عروض و تخفيضات متنوعة: احتفالات رأس السنة تلهب المنافسة بين الفنادق ووكالات السياحة

تعرف العديد من المدن الجزائرية، حركية كبيرة هذه الأيام تحضيرا لدخول السنة الجديدة، و ذلك بفضل العروض الضخمة و التخفيضات المغرية و البرامج الاحتفالية التي أطلقتها فنادق و وكالات سياحية و قاعات حفلات، تتنافس على استقطاب الزبائن ليلة رأس السنة و قبل ذلك بقليل، وهي عروض يتم الترويج لها بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي و تشمل وجهات داخلية و خارجية لتدارك التأخر الذي سببته الجائحة.

 ربورتاج: حسين دريدح

النصر، تقربت من بعض المؤسسات الفندقية و الوكالات السياحية بعنابة وتابعت عددا من الإعلانات على المنصات التفاعلية، لمعرفة حجم الإقبال و نوعية العروض، التي ترمي إلى خلق حركية سياحية  تنعش النشاط الفندقي و الخدماتي في موسم لا يحظى عادة باهتمام فئة كبيرة من الجزائريين على عكس الصائفة.
العطلة الشتوية وفتح الحدود يفجران العروض
سمح رفع القيود على السفر والتنقل و الترخيص بتنظيم الحفلات ومختلف الأنشطة، بعرض خدمات سياحية ضخمة بمناسبة رأس السنة، و ذلك  بعد 3 سنوات من الغلق شبه التام، و هو ما يبينه حجم الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء نحو الوجهات الداخلية أو الخارجية كتونس و تركيا و حتى فرنسا. كما تنعكس الحركية كذلك، من خلال الإقبال على الحجوزات و تذاكر الطيران إلى مختلف الوجهات بما في ذلك الداخلية على غرار الجنوب والمدن الساحلية، و قد سجلت وكالات سياحية تواصلت معها النصر،  نفاذا لتذاكر شركات الطيران قبل نحو شهر ونصف من الآن، ويعد السبب وراء ذلك هو تعطش المواطنين للسفر بعد الجائحة و تزامن العطلة المدرسية مع نهاية السنة، حيث برمجت عائلات رحلات إلى الداخل والخارج، وبالأخص نحو الجارة تونس التي يكثر توافد مواطنيها أيضا على الجزائر هذه الأيام لقضاء رأس السنة  بمدن كعنابة و قسنطينة، أين يتنقل عشرات التونسيين لأجل التسوق و السياحة في وقت يختار جزائريون المنتجعات السياحية التونسية .
الفنادق للميسورين و كورنيش عنابة الأكثر ملاءمة
النصر، رصدت بعض الآراء بخصوص العروض المقترحة لأجل عطلة واحتفالات نهاية السنة، فاعتبر البعض أن عروض الفنادق بعنابة و الولايات الكبرى  غير منطقية و موجهة لفئة الميسورين فقط، لأن الأسعار المعتمدة مرتفعة جدا، ولا توجد برامج ثرية باستثناء العشاء وحفلة موسيقية، في حين قدمت الوكالات السياحية عروضا لمنتجعات تونسية بأسعار منخفضة، يمكن من خلالها أن تقضي عائلة صغيرة متوسطة الدخل أربعة أيام بمبلغ لا يتعدى 10 ملايين سنتيم، إذ علق  وهو ياسين موظف في إدارة عمومية، على الأمر قائلا، إنه  من المؤسف أن يعود الجزائريون أنفسهم على ضبط برنامج عطلهم لتتماشى مع الخدمات التي تقدم في تونس، بسبب الأسعار الخيالية المعتمدة في الجزائر.
و تباينت الأسعار التي اعتمدتها الفنادق بولاية عنابة، لأجل احتفالات رأس السنة، حيث أعلنت المركبات السياحية الواقعة على الشريط الساحلي عن عروض محفزة وأقل سعرا مقارنة بفنادق وسط المدينة، وقدم فندق محاذ للكورنيش و مصنف بأربعة نجوم، عرضا أعتبر الأحسن، حيث حدد سعر العشاء وحفلة نهاية السنة بـ 11900 دج، مع تخفيض 20 بالمائة بالنسبة لخدمات الغرف و المبيت، إلى جانب الإعلان عن هدايا للفائزين في الطمبولا.
وقدم فندق تابع لسلسة عالمية، 3 عروض مختلفة،  الأول عبارة عن عشاء وسهرة فنية بقاعة « بونة» داخل الفندق بسعر 15000 دج، و الثاني عرض لسهرة بالمطعم الإيطالي « ألبستو» بسعر 18000 دج ، و العرض الثالث يخص مطعم الأكل الخفيف مع تنشيط فني بسعر 11000 دج، فيما تراوحت أسعار السهرات بين الفنادق والمطاعم الأخرى بسرايدي و الكورنيش و وسط المدينة ما بين 6000 و 19000 دج.  
إقبال منقطع على الوكالات السياحية
و في ظل المنافسة الشرسة و العروض المغرية للفنادق التونسية مقابل الأسعار المعتمدة بالمنتجعات السياحية بعنابة و ما جاورها، تضاعف الإقبال على الوكالات السياحية التي تقترح رحلات خارجية و ذلك بالنظر إلى فارق السعر، وحسب أيمن سعيداني المكلف بتنظيم الرحلات بوكالة   « مشنتل ترافل»، فقد تم استقبال تسجيلات كبيرة لقضاء العطلة بتونس مقابل طلبات محدودة على فنادق عنابة، التي تعالج الحجوزات عادة بشكل مباشر و دون المرور على الوكالات.
