس التحضيرات التي كانت تقوم بها المؤسسة الاستشفائية  منذ  سنوات، لتنظيم امتحان نهاية التعليم الابتدائي، مبرزا أن المبادرة ترمي لعدم حرمان هؤلاء المرضى من مواصلة تعليمهم بصورة عادية، لأنهم لو غادروا المستشفى و توجهوا إلى ولاياتهم لاجتياز امتحاناتهم، سوف يضطرون لتوقيف علاجهم، مما يؤثر سلبا على صحتهم .
من جهته، قال رئيس جمعية إعانة مرضى السرطان محمد بن سكران، إن كل أفراد الجمعية متعودون على تقديم مساعدات لمرضى السرطان، خاصة الأطفال القادمين من ولايات أخرى، و منهم من ترافقه والدته في رحلة العلاج بالمستشفى، و بفضل المحسنين ومساهماتهم، يتم دوريا توفير بعض احتياجات هؤلاء المرضى، كما يتم تنظيم نشاطات ترفيهية لهم.
و أضاف المتحدث أن حفل التكريم الذي تم تنظيمه الخميس الماضي، يندرج في هذا الإطار الخيري، حيث وفر المتبرعون حلويات مختلفة وهدايا للمتفوقين تمثلت في لوحات إلكترونية لاستعمالها في دراستهم لاحقا.
و أردف المتحدث أن سيدة مختصة في ديكور الأفراح ساهمت في تزيين قاعة الاحتفال، و تقديم هدايا أخرى للأطفال، مشيرا إلى أن وباء كورونا أثر على تنظيم النشاطات الترفيهية، لحماية الأطفال من الفيروس، لأن مناعتهم ضعيفة.
و أبرز أن المناعة الضعيفة للأطفال تقابلها معنويات مرتفعة و إرادة قوية يتمتعون بها، بفضل جميع المحيطين بهم، خاصة  المختصات النفسانيات اللائي تم تكريمهن أيضا، و أوضحن للنصر أنهن سطرن برنامجا استثنائيا من أجل مرافقة هؤلاء التلاميذ، لمدة شهر قبل الامتحان، وكان البرنامج متنوعا أساسه جلسات الإصغاء  التي تمكن خلالها الأطفال من تجاوز القلق و الهواجس التي كانت تنتابهم، خاصة وأنهم لم ينقطعوا عن العلاج الدوائي وجرعات العلاج الكيماوي خلال فترة الامتحانات.
و أضافت الأخصائيات أنهن ركزن أيضا على توفير الجو العادي لهؤلاء التلاميذ حتى لا يشعرون بالفرق بينهم وبين نظرائهم خارج المؤسسة الاستشفائية، فرفع المعنويات مهم جدا لتحدي المرض و مواصلة الحياة بشكل عادي، بالتوازي مع العلاج، و أثنى المتفوقون من جهتهم في حديثهم مع على ذات البرنامج و أجمعوا أن دور العامل النفسي مفصلي في تشجيعهم على الدراسة و النجاح.
فرحة النجاح   أنستهم ألم جرعات الكيمياوي
يذكر أن النصر حضرت مع المترشحين لشهادة التعليم المتوسط فعاليات اليوم الأول من الامتحان بمركز الإجراء داخل المستشفى، و رصدت التطبيق الصارم لإجراءات الوقاية من كورونا، و  منع دخول غير المؤطرين إلى مركز الامتحان، ثم عادت  النصر لترصد فرحة عديد المترشحين بالنجاح، علما أن العديد منهم لم يحضروا الحفل أول أمس الخميس، بسبب خضوعهم للعلاج و لجرعات الكيمياوي.
فرحة آية القادمة من تيارت ، التي حصلت على معدل 12,58 من 20 في شهادة «البيام»  ، كانت كبيرة ، مثل أمنيتها في أن تتفوق في البكالوريا و تصبح طبيبة في المستقبل، مؤكدة للنصر أنها لم تواجه صعوبات كبيرة في الامتحان، لأنها كانت تدرس خارج المستشفى قبل أن تعود للعلاج،  و لم تنقطع عن دراستها بالمستشفى بفضل الطاقم التربوي.
وأضافت آية أنها أصيبت بالسرطان منذ الصغر و خضعت للعلاج و شفيت تماما مما ساعدها على العودة لحياتها و دراستها العادية، إلا أن الداء عاد بعد سنوات و أعادها إلى المستشفى بجسم نحيل و إرادة قوية لمقاومته ومواصلة التفوق، وبعد نجاحها في «البيام» ، تنتظر نتائج التحاليل ليتمكن الطاقم الطبي من تحديد العلاج المناسب لها.
وبروح مرحة تحدث الناجح عبد الله من غليزان، الذي حصل على معدل 11,85 من 20، عن دراسته و نجاحه، مشيرا إلى أنه التحق بالمستشفى في بداية السنة الجارية، و أوضح بأنه كان بصحة جيدة إلى غاية سبتمبر 2020، ثم شعر بوهن و إعياء شديد، ثم أصيب بإغماء، و نقله والداه بين الأطباء لإجراء فحوصات، إلى أن شخصوا إصابته بسرطان الدم وبدأ العلاج بمستشفى وهران.
لاحظنا أن عبد الله كان يتمتع بمعنويات مرتفعة، مثلما كان خلال أيام الامتحان، بفضل المختصين النفسانيين والطاقم التربوي، و أكد لنا أنه يعتبر إصابته عادية وسيتغلب عليها، ويشفى، ليصبح محاميا.
وكانت سعادة شيماء بنجاحها لا توصف، خاصة و أن والدتها حضرت من تلمسان إلى وهران، لمشاركتها فرحتها وحضور حفل تكريمها، ثم اصطحابها إلى مدينتها تلمسان للمشاركة في حفل عائلي بمناسبة نجاحها، و لكي تنعم بالدفء الأسري.
شيماء حصلت على معدل 10,80 من 20 و تطمح لمواصلة دراستها و التخصص في الفلسفة والأدب العربي لأنها تحب كثيرا المادتين، و ستجري قريبا عملية جراحية على رجلها بسبب سرطان العظام.
و شكلت أم أنس في حفل التكريم الاستثناء، ليس فقط بمرافقة ابنها، لكن بزغاريدها التي لم تتوقف عند تكريم المرضى الصغار ، و قالت للنصر، إن ابنها أنس تحصل على شهادة التعليم الابتدائي بمعدل 9,50 من 10 ، مما أدخل البهجة إلى قلبها وقلب الصغير أنس.
و أوضحت أن ابنها كان يشعر بالإعياء دائما و بآلام في الأذن، و لم يشخص الأطباء في البداية مرضه،  و لم ينفع معه العلاج، إلى أن انتفخت أذنه الخارجية، وتبين أنه مصاب بورم في الجمجمة، و كان عمره 7 سنوات عندما دخل مستشفى مكافحة الأورام السرطانية بوهران، و بدأ بروتوكول العلاج في سنة 2017، لكنه لم ينقطع عن الدراسة داخل المؤسسة الاستشفائية بالموازاة مع العلاج وجرعات الكيمياوي، إلى أن حصل على شهادة «السانكيام» و حالته الآن مستقرة ويخضع للمراقبة الطبية من حين لآخر، ثم يعود لبيته و إخوته في بوتليليس، غرب وهران.
و تمكن أنس من التفوق على زملائه، رغم المرض وتبعاته ، لكن أيضا رغم فقدانه والده العام الماضي متأثرا بإصابته بالسرطان أيضا، لتبقى والدته صامدة ترافق ابنها بشجاعة و صبر، على أمل أن يتماثل للشفاء و يعود لحياته العادية مع أقرانه.
بن ودان خيرة