الوالي محمد جمال خنفار للنصر

ميلــة ستصبح متيجـــة ثانيــــة و مشاريع بأربعـــة آلاف مليــار لم تنجــز

كشف والي ولاية ميلة المعين منذ أقل من شهر أن هناك مشاريع قيمتها  4000 مليار سنتيم لم تنجز بالولاية لأن المسؤولين لم يغتنموا فرصة البحبوحة المالية، وأن برنامجه يعتمد على أولوية توفير المياه لكل البلديات وحماية الولاية من ظاهرة الإنزلاقات التي تهدد المنشآت، كما أشار السيد محمد جمال خنفار في حوار أجرته مع النصر إلى وجود تواطؤ في حالات التعدي على أراض من أملاك الدولة  معبرا عن تفاؤله بأن ميلة ستكون متيجة ثانية بفضل السد الضخم بني هارون و التطور الحاصل في القطاع الفلاحي مع سعي مصالحه لتثمين المنطقة كوجهة سياحية.
حاوره:  معاذ ابن الشيخ الحسين
الوالي أكد أيضا أنه سيتم العمل على القضاء  على التفاوت التنموي بين جنوب وشمال الولاية  وأن الشتاء القادم لن يشهد حالات عزلة في المناطق الجبلية بسبب مخطط تموين وتدخل يجري تحضيره بشكل مبكر.
النصر: السيد محمد جمال خنفار، منذ تعيينكم على رأس ولاية ميلة بتاريخ 10 أكتوبر  الماضي ، ما هو واقع الولاية الذي وقفتم عليه في مختلف المجالات ؟
الوالي:  ما وقفت عليه مجهودات كبيرة بذلتها الدولة في شتى الميادين، تنموية واقتصادية، وما إلى ذلك، كما أنها القلب النابض بالشرق لتوفرها على سد بني هارون ، والمعروف أن مجهود الدولة في السنوات الأخيرة ينصب على ضمان حق المواطن من هذه المادة الحيوية، وهذا السد بطاقة استيعاب تتجاوز المليار متر مكعب يزود 6 ولايات ، يتطلب منا المتابعة ومعالجة كل الأعطاب التي يمكن أن تلحق بتجهيزاته وقنوات نقل مياهه.
الإنزلاقات زلزال بطيء أثر على البنى التحتية
أيضا وقفنا على ظاهرة الانزلاقات ما أثر على البنى التحية بالولاية وسبب تدهور شبكة طرقاتها وهذه الظاهرة بمثابة زلزال بطيء.
ومن المميز بالولاية هو مقوماتها الفلاحية الكبيرة  التي وقفت عليها في الخرجات التي قمت بها لحد الآن، كما أن بها مقومات سياحية تؤهلها لاستثمارات في هذا المجال.
شغلتم منصب أمين عام بكل من ولايتي بومرداس والمسيلة، كيف تقيمون وضعية مشاريع الولاية؟
نحن نمر بمرحلة خاصة تتميز بترشيد النفقات، وتأجيل الانطلاق في عدة مشاريع، ولهذا لا يمكن التحدث عن نسبة استهلاك القروض بناء على الظرف الراهن وخصوصيته، لكن مع نهاية هذه السنة وبداية سنة مالية جديدة سيكون حديث آخر مع مسؤولي القطاعات بخصوص المشاريع، لأنها بمثابة المؤشر  الدال على تمكنهم وحرصهم على أداء واجباتهم ، فحقيقة تخلف إنجاز وتسجيل العديد من المشاريع بالولاية في وقت سابق، أو زمن البحبوحة المالية يتحمله المسؤولون الذين لم يغتنموا الفرصة للعمل وتحقيق مكاسب لقطاعاتهم والولاية، حيث أن هناك ما يزيد عن 4000 مليار سنتيم كمشاريع لم تنجز بالولاية. وبالمقابل يسجل كمكسب للولاية من المشاريع الكبرى، الحظيرة الصناعية ببوقرانة بلدية شلغوم العيد، التي وبرخصة من الوزير الأول توسعت رقعتها من 247 هكتارا إلى 500 هكتار، والوالي السابق قد وزع حوالي 40 هكتارا منها على المستثمرين الخواص، والعمل حاليا يجري لجعل منطقة الجنوب قطبا صناعيا بامتياز، فالطبيعة الجغرافية لها تسمح بذلك مقارنة بالمنطقة الشمالية.
