* تعليمات لمواصلة الاستماع للمنظمات النقابية وتلقي اقتراحاتها وملاحظاتها lلجنة لدراسة الاختلالات في القوانين الأساسية لقطاع الصحة* الوزير حاجي: الحوار...
كشف الديوان الوطني للحج والعمرة عن تكلفة الحج لموسم 2025/1446 هجري، المقدرة بـ 84 مليون سنتيم، شاملة تذاكر السفر ذهابا و إيابا من المملكة العربية...
حددت وزارة التربية الوطنية، في بيان لها، أول أمس الخميس، الفترة ما بين 2 إلى 16 فيفري لمراجعة بيانات المسجلين في امتحاني شهادة التعليم المتوسط...
توجت أشغال الدورة 12 للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني، التي انعقدت، اليوم الخميس بالجزائر...
تختلف صورة رمضان بالجزائر اليوم عن رمضان بالأمس في الكثير من الملامح والأفعال، بعد أن فقد الشهر أبعاده الروحانية والمجتمعية التي جعلت منه شهرا استثنائيا، بعيدا عن مشاهد الطوابير وحالات التشنج التي تسيطر على المزاج الجمعي لثلاثين يوميا متتالية.
الحياة البسيطة والسلسة داخل الأحياء والبيوت القديمة جسدت مفهوم العيش الجماعي في أحسن صوره، الناس كانوا يشتركون في الفضاء و يتقاسمون لقمة اليوم بكل فرح ودون عقدة، وفي رمضان تحديدا كان يتجلى الوجه التكافلي الذي عرف به الجزائري منذ الأزل، بمساعدة الفقير وفتح البيوت للجيران والأهل، في أشكال تضامنية لا تقلل من آدمية المحتاج، وما تبادل النساء للأطباق إلا طريقة لتوحيد المائدة وإزالة الفوارق الاجتماعية.
الشهر الفضيل لم يكن محطة للهث وراء ما يملأ البطون ، إنما صنع أجواء خاصة لها عبقها يقترب فيها المواطنون من بعضهم ليتخذوا من أبسط الأشياء فرصة للتلاقي والفرح والصلح بين المتخاصمين، أما اليوم فقد أصبحنا نفتش عن رمضان بين الأزقة وداخل الأسواق وفي المساجد فلا نجد سوى الصراخ والتزاحم و تلك الوجوه المكفهرة الباحثة عن أبسط سبب للشجار.
الريتم الذي فُرض على شهر الرحمة أزال كل ما كان يجمع بين الجزائريين ليرسم صورة مشوّهة تجعلنا نستحضر ما نفتقده اليوم من خصوصية ونكهة كانت تنشر البهجة والسكينة وتشعر الناس أنهم بشر، يجوعون ويغضبون ولكن في حدود لا تجردهم من إنسانيتهم.
فبقدر ما تحسن مستوى المعيشة وتوفرت عوامل الرفاهية بقدر ما فقد الجزائريون قدرتهم على التكيف الإيجابي مع المناسبات وعلى اختيار نمط حياة يحكمه التحضر
و الاستهلاك العقلاني، لتتشكل هوة اجتماعية بين سكان الحيز الواحد، الذين أصبحوا يلتقون داخل الأسواق في نزال يومي حول من يبذر أكثـر، في معركة لا فائز فيها ، وهي مظاهر طالت أدق تفاصيل الحياة، بعد أن أصبحت العائلات تبرمج ميزانياتها وحياتها على تقليد البقية.
أصبحنا اليوم نتحسر على زمن جميل لكننا لا نكلف أنفسنا محاولة تصحيح أخطائنا بل نتمادى في الابتعاد عن خصوصيتنا الاجتماعية والثقافية ونتبنى أنماط عيش لم نحسن ضبطها لأنها ليست على مقاسنا، فحولنا الكرم إلى صور عن موائدنا ننشرها يوميا على صفحات فا0يسبوك دون مراعاة لشعور الفقراء، وبات فعل الخير مجرد لفتة لتسجيل الحضور على مواقع التواصل الاجتماعي ، حتى نتساوى في الخير و في الشر.
قد تكون المقارنة بين الأمس واليوم جائرة ولكن ليس في حق الحاضر بل الماضي، لأنه كان جميلا على بساطته، وصنع غناه من قيم آمن بها الإنسان وحرص على احترامها، أما اليوم فقد طغت المادة على المعاملة وسيطر هوس الاستهلاك على العقول، ما جعل رمضان محطة أخرى لاستظهار قدراتنا الفائقة على تدمير هويتنا الثقافية.
ربما لا نزال نتمسك بالