أكد أمس تقرير نشره الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن فئة الأطفال هم الأكثر استهدافا في حرب الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي الذي يمارسه الكيان...
أعلنت وزارة الصناعة الصيدلانية، أمس، عن حزمة إجراءات جديدة تهدف إلى تفادي أي تذبذب أو انقطاع في تزويد السوق الوطنية بالأدوية.و دعت الوزارة في بيان...
أمر قاضي التحقيق لدى محكمة بريان لدى مجلس قضاء غرداية بإيداع ثلاثة أشخاص رهن الحبس المؤقت وإخضاع اثنين آخرين لإجراءات الرقابة القضائية في قضية...
يستمر الكيان الصهيوني و يتمادى في تنفيذ فصول حرب الإبادة الجماعية ضد سكان غزة بارتكاب المزيد من المجازر في مناطق مكتظة بالمدنيين، حيث ارتقى خلال 48...
ساعات من الانتظار وتعب ممزوج بالترقب
يفضل العديد من الأولياء مرافقة أبنائهم المقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا إلى مراكز الامتحان بشكل يومي، كشكل من أشكال التحفيز والدعم النفسي لاحتوائهم وإخراجهم من القلق والتوتر، حتى لا يسيطر عليهم شبح الخوف من الفشل أو الرسوب، وقد رافقت النصر الأولياء، خلال ساعات الانتظار الطويلة أمام مراكز الإجراء بقسنطينة، لتنقل صورا امتزج فيها الترقب والتعب بمشاعر الحنان.
في صبيحة يوم حار والساعة تشير إلى العاشرة، كنا قرب ثانوية يوغرطة بمدينة قسنطينة، أين يجتاز مترشحو شهادة البكالوريا في تخصص شعبة تسيير واقتصاد اختباراتهم على مدار خمسة أيام كاملة، وشد نظرنا رجال ونساء يتواجدون بالجهة المقابلة للمؤسسة، وقد اختاروا زوايا مختلفة للوقوف بها، فيما افترشت بعض النسوة الأرضية للجلوس بعد التعب الذي نال منهن جراء الانتظار.
حديث الأولياء، كان يدور حول النتائج ولم تخل منه دعوات بالتوفيق والنجاح لكافة الطلبة، أما الوجوه فقد كانت تقطر عرقا مع نظرات مضطربة بين تردد وتفاؤل، فيما كان التلاميذ المتواجدين بالمكان يتحدثون عن صعوبة اختبار الرياضيات وتشابك أسئلته.
«مرافقتنا لأبنائنا دعم وليست ضغطا»
لفت انتباهنا ستيني، وهو يسند ظهره إلى عمود مبنى يجاور الطريق موشحا بنظره نحو مدخل ثانوية يوغرطة وهو يحمل كيسين بهما «ساندويتش» وعلبة عصير. أخبرنا عمي البشير أنه ينتظر خروج ابنته المترشحة لشهادة البكالوريا على أحر من الجمر، ورغم صلابة الرجل وابتسامته التي لم تفارق محياه للحظة إلا أنه أكد لنا الخوف والتوتر قد سيطرا عليه ما أدى إلى شعوره بشد في البطن.
وتابع عمي البشير قائلا، إنه يتمنى سير الأمور بشكل جيد وأن تكون النتائج ايجابية، وأن يكتب اسم ابنته في قائمة الناجحين ولو بمعدل 10، مؤكدا إنه لا يسأل ابنته عن الاختبار الذي أجرته ولا يناقش معها مجرياته ولا يسمح لأي كان بسؤالها عن أجوبتها حتى لا تتشوش أو تفقد الثقة بنفسها.
ويضيف المتحدث، أنه يستيقظ باكرا عند كل فجر ليقود سيارته وهو رفقة ابنته من علي منجلي إلى وسط المدينة، عند السادسة صباحا، وذلك تفاديا لأي ازدحام أو أي طارئ مفاجئ من شأنه أن يعرقل المسير أو يعطل ابنته عن الوصول في الموعد، مؤكدا أنه يرافقها بدعواته ويستيقظ كل فجر ليسأل الله أن يوفقها في امتحاناتها وكل حياتها. صمت عمي البشير قليلا وهو يضم شفتيه، وقد امتلأت عيناه بالدموع، ثم قال إنه سند ابنته الذي تشد ظهرها به متمنيا لها أن تتذوق طعم النجاح والفرح.
السيدة عبلة وهي خمسينية متقاعدة التقينا بها وهي تسير بالأروقة المقابلة للمؤسسة التربوية، باحثة عن مكان تختبئ فيه من أشعة الشمس الحارقة، فقد رافقت ابنتيها التوأم إلى مكان اجتياز امتحان البكالوريا بثانوية يوغرطة، لتسر لنا بحروف متقطعة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة، أنها متواجدة هنا لتقديم الدعم لابنتيها ومساندتهما بشكل يومي.
وتقول المتحدثة، إنها تسعى ليكون حضورها مع ابنتيها في الامتحان المصيري إيجابيا، بتشجيعهما وشحنهما بالكلمات التي من شأنها أن تطيب خاطرهما وتهدئ من روعهما، مؤكدة أنها تطبق توصيات النفسانيين حرفيا بتجنب الضغط أو التأنيب أو مناقشة أجوبتهم.
كما أخبرتنا السيدة عبلة، أنها تعاني مؤخرا من الأرق ليلا، بسبب الضغط ومشاعر الخوف من الاختبارات، ما أدى إلى اضطراب حالتها الصحية خصوصا وأنها مريضة بداء السكري وارتفاع الضغط وتخثر الدم، قائلة إن أدويتها رفيقها الدائم هذه الأيام فهي لا تغادر حقيبة يدها.
السيدة منى موظفة التقينا بها رفقة ابنتيها، وهي تطمئن على منال التي أنهت لتوها اختبار مادة الرياضيات في تخصص تسيير واقتصاد، أين كانت علامات الإرهاق والتوتر بادية على الأم، وقد أخبرتنا أنها أخذت عطلة استثنائية للوقوف إلى جانب ابنتها خلال هذه الفترة الحساسة، لمرافقتها ودعمها ورفع معنوياتها، خصوصا أنها لاحظت أن منال تعاني من إضراب وخوف قبيل انطلاق الامتحانات، ما جعلها تقرر إخراج ابنتها من دائرة المراجعة بأخذها في نزهة لتلطيف الجو، أين تبادلت معها أطراف الحديث حول هذا الاختبار قائلة لها إنه «ليس نهاية العالم».
جرعة «فيتامين» وأمان
وتقول منال إن والدتها بمثابة جرعة فيتامين تأخذها كلما ضاق بها النفس وأحبطت معنوياتها، فهي بالنسبة لها الأخت والرفيقة التي تلجأ إليها عندما يشتد عليها التعب والضغط، كما أنها الداعم الدائم لها طيلة فترة تحضيرها لامتحان شهادة البكالوريا سواء من الناحية المادية أو المعنوية، إلى جانب أنها تساعدها في مراجعة وحفظ دروسها، لدرجة أن أمها تحفظ البرنامج أكثر منها وفق ما أسرته لنا، ولهذا فهي تناقشها وتستشيرها فور انتهائها من الامتحان.
من جهتها تقول ابنة عمي بشير، التي كانت تمسك بذراعه بكلتي يديها، أن والدها هو ذراعها الأيمن الذي لطالما استندت عليه ورمت بكامل ثقلها على ساعديه، كونها تدرك أنه يشعر بها جيدا ويجيد قراءة ملامحها دون أن تنطق بحرف، مؤكدة أن وجوده يشعرها بالارتياح أما غيابه فيجعلها تحس بفراغ داخلي، وهو على حد قولها «أمان وطمأنينة» يزيح عنها كل مشاعر التوتر والقلق والخوف. وذكرت المترشحة أن والدها لا يسألها أبدا عن مدى صعوبة الامتحان بل يكتفي بالاطمئنان عليها وتشجيعها للمواصلة بثبات.
هكذا يمكن تفادي التأثيرات النفسية السلبية
وتؤكد الأخصائية النفسانية هدى زياد، أن مرافقة الأولياء لأبنائهم أثناء فترة اجتياز امتحانات البكالوريا، سلوك إيجابي نظرا لكم الدعم النفسي الذي يقدمه الأب والأم لابنهما من كلمات طيبة ترفع معنوياته وتشجعه على العطاء أكثر، لكن يوجد تأثير سلبي على نفسية المراهق، إذ يضعه ذلك في حالة من القلق والضغط، خوفا من ردة فعل وليه إن لم يجب بشكل جيد على أسئلة الاختبار.
وتابعت زياد قائلة، إن على الأولياء أن يعرفوا شخصية أبنائهم جيدا وهل هم من النوع الذي يتقبل فكرة مرافقتهم له أم لا، وإن كان هذا يشعرهم بالارتياح والطمأنينة أم يشتت تركيزهم أكثر، خصوصا أن الأمر يتعلق بمترشح مراهق له خصوصياته الواجب أخذها بعين الاعتبار واحترامها، وقد يحدث التأثير السلبي حتى من الآباء المتفهمين والإيجابيين، لأنهم يحملون الابن مسؤوليات تفوق طاقاته وقدراته، ما يزيد من شعوره بالندم والتأنيب الذي من شأنه أن يغرقه في دوامة من المشاعر المختلطة التي تأتي بنتائج لا يحمد عقباها.
رميساء جبيل