* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
تؤثر الحياة المثالية والبراقة للمؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص أنستغرام، على نساء من مختلف الأعمار، وبينهن من يصلن أحيانا إلى حد الاكتئاب و الدخول في دوامة المقارنة و من ثم الحزن بسبب اختلاف نمط العيش و سطوة المظاهر و المادية المطلقة التي تكرّس لها هذه المنصات، عن طريق تعزيز الشعور بالنقص لدى سيدات و شابات يشعرن بالحرمان من الكثير من الأشياء و بأنهن أقل حظا في الحياة، وهو ما ينعكس سلبا على صحتهن النفسية، كما تبيّنه بوضوح طبيعة بعض التعليقات على المواقع والصفحات و يؤكده مختصون كذلك.
رميساء جبيل
تظهر صور وفيديوهات المؤثرات على مواقع التواصل، حياة الرفاهية والبذخ، وتحاول كل واحدة منهن أن تقدم صورة مثالية عن حياتها الزوجية والمهنية، لتبدوا كنموذج للنجاح، و ترفع عدد متابعيها بما يفتح أمامها أبوابا أكثر للكسب، بالمقابل تقع متابعات لها ولغيرها من نجمات فيسبوك و أنستغرام، في مصيدة المقارنة بين واقعهن المعيشي وبين ما تشاهدنه في العالم الافتراضي، فيشعرن بالنقص و هكذا تسيطر عليهن مشاعر سلبية مختلفة.
النصر تنقل تجربة سيدات عانين من المشكل.
عانيت من شعور بالنقص و العجز
أخبرتنا أمال صاحبة 28 ربيعا، أنها تدرك تماما أن « السوشل ميديا» عالم افتراضي وهمي لا يعكس الحقيقة حيث يتم فيه انتقاء أفضل الصور والفيديوهات قبل نشرها، لينبهر بها الآخرون و يشاركونها فيما بينهم فتحصد بذلك أكبر قدر من الإعجاب والمشاهدات التي تدر مالا، وهي واحدة من المتابعات الوفيات لصفحات الطبخ و ديكورات المنزل والعناية بالجمال خصوصا وأنها حديثة الزواج وقد تخلت مؤخرا عن وظيفتها.
مكوثها في المنزل جعلها تملأ وقت فراغها كما قالت بتصفح المواقع و تتبع ما تشاركه المؤثرات من تفاصيل حياتهن الزوجية السعيدة و المثالية، كما تفضل النساء الناجحات اللواتي أطلقن مشاريعهن الخاصة واستطعن تحقيق ذواتهن، ورغم وعيها التام بحقيقة مواقع التواصل، لكنها كثيرا ما تشعر بالنقص والعجز كونها لم تحقق ما يقارن بما يملكنه ولم تبلغ أهدافها بعد، وهو شعور يضاعف إحساسها بالذنب فتحمّل نفسها مسؤولية ضعف إرادتها وعزيمتها، كما تشعر أحيانا بأن الأمر يتعداها لأنها لم تجد الدعم اللازم.
وترى آمال، أنه من المستحيل أن لا تتأثر المتابعات بما تشاهدنه ولو قليلا، خصوصا في حال تقارب السن بينهن وبين صانعة المحتوى، إذ تملن عادة إلى المقارنة وهي حالة عاشتها مرارا وسببت لها ضغطا داخليا وإحباطا وحزنا فانعزلت كثيرا عن الآخرين.
أما حسناء طالبة جامعية عمرها 22 سنة، فقالت، إنها عانت في السابق من الـتأثيرات السلبية لحياة نجمات « الأنستغرام» الأمر الذي أضر بصحتها النفسية وانعكس على مسارها الدراسي، بعدما باتت مقتنعة بأن المال وحده يصنع السعادة، وأنها فاشلة وتضيع الوقت فيما تكسب شابات في مثل عمرها المال ويحققن الشهرة.
وبسبب هذه المقارنة بين حياتها وحياة المؤثرات خصوصا ما تعلق بالمظهر الخارجي و السفر و المطاعم وغيرها، عاشت فترة إحباط أثرت على تقديرها لذاتها وزرعت داخلها شعورا بالضعف والفشل.
من جانب آخر، تبين قراءة متأنية في بعض التعليقات على ما تنشره مؤثرات من صور وفيديوهات كما كبيرا من السلبية في نظرة سيدات لحياتهن ولأزواجهن وحتى لأبنائهن، فالمقارنة لا تتوقف وكذلك التذمر وقد يصل الأمر أحيانا بسيدات، إلى حد التعبير بشكل صريح عن ما يشعرن به من حسد أو غيرة و من إحباط سببه « قلة حظهن» كما يعلقن، لدرجة أن بينهن من تكتبن أمورا شريرة جدا في خانة التعليق كأن يتمنين للمؤثرة الموت أو المرض أو زوال النعمة.
فطرة الأنثى تجعلها أكثر تأثرا
ترى الأخصائية في علم النفس العيادي، مريم تادلاوي أن الإناث أكثر تأثرا من الذكور بما يروج له على مواقع التواصل الاجتماعي من مظاهر البذخ، وذلك بفعل شخصية نساء دون غيرهن، فالمرأة من هذا النوع تحب الأضواء والنجومية وأن تكون محط الأنظار والتقدير وعندما تلحظ بأن أنثى أخرى قد تألقت، سترغب لا شعوريا في أن تصل إلى ذات المكانة وتلقى نفس الاهتمام، وفي حالة لم تحقق ذلك الإنجاز، ستكره نفسها وتلوم الظروف المحيطة بها كونها تعتقد أن الفرح والسعادة يرتبطان بكل ما هو مادي، وتقيد بهذا حياتها وتضع شروطا لسعادتها ما يعيق صولها إلى مرحلة النضج.
و لمعالجة المشكل يجب حسب الأخصائية، فهم المرجعية الاجتماعية للإنسان، لأنها تختلف من مجتمع إلى آخر ومن شخص إلى آخر، ولكل طريقته في تقييم الذات، فهناك من يكتفي بالمعنويات وهناك من يربط النجاح و التقدم بالماديات ومنه، فإن التعامل مع هذه الأمور سيكون انعكاسا لتعامل الشخص مع نفسه وتقييمه لها.
وأضافت، أنه كلما كان الإنسان أقل نضجا من الجانب المعرفي والاجتماعي والذاتي، كان أيضا، أكثر تأثرا بالعالم الافتراضي و الحقيقة أن النجاح يكون في الحياة الواقعية و ليس فيما ينشر و هو ما يجب أن ندركه جميعا.
رواسب الطفولة
من جهتها، ترى الأخصائية النفسانية هدى زياد، أن التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي، لا تمس شريحة معينة من النساء، بل أن التأثير يكون شاملا ويختلف باختلاف الاهتمامات، وهذا راجع إلى شخصية الإنسان التي تتطور معه منذ الصغر، فمن نشأت في بيئة سليمة ستتميز بذات متوازنة و لا تحتاج لأن تقارن نفسها بالآخرين، أما من تربت في ظل أسرة مسيطرة وغير مستقرة، فهمها الأول سيكون المظاهر و آراء الناس، و ستكون هشة وغير واثقة من نفسها ودائمة المقارنة.
وقالت، إن حالة الاكتئاب و الإحباط التي تصيب النساء لا تأتي من العدم و لمجرد تصفحهن لمواقع التواصل الاجتماعي، بل هي مجموعة من الانفعالات التي تعود بدرجة أولى إلى مرحلة الطفولة، وهذا أمر لا يتنبه إليه الكثيرون حسبها، ولهذا يحتاج المصاب أو المصابة بمثل هذه الاضطرابات إلى التوجه نحو مختص نفساني لعلاج جراح الطفولة.
وتبقى محتويات مواقع التواصل حسبها «عملة بوجهين»، تحتمل الإيجاب والسلب، فالمتوازنات نفسيا يستعملنها لأخذ جرعات متتالية من الإيجابية والتحفيز ولأخذ أفكار ومعلومات جديدة تفيدهن في التطوير وبناء الشخصية، أما الأخريات فيصبن بالإحباط والفشل، بفعل التفكير بطريقة غير سليمة و الجنوح للمقارنة و كل هذا راجع كما قالت، إلى العامل الاجتماعي المتمثل في نظرة الناس وهي مشاعر تتكون لا شعوريا عند الجميع دون إدراك.
وتوضح المتحدثة في هذا الإطار، أنها وخلال مسارها المهني صادفت وتصادف حالات كثيرة مشابهة، لأمهات كن وراء مشاكل عائلية وصراعات سببها تأثرهن بما يتلقينه من محتوى، الأمر الذي انعكس سلبا على سلوكيات أطفالهم، وسبب لهم هشاشة نفسية وضعفا في الشخصية، مضيفة، أن شابة زارتها منذ أسبوع، وكانت ضحية ما ينشر على مواقع التواصل، ما فخخ علاقتها بزوجها بفعل نزعتها المادية المتزايدة.
وتقول، إن النساء العاملات والناجحات يقعن أيضا، في فخ الصورة المثالية، و يقارن إنجازاتهن بنجاحات غيرهن، و حتى وإن كانت ناجحة في نظر غيرها، سترى نفسها أقل مقارنة بأخرى، فتجلد ذاتها و تدخل لا شعوريا في دوامة من الحزن.
تأثير المواقع يهزّ استقرار المجتمع
و يرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2، مراد بوعيسي، أن الكثيرين يعانون من نوع من إدمان مواقع التواصل، وأن البيئة الرقمية كسرت الصورة النمطية لحياة المرأة الجزائرية، وقدمت لها نموذجا مختلفا نوعا ما.
كما مكنت شبكات التواصل فئة من النساء المهشمات من الولوج إلى فضاءات النقاش والتعبير بحرية دون قيود أو ضوابط لتصبح متنفسا لهن، فالنساء مثلا تتبعن المؤثرات اللائي تنقلن تفاصيل يومية عن حياتهن الشخصية، ما يزيد من التشبه بهن وتقليدهن، كون الإنسان بطبيعته يميل إلى التباهي.
ويؤكد، أن استعمال مواقع التواصل ظاهرة اجتماعية طبيعية تنتشر في كل المجتمعات، لكنها أخذت منحى خطيرا نوعا ما، بسبب تزايد تأثيراتها النفسية والاجتماعية، التي تتطلب الانتباه إليها، خاصة وأنها ظاهرة جديدة نسبياً على عالم البحوث الاجتماعية، مع ذلك فإن الأبحاث التي أجريت إلى الآن، ترصد حسبه العديد من الأضرار أهمها الإدمان، وما يرافقه من شعور بالإحباط والكآبة، ناهيك عن عدم الرضا عن الذات وضعف الثقة بالنفس، بسبب المقارنة خصوصا في أوساط المراهقات .