• توافق الجزائر وعُمان على تعميق العلاقات وإعادة تفعيل آليات التعاون• اتفاق على تكثيف التواصل وتبادل الزيارات بين مختلف الجهات المعنية قررت الجزائر وسلطنة عمان، إنشاء صندوق...
انتقل إلى رحمة الله أمس الأربعاء بالجزائر العاصمة المجاهد العقيد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة السابق، عن عمر ناهز 95...
وقّعت الجزائر وسلطنة عُمان، أمس، على ثماني اتفاقيات تعاون في عدة مجالات، في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى...
سلم أمس الثلاثاء الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد لوناس مقرمان، بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، السيد عبد...
في يوم شديد البرودة يتخذ إبراهيم موقعا له بين باعة الخضر و الفواكه على جانب الطريق الوطني 20 بقالمة، لبيع أكلة الفول الشهيرة التي يكثر الإقبال عليها في فصل الشتاء، فقد تعود على تجارته المفضلة منذ عدة سنوات، و صار متمرسا فيها ومعروفا لدى مستعملي هذا الطريق الاستراتيجي، الذي يعد شريان الحياة الاقتصادية و الاجتماعية بالمنطقة، تعبره آلاف المركبات كل يوم و تنتشر على جوانبه مواقع كثيرة لبيع الخضر و الفواكه و الأكلات الشعبية العريقة و كل ما جادت به الطبيعة من ثمار و أزهار برية و منتجات و تحف تقليدية أبدعت اليد الناعمة في صنعها و إخراجها في أشكال تسر الناظرين.
على موقد يشتغل بأسطوانة لغاز البيتان، ينتصب قدر عملاق تنبعث منه رائحة الفول الممزوجة بتوابل تثير الشهية، و بخار ساخن يبعث فيك الشعور بالدفء، و على جانب الموقد المحاط بالكارتون المقاوم، حتى لا تطفئه الرياح القوية المحملة بخيرات الأمطار و الثلوج التي طال انتظارها، لافتة مكتوبة بخط عربي يمكنك قراءته من بعيد " فول عربي أصيل، مالح و بنين"، عبارة مثيرة للشهية و الإغراء لعابري السبيل الذين أنهكتهم المسافات الطويلة و برد الشتاء و لم يجدوا متسعا من الوقت لإسكات كلب الجوع و ها هي الفرصة أمامهم لتناول طبق الفول أحد أشهر الأطباق الشعبية العريقة المتوارثة من جيل إلى جيل، فول ساخن لذيذ تدعمه توابل لا تقاوم تماما كطبق الحمص سيد أطباق الشتاء.
يقول إبراهيم و هو يحتمي بقشابية حمراء مقاومة لزمهرير الشتاء، بأن الإقبال على تناول الفول يزداد عندما يحل فصل الشتاء و يشتد البرد، عندها يكون المسافرون في حاجة إلى وجبة سريعة ساخنة لا تكلفهم الوقت و المال، و لن تكون هذه الوجبة سوى الفول العربي، و هي نوعية محلية أصيلة تتميز بها منطقة الشرق الجزائري منذ عقود طويلة، خلافا للأنواع الأخرى الهجينة المستوردة، مضيفا بأن الفول العربي و يقصد به الصنف الجزائري الشهير يمتاز عن غيره بالمذاق الجيد و يحمل العنقود الواحد منه بين 3 إلى 4 حبات من الفول عندما ينضج على خلاف الأنواع الأخرى الهجينة المستوردة، التي يحمل العنقود الواحد منها بين 6 و 7 حبات من الفول عند النضج بنهاية فصل الربيع من كل عام.
و مازال أغلب الجزائريين يعتقدون بأن كل ما هو "عربي" من سلالات أغنام و أبقار و بذور قمح و فول و حمص و خضر و فواكه و حتى لباس تقليدي، أحسن جودة و عراقة من كل ما هو قادم من وراء البحر، و لذا تجدهم متمسكون بكلمة عربي كنوع من أنواع المقاومة للغزو الأجنبي بكل أشكاله و على مر الزمن.
و في غضون ساعات قليلة يبيع إبراهيم و تجار فول آخرين، كل ما لديهم قبل منتصف النهار، حيث تعرف فترة الصباح إقبالا كبيرا على طبق الفول كما رأينا عند إبراهيم الذي شجعنا على تذوق ما أعده من فول عربي أصيل في هذا الصباح، كان بالفعل فول لا يقاوم، طلبنا علبة محمولة لعلها تغنينا عن محلات الفاست فود في يوم شتوي بارد، 100 دينار فقط يقول إبراهيم و هو يقلب القدر العملاق حتى تطفو حبات الفول على السطح و يسهل التقاطها و وضعها في علب مخصصة للوجبات السريعة.
و قد ارتفعت أسعار الفول في السنوات الأخيرة بعد أن زاد عليه الطلب، و تتراوح هذه الأيام بين 25 و 30 ألف دينار للقنطار الواحد، مما شجع الكثير من المزارعين على زيادة المساحات المخصصة للفول الذي يعد الأكثر استعمالا في تطبيق الدورات الزراعية المفيدة للتربة و محاصيل القمح.
و تعد الحبوب الشهيرة بالجزائر كالقمح و الفول و الحمص و الشعير من أهم المنتجات الغذائية التي ساعدت الجزائريين على تجاوز سنوات الجوع إبان الغزو الاستعماري و خلال ثورة التحرير المقدسة التي لعبت فيها تلك المحاصيل الغذائية الاستراتيجية دورا كبيرا في حسم المعركة و طرد الغزاة بلا رجعة، و يفتخر إبراهيم اليوم بالفول العربي الأصيل و يرى فيه مصدرا للرزق و رمزا من رموز مقاومة سنوات الجوع و الحصار على مر الزمن.
فريد.غ