المسؤولون لم يغتنموا فرصة البحبوحة المالية
على ضوء هذه المعطيات ما هي أولويات أجندتكم لتحسين وضع الولاية وظروف المواطن ؟
أهم شيء بالنسبة لنا وهو بمثابة تحدي يجب الظفر به، تزويد كامل تراب الولاية بمياه سد بني هارون، والحد من التذبذبات الحاصلة في عملية التزويد، من خلال المحافظة والمتابعة لكل التجهيزات الخاصة بالسد ، بشكل منتظم لأن مياه بني هارون حق مشروع للمواطن علينا الالتزام بضمانه، وحاليا  مسجل على مستوى قطاع الري عمليتان في المراحل الأخيرة من الدراسة، الأولى يتكفل بها مكتب دراسات برتغالي  تشمل 11 بلدية واقعة بالشمال، والثانية لمكتب دراسات وطني تخص 05 بلديات بالجنوب، وسنسعى جاهدين لتسجيل عمليات أخرى لتزويد ما تبقى من بلديات الولاية من مياه سد بني هارون.من مخططاتنا أيضا ضمان سلامة الهياكل القاعدية و البنى التحتية بالولاية وذلك من خلال إنجاز دراسات معمقة لإيجاد حلول جذرية لإشكالية الانزلاقات. وعليه ارتأينا  تسجيل عملية كبرى تتمثل في دراسة معمقة يعلن عنها في مناقصة دولية كما الحال بالنسبة لنفق سد قروز بوادي العثمانية الممتد على طول كيلومترين، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار للاستفادة منه. كما اننا نعمل على إيجاد أوعية عقارية لتجسيد المشاريع  الحيوية في شتى المجالات وتحسين ظروف حياة المواطن وتسهيلها. إضافة إلى الحرص على ضمان الخدمات الصحية للمواطن بتلبية حاجات الولاية من الأطباء الأخصائيين الذين تعاني جل المشافي نقصا فادحا فيهم، كاختصاص التوليد ، الإنعاش و التخذير. فلماذا تحول النساء الحوامل إلى قسنطينة للولادة مثلا؟.
تزويد كامل تراب الولاية     بمياه سد بني هارون اولوية
كما يجري العمل على زيادة عدد المستشفيات عبر الولاية، بحيث هناك خمس  عمليات مسجلة، مستشفى ببلدية القرارم قوقة الدراسة الخاصة به منتهية سنة 2010، وأربعة مشاريع بطاقة استيعاب 60 سريرا في كل من التلاغمة، تاجنانت، ترعي باينان ووادي النجاء الدراسة مسجلة منذ 2014 تنطلق بعد رفع التجميد.
وبيئيا عزمنا كبير على القضاء على كل النقاط السوداء ، والانتهاء من إنجاز المفرغات المراقبة، ومكبات النفايات بكل من شلغوم العيد و تاجنانت وباقي البلديات بالإضافة إلى اقتناء شاحنات رفع القمامة، وهذا حفاظا على صحة المواطن عموما وحرصا على عدم تلوث مياه سد بني هارون التي باتت مهددة بالرمي العشوائي للنفايات والقمامة .
يلاحظ أن ميلة مقسمة إلى جهتين تعرفان تباينا تنمويا، كيف سيتم تجاوز الفروقات بين وضعية المناطق  الشمالية والجنوبية للولاية ؟
من أساسيات برنامجنا أيضا خلق ذلك التوازن بين جميع مناطق الولاية وجهاتها للقضاء على التباين الملحوظ بين المنطقة الشمالية التي تعاني كثيرا من نقص المشاريع والبرامج التنموية  كالربط بمختلف الشبكات والمرافق العامة، نظرا لطبيعتها الجغرافية الصعبة وما تتطلبه من أعباء مالية كبيرة لإنجازها عكس جنوب الولاية الذي يتميز بطبيعة سهلة.