وأضاف المتحدث، أن وكالته نظمت 3 برامج لاستيعاب الطلب و أن العديد من الزبائن يقضون العطلة لأول مرة خارج الوطن بعد جائحة كورونا، لأنهم يفضلون العروض الخارجية لأسعارها المعقولة مقارنة بالخدمات في الداخل، أشار المتحدث إلى أن الأسعار المعتمدة في عطلة نهاية السنة بالنسبة للعروض الثلاثة، تتراوح ما بين 24000 دج و 29500 دج شاملة لجميع التكاليف (النقل، فطور الصباح والعشاء و الجولات السياحية و عشاء خاص و حفلة خلال ليلة رأس السنة )، في المقابل تكلف ليلة واحدة بأحد فنادق عنابة و غيرها من الولايات المجاورة وبالأخص الولايات الساحلية، ما بين 30000 إلى 70000 دج للشخص الواحد، أما سعر الحجز لحضور عشاء و حفلة رأس السنة، فيتراوح بين 1100 و 30000 دج للشخص، وهي أسعار مرتفعة و لا تشجع الاستقطاب السياحي الداخلي حسب.
من جهة ثانية، قامت المنتجعات التونسية بإدخال التنشيط في برمجتها و الاعتماد على فنانين جزائريين معروفين مثل عباس ريغي و رضا الصغير إلى جانب فنانين تونسيين، لتحفيز السياح الجزائريين على  الحضور.
مخطط أمني استثنائي لتأمين الاحتفالات
و سطرت مصالح الدرك الوطني والشرطة، بمناسبة الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة 2023، وتزامنا مع فترة العطلة المدرسية، مخططا أمنيا يقوم على العمل الاستخباراتي ومضاعفة عدد الدوريات الراجلة والمتحركة،  وتكثيف نقاط المراقبة والتفتيش عبر مداخل المدن وأهم الطرق السريعة والطريق السيار والمواصلات، بما فيها شبكة خطوط السكة الحديدية وتأمين القطارات ومحطات نقل المسافرين .
ووضعت مصالح الأمن الوطني، بمناسبة الاحتفال برأس السنة تشكيلات لضمان الجاهزية التامة لعناصرها، من أجل توفير الأمن والسكينة العمومية للمواطن، لا سيما طرق المواصلات ومحيط التجمعات السكانية خاصة وأن رأس السنة، يتزامن مع نهاية العطلة المدرسية، التي تشهد حركة كبيرة للمواطنين وتنقلا هاما للسيارات والمسافرين سواء داخل المدن أو خارجها وما بين الولايات.
كما اتخذت مصالح الشرطة، جملة من الإجراءات والترتيبات الأمنية والمرورية من خلال وضع برامج ومخطط وقائي وردعي. وستتولى مجموعات وحداتها المنتشرة عبر كامل الأحياء تنفيذ هذا المخطط وضمان عمل كل الوحدات الإقليمية، ووحدات أمن الطرقات ووحدات التدخل حيث تضمن هذه الوحدات تنسيق أداء أعمالها وتعزيزه ومضاعفته.
وتهدف كل هذه الإجراءات الاستباقية، إلى تفادي وقوع اعتداءات وحوادث خلال الاحتفالات بعطلة رأس السنة، بسبب إفراط البعض في  تناول المشروبات الكحولية .
* سليم فروم مختص في السياحة و القانون
لم نتعلم بعد كيف نروج للسياحية الداخلية
ويؤكد المختص في السياحة والقانون سليم فروم للنصر، بأنه و رغم الجهود المبذولة للنهوض بالقطاع السياحي، عن طريق توفير الهياكل والمؤسسات الفندقية و المنتجات، إلا أن المعطيات غير كافية لخلق نوع من التنافسية والارتقاء بالخدمات و تسقيف لأسعار. مشيرا إلى أن جائحة كورونا أثرت سلبا على السياحة، إذ كان القطاع الأكثر تضررا نتيجة الغلق وتوقف النقل و المطاعم وغير ذلك، ورغم رفع الحجر والسماح للمواطنين بالدخول إلى الشواطئ، و الانتعاش النسبي للنشاط، إلا أن المستثمرين في السياحة لم يضعوا خطة جديدة و استراتيجية ناجعة لتدارك التأخر، و بقيت نفس الممارسات السابقة، دون أن نتعلم من الماضي والكساد الذي وقع، ولذلك تستمر فنادق تونس في تحقيق التقدم على حساب المرافق الداخلية بسبب ارتفاع الأسعار عندنا.  
ودعا فروم، إلى تشجيع أهل الاختصاص للترويج للسياحة الداخلية وتحسين الخدمات الفندقية والاعتناء بالسائح، ومراجعة الأسعار حسب مدخول الأفراد، والعمل على ترقية الوعي الثقافي والسياحي و كذا الترويج الجيد للمعالم الأثرية للمدينة، و تنظيم رحلات مدرسية للتعريف بالمناطق السياحية. وشدد المتحدث، على ضرورة الابتعاد عن  التكوين النظري في المعاهد الفندقية و تكريس الجانب التطبيقي أيضا، مع دعم المهن المتعلقة بالسياحة لأن الجانب النظري لا يكفي لوحده، داعيا الوكالات السياحية إلى المساهمة بشكل أكبر في الترويج للسياحة الداخلية، و قال بأنها لا تقوم بالدور المنوط بها بالشكل المطلوب، إذ تكتفي عموما بالحجوزات الترويج لوجهات معينة كالعمرة و تركيا و وتونس، بحثا عن ربح فقط، عكس الوكالات التابعة للقطاع العمومي، التي كانت تعمل على جلب السياح نحو الوجهة الجزائرية، ولكنه جهد غير كاف و يستوجب تنسيقا مع الوكالات الخاصة لتكون النتائج أفضل.