الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
تعتبر حرفة صناعة الفخار في تيزي وزو من الحرف التقليدية العريقة التي اشتهر بها السكان منذ زمن بعيد، وتسعى الحرفيات في الوقت الراهن إلى الحفاظ على هذا التراث الشعبي الذي يمثل تاريخ المنطقة العريق بمختلف مراحله، كما يعتبر الفخار ملازما لسكان جرجرة سيّما في سنوات الاستعمار، أين كانوا يعتمدون كثيرا على الأواني المصنوعة منه في الطهي وتخزين الزيت والمياه ومختلف الاستعمالات اليومية الأخرى نظرا لعدم توفر البديل وحالة الفقر التي كان يعيشها المواطنون في تلك الحقبة الصعبة.
و تعد دائرة معاتقة الواقعة على بعد حوالي 22 كلم جنوب عاصمة الولاية تيزي وزو رائدة في صناعة الفخار، و تستقبل المنطقة بين شهري جوان و جويلية من كل سنة أعدادا كبيرة من عشاق الأواني الفخارية الذين لا يفوتون المهرجان الثقافي المحلي للفخار لشراء و إمتاع نظرهم بجمال التحف التقليدية التي يبدع في صنعها حرفيو المنطقة.
وتعتبر هذه الحرفة حسب الحرفية سعدية رابحي مصدر عيشهن الوحيد خلال السنوات الماضية خاصة اللواتي لا يملكن أي دخل مادي، مثل المطلقات و الأرامل، حيث ساهم الفخار إلى حد بعيد في تخليص الكثير من العائلات من حالة الفقر و العوز، إلا أنها تحوّلت في الوقت الراهن إلى مجرّد هواية تمارس في أوقات الفراغ، وتحاول هؤلاء الحرفيات بشتى الطرق إنقاذها من الاندثار غير أنها أصبحت تحتضر بسبب تحالف عدة مشاكل حولها أهمها غياب الخلف من الفتيات لممارستها ضف إلى ذلك صعوبة تسويق المنتوج، إذ يبقى المهرجان الثقافي المحلي بالنسبة لعدد من الحرفيات الفرصة الوحيدة لبيع منتجاتهن. عن كيفية تحويل الطين إلى تحف فنية رائعة تقول الحاجة «يمينة قادري» 76 عاما أن هذه الحرفة العريقة تمر بعدة مراحل صعبة ومتعبة و يتطلب صنع الأواني الفخارية صبرا كبيرا وجهدا بدنيا ويدويا لأنها لا تزال تعتمد على الطرق التقليدية في المنطقة، فالبداية تكون بحفر المادة الأولية المتمثلة في طين لونه رمادي مستخلص من الطبيعة، وبعد الانتهاء من الحفر و جمع الكمية المراد استعمالها تقوم المرأة بنقلها إلى البيت فوق ظهرها و لدى وصولها تضعها في إناء كبير مصنوع هو الآخر من الفخار وتصب فوقها كمية من الماء وتتركها جانبا. بعد مرور حوالي أسبوع تقوم بعجنها لتصبح طرية وسهلة للاستعمال. فوق لوحة خشبية تضع كمية من الطين وتشكل بأناملها مختلف التحف للاستعمالات اليومية مثل القصعة، الصحون، القدر و الطاجين الذي يستعمل كثيرا في تحضير الخبز التقليدي بأغلب البيوت الجزائرية و بعد الانتهاء من عملية تشكيل الأواني و تمليسها بواسطة حجرة صغيرة مع القليل من الماء، توضع جانبا حتى تجف لتنطلق في مرحلة التلوين.
تستعمل الحرفية في تلوين الأواني الفخارية حسب محدثتنا ما يسمى ب «أُسقو» الذي يعطي لونا أسودا و المغري» و هو عبارة عن حجرة حمراء اللون يتم اقتناؤها من السوق تبلل بالماء يضاف إليها كمية من زيت الزيتون حتى تُعطي لمعانا للأواني، وتباشر الحرفية في عملية التلوين بواسطة ريشة مصنوعة من وبر الماعز ، مشكلة رموز لها دلالات و معان عدّة.
تقول محدثتنا أن النساء في القديم يُعرفن بالحياء الشديد ويستعملن تلك الرسومات لنقل أفكارهن والتعبير عما تختلجه صدورهن، كتعبير البنت حامل بالرسم، إذا أرادت أن تبلغ الأمر لوالدتها، حيث تضع إحدى الرموز الدالة على ذلك في إحدى الأواني وترسلها لها، كما تعكس تلك الرموز الوضعية النفسية للمرأة سواء كانت حزينة أو فرحة أو كئيبة ولا يمكنها إظهار ذلك علنا خوفا من محيطها العائلي.
بعد الانتهاء من عملية التلوين تقوم المرأة بجمع الحطب الجاف الذي تجلبه من البرية مع التبن وتفرش طبقة منها تضع فوقها الأواني الفخارية بعناية فائقة وتضيف طبقة أخرى من الخشب ثم تقوم بحرقها مع مراعاة درجة الحرارة حتى لا تتشقق الأواني بحيث لا يجب أن تكون مرتفعة جدا.
و تشارك في عملية إيقاد الأواني الفخارية جميع نساء القرية لمساعدة بعضهن البعض، ويتحوّل ذلك اليوم إلى شبه مهرجان شعبي ترّدد فيه مختلف الأهازيج الشعبية و القصائد الأمازيغية الخاصة بالحدث، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة تترك الأواني لتبرد قبل أن تصبح جاهزة للاستعمال. رغم أن هؤلاء النسوة صمدن كثيرا للحفاظ على حرفة صناعة الفخار التقليدية العريقة إلا أن عدم تلقينها للجيل الصاعد حسب من تحدثنا إليهن من الحرفيات ينذر بزوالها في السنوات القادمة، ولتفادي ذلك يطالبن بتضافر جهود أهل الاختصاص من الحرفيين والسلطات المعنية من أجل إنقاذ هذا الموروث الثقافي من الاندثار و اقترحن فتح ورشات داخل مراكز التكوين المهني لضمان استمراريته، هذا إلى جانب إقحام الفخار في المجال الاقتصادي والتجاري وفي عالم التسويق على المستويين الوطني والدولي دون الإخلال ببعده الثقافي والتاريخي.
سامية إخليف