يجب محاربة الإنتهاكات الحاصلة على الأراضي الفلاحية
وتزامنا مع دخول فصل الشتاء، ستنطلق في الأيام القليلة القادمة عملية ربط المنطقة الشمالية بمادة الغاز الطبيعي لإنهاء معاناة  السكان مع قارورات الغاز. كما سنعقد أيضا اجتماعا مع كل الأطراف المعنية بالتحضير لفصل الشتاء يرصد ويخصص فيه كل ما يلزم لفك العزلة عن المناطق النائية من عتاد، قارورات غاز البوتانو  مؤونة وغيرها  تحسبا لكل طارئ قد يحصل.وفي جانب المرافق الرياضية والترفيهية كالملاعب الجوارية المعشوشبة اصطناعيا، فضاءات ومساحات الترفيه، نعمل على تكثيف إنجاز مثل هذه المرافق عبر كامل تراب الولاية ، فمثلا سينطلق قريبا حوالي 20 منها ببلدية شلغوم العيد.
ماذا عن مشاريع التحسين الحضري بعاصمة الولاية وما أثاره توقفها من تساؤلات؟
وبخصوص عاصمة الولاية ، وما كان من توقف في مشاريع التهيئة والتحسين الحضري، التي انطلقت على يد الوالي السابق، ما أثار ضجة نوعا ما بين الناس ومخاوف من عدم استكمالها، أطمئنهم بأن ما قام به زميلي السابق سيكتمل إنجازه ، حيث قمنا برصد حوالي 15 مليارا بالإضافة إلى تكفل البلدية بحوالي 4 ملايير لإتمام إنجاز تلك المشاريع المتعلقة بتحسين وجه مدينة ميلة من حيث التهيئة والإنارة العمومية وازدواجية الطرقات وما إلى ذلك، وأعطينا الأمر بانطلاق الأشغال بحر هذا الأسبوع.
قمتم بعقد لقاءات فردية مع مسؤولي الهيئة التنفيذية، ما هو واقع القطاعات الذي اطلعتم عليه من خلال مسؤوليها ؟
أول ما وقفت عليه هو وجود مدراء بالنيابة، مكلفون بتسيير شؤون بعض المديريات، أتمنى أن يثبتوا أو يعين مدراء جدد حتى تكون نجاعة أكبر في العمل والكل يتحمل مسؤوليته. وعن لقاءاتي  فهي كانت جلسات للتعرف وأخذ لمحة عن مختلف القطاعات والهيئات، وهذه الخطوة سأوسعها أكثر لتشمل المجتمع المدني والمنظمات باعتبارهم الشريك في عملية البناء والتنمية.
التواطؤ و اللاعقاب سهلا الإعتداءات على أراضي الدولة ولن نسكت
- العديد من القضايا والملفات  لا تزال عالقة بولاية ميلة منها العقار والسكن، هل لديكم تصور حول معالجتها ؟
لدينا قانون نزع الملكية باسم المنفعة العمومية، إذ لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي  بسبب عدم توفر أوعية ملك للدولة، لتجسيد مشاريع تخدم المواطن و مصلحته. ومن مسؤولياتنا إيجاد العقار اللازم لجميع البرامج المخصصة لولايتنا، مهما كانت الظروف، فلا يمكن أن نخسر مكسبا هاما للمواطن كالسكن أو مرافق عمومية بسبب قلة الأوعية العقارية، ولكن يشترط التخطيط الجيد من حيث اختيار الأرضيات ، فبعد السكنات مثلا عن شبكات الربط الرئيسية كما هو الحال مع حوالي 5000 مسكن طور الإنجاز بالولاية يكلف أعباء مالية كبيرة، نحن نسعى حاليا جاهدين لحصرها  وتسجيل عملية للتكفل بها ، أما قادم المشاريع السكنية فيجب أن تقام بأوعية ملائمة.كما يجب عدم السكوت عن الاعتداءات المسجلة على عقارات أملاك الدولة من طرف المتطاولين، والقوة العمومية هي الأداة لحماية تلك الممتلكات من كل التجاوزات، لأن سياسة اللاعقاب هي ما جعل الكثير يتمادون في ظل صمت وتواطؤ من بعض القائمين على هذا الشأن. بالإضافة إلى مراقبة ومعاينة البناءات الفوضوية، حيث يجب أن يكون هناك  مفتش تعمير يقوم بالعملية على مستوى كل بلدية.
5 آلاف مسكن إختيرت لها أرضيات بعيدة عن الشبكات
أثارت فكرة إخلاء ميلة القديمة من سكانها لتسهيل الترميم الكثير من اللغط فيكف ستتعاملون مع هذا النسيج الحساس؟
ملف المدينة القديمة لم أطلع عليه بعد، فالفترة وجيزة للإلمام بجميع الملفات، ولكن بعد أخذ الصورة الشاملة عنها، سنواصل الإجراءات اللازمة للتكفل بالمدينة ووضعها في مكانتها المناسبة التراثية والسياحية، وذلك طبعا بإشراك جميع الفاعلين والأطراف بما فيها المجتمع المدني.
المنطقة فلاحية بامتياز وتحظى بمقومات سياحية كبيرة، كيف برأيكم يمكن تحقيق النجاعة المطلوبة من هذين القطاعين والمساهمة في الإقتصاد البديل؟
 بالنسبة للفلاحة أٍرى ضرورة استغلال مياه سد قروز غير المنتفع منها حاليا، بحيث ستوجه إلى سقي أراضي المناطق الواقعة على محيطه وبالقرب منه، فهناك دراسة بالخصوص على مشارف الانتهاء، هذا دون أن ننسى محيط السقي بالتلاغمة الذي يغطي مساحة 4200 هكتار و سيدخل حيز الخدمة في أقرب الآجال، ما يبشر بمتيجة ثانية بولاية ميلة.كما أن دفع عملية الاستثمار الفلاحي بالولاية وتشجيعه واجب لابد من المضي فيه، فمثلا الأقطاب التي ستقام فيما يخص الصناعة التحويلية الغذائية، تربية المواشي والدواجن بالإضافة إلى قطب التبريد، ستساهم في زيادة المنتوج دون تخوف الفلاح من تلفه جراء مشاكل التسويق، أيضا خلق عدد لا بأس به من مناصب الشغل المباشرة لأبناء المنطقة، وأيضا يفتح الباب للتوجه نحو شعب و منتوجات جديدة كالطماطم الصناعية التي تم تجربتها هذه السنة على مساحة 60 هكتارا وأعطت مردودا جيدا لولا مشاكل التسويق، ولكن مع توفر قطب الصناعة التحويلية الغذائية ومياه السقي ، المساحة المزروعة منها تزيد والفلاح يتمكن من تصريف منتوجه  وهذا كله مكسب للولاية ويعود عليها بالفائدة . وفي ظل هذه المعطيات يجب علينا  الاهتمام بشكل أكبر بالأراضي الفلاحية ومحاربة التجاوزات والانتهاكات الحاصلة عليها كزحف الخرسانة وتحويلها عن طبيعتها. وعن السياحة ومن خلال الخرجات التي قمت بها لحد الآن، وجدت أن الولاية تتوفر على مقومات كبيرة للاستثمار السياحي تتمثل في الطبيعة الخلابة، سد بني هارون ، الحمامات وما إلى ذلك، كما أن العدد الكبير للمشاريع السياحية المبرمجة على مستواها دليل على نية النهوض بهذا المجال الحيوي في الظرف الراهن، والذي يساهم كثيرا في خلق الثروة ، حيث أن هناك العديد من المشاريع السياحية المسجلة ومنها الجاري انجازها  كالفنادق ، حدائق وحظائر التسلية، مركبات حموية وسياحية على أعلى المستويات تشير إلى رغبة كبيرة في التوجه إلى مجال السياحة، أما عن بعض الاستثمارات السياحية على الأراضي الفلاحية وتحويل تلك الأراضي عن طبيعتها خصوصا في مجال السياحة الحموية، سنحاول مد يد العون قدر الإمكان بالعمل مع الجهات الوصية على الموضوع ، في إطار القانون المعمول به.
سنقيم تظاهرات ثقافية  و رياضية كبرى لجلب السياح
ولجلب السياح واستقطابهم سنحاول إقامة تظاهرات كبرى ثقافية ورياضية بالولاية ما يسمح بالتعريف بالمقومات والهياكل السياحية بالولاية ولدعم المستثمرين الذين رفعوا تحدي دخول هذا الميدان الحديث.
كلمة أخيرة تقولونها للمواطن الميلي
ما أقوله للمواطن الكريم أن علاقتنا مبنية على الصراحة والوضوح، فالوضع الراهن الذي لا تمر به بلادنا فقط بل عديد البلدان، يحتاج المواطن المساهم ، المبادر والملم بواقعه جيدا، حتى يكون عونا وشريكا في البناء والتنمية، كما أن أبواب الحوار مفتوحة ومن واجبي الإنصات لانشغالاتكم وحلها في حدود المعقول والإمكانيات المتاحة.
م.إ