أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
«بوروبور».. بياض الحجاج بدأ يفقد نصاعته وسكينته
مرسى الحجاج.. ميناء الدجاج، محطة طيور «الفلامور» أو «بورتيس بوليس» ، هذه التسميات التي تم اختصارها والإبقاء على تداولها لحد اليوم في كلمة «بوروبور».
روى لنا بعض سكان المنطقة وكذا بعض العارفين بالأساطير، أن «بوروبور» أو مرسى الحجاج حسب التسمية الرسمية للبلدية، استقت اسمها من كونها منذ الأزل عبارة عن ميناء جميل تم تخصيصه لمغادرة و رجوع الحجاج، و يقال أنه مع وجود المعمرين الذين اتخذوا من المنطقة مستقرا لهم، راح هؤلاء يستهزئون من الحجاج و لباسهم الأبيض خلال تجمعهم كل سنة قرب الميناء، فكانوا يطلقون عليهم «ميناء الدجاج» ومنها اشتقت كلمة «بور دي بول» التي تحوّلت في اللهجة المحلية إلى «بوروبور».
المنطقة التي لشاطئها حكايات وأساطير، جمعت بين الحضارات والتاريخ الثوري للجزائر و أصبحت المنطقة قطبا صناعيا و اقتصاديا وسياحيا و فلاحيا، امتزجت فيه الخيرات الطبيعية لترسم شاطئا يحاكي الزمن.
بمجرد دخولك للشاطئ تكتشف شساعته وعذرية رماله، ليقابلك بقايا الميناء الروماني «بورتيس بوليس» و كأنها تصارع من أجل البقاء لتشهد على عراقة المدينة، تحيطها من الخلف أراض فلاحية يعانق اخضرارها زرقة البحر. هذه المكتسبات دفعت بالمسؤولين لإدراج الشاطئ في المسابقة الوطنية لأحسن شاطئ، رغم تغيّر ملامح «بوروبور» هذا الموسم.
فإلى جانب الشاطئ الرئيسي الواسع والمحافظ لحد ما على نظافته بفضل سواعد أبناء المنطقة، يوجد شاطئ شبه صخري يعانق بعض السكنات التي يؤجرها أصحابها سنويا للمصطافين، تتخللها سيول القذارة القادمة من تدفق بعض القنوات التي تصب مباشرة في الشاطئ، ونحن نقف على الكارثة وجدنا أطفالا رفقة عائلاتهم يسبحون في الأوساخ دون وعي بخطورتها التي لم يكثرت لها أحد، المهم بالنسبة لهم هو السباحة في مكان غير مأهول بالمصطافين. بينما اتخذت مجموعات من الشباب جانبا من الشاطئ الكبير لنشر خيمهم من أجل قضاء عطلتهم عوض اللجوء لكراء المنازل، في انتظار إنجاز مركب سياحي أعطى وزير السياحة مؤخرا موافقته عليه على هامش زيارته لوهران.
اقتربنا خلال جولتنا من عدد من المصطافين الذين لاحظنا على محيا بعضهم علامات الاستياء والغضب، حيث قال أحد الشباب الذي لم يفارق الشاطئ منذ 10 سنوات، أن مرسى الحجاج كان شاطئا ينافس شواطئ أوروبا قبل سنوات، كما كان مخصصا للعائلات فقط التي تخضع لضوابط متعارف عليها في المنطقة وهي التزام الأخلاق و الاحترام و الاستجمام والراحة، لكن كل ذلك اختفى اليوم بعد أن تحوّل المكان إلى شبه»مزبلة» لكثرة القاذورات التي يرميها المصطافون القادمون من كل حدب وصوب خاصة بعد إعادة تشغيل خط السكك الحديدية الذي «يفرغ» يوميا مئات الأشخاص القادمين من عدة ولايات شرق وهران، ولم تعد مجهودات السلطات تكفي للعودة بالشاطئ إلى ما كان عليه.
وأوضح متحدث آخر من محبي شاطئ «بوروبور» و يفضله عن غيره و اختاره لقضاء موسم الصيف منذ عشرات السنين، آسرا بأنه كان يقضي كل الصيف فوق شاطئ مرسى الحجاج وكأنه في بيته لوجود الأمن والأمان والهدوء تضاف إليها روعة المناظر الطبيعية، لكنه صدم هذا الموسم من كثرة المصطافين المتوافدين من مختلف مناطق الوطن، و انعدام القيم و الأخلاق التي كان يتمتع بها رواد المكان، مشيرا إلى بعض المظاهر المشينة التي سجلها عند بعض الشبان الذين يزورون الشاطئ وهم في حالة غير طبيعية لتناولهم المهلوسات أو أنواع المخدرات مثلما يبدو ذلك على تصرفاتهم ، إضافة إلى حوادث السرقة المستفحلة في المدة الأخيرة.
وبخصوص الظاهرة و تزايد انتشارها هذا الموسم، أوضح المتحدث أن الكثير من المصطافين الذين تعودوا على الشاطئ منذ سنوات، كلفوا أنفسهم هذه المرة بمهمة ملاحقة السراق والقبض عليهم وتسليمهم لفرق الدرك.
و أثناء تجوالنا فوق شاطئ مرسى الحجاج التقينا بمجموعة من النسوة رفقة أولادهن يستمتعن بنسمات البحر، فأفادتنا إحداهن أنهن جئن في شكل مجموعة على متن حافلة من نوع تويوتا من ولاية سعيدة لقضاء اليوم بهذا الشاطئ والعودة مساءا، ومن خلال كلامها فهمنا أنها و الكثيرات غيرها لا يبالين بالمسافة الطويلة التي يقضينها في الطريق لتلهفهن على قضاء وقت راحتهن بهذا الشاطئ الجميل.
و ذكرت الحاجة عائشة التي جاءت من مدينة أرزيو ف مع بناتها وكنتها و أولادهن، بأنها تفضل هذا الشاطئ إلا أنها سجلت مضايقات كثيرة هذا الموسم من طرف بعض الشباب الذين جاؤوا من مناطق مختلفة ولعدم احترامهم للعائلات وهذا ما لم يكن موجودا في السابق مثلما أضافت محدثتنا التي كانت تحرس الأمتعة خوفا من السرقة.
«قطار المحمدية»..
يعتبر شاطئ مرسى الحجاج الوحيد في الجهة الغربية للوطن الذي به محطة للقطار، حيث تم هذا الموسم إعادة تشغيل الخط الرابط بين المحمدية ومرسى الحجاج والذي كان متوقفا منذ أكثر من 13 سنة لأسباب تقنية وأخرى مرتبطة بإنجاز العديد من المشاريع الاقتصادية بالمنطقة خاصة منها أكبر محطة إفريقية لتحلية مياه البحر وهي محطة المقطع غير البعيدة عن المكان، و رغم استبشار سكان المناطق المنتشرة بين مرسى الحجاج والمحمدية في معسكر بتسهيل مهمة نزولهم للبحر، إلا أن مرتادي شاطئ "بوروبور" أحسوا بنوع من القلق لأن ملامح الشاطئ تغيّرت وقد وقفنا بدورنا على هذه التغييرات، حيث و بمجرد توقف القطار ترى جموع الشباب والعائلات يتدفقون و يتوزعون فوق الرمال حاملين معهم عيدان القصب وبعض القضبان الحديدية ليصنعوا بها خيمهم المميزة ، سيما و أن منطقة المحمدية معروفة بكثرة القصب بها عبر المحيطات الفلاحية والوديان، و هو المنظر الذي يسبب استياء الكثيرين لما يخلفه هؤلاء المصطافين من أوساخ بعد مغادرتهم للشاطئ مساءا، حيث يتركون أعدادا كبيرة من القصب مرمية فوق الرمال إلى جانب بقايا الأكل و قارورات الماء و غيرها من القاذورات التي يرفعها يوميا أعوان البلدية و بعض شباب مرسى الحجاج الذين باتوا يطلقون على القطار اسم «قطار القصب».
و رغم كل هذا، يبقى شاطئ مرسى الحجاج، محجا للعائلات طيلة موسم الإصطياف ومقصدا للشباب العاشق للبحر شتاءا، في انتظار إنجاز المرافق الضرورية لترقيته إلى مصاف الشواطئ العالمية التي تجمع بين كل المكونات الطبيعية و التاريخية في فضاء واحد مفتوح على كل الاحتمالات الجمالية.
هوارية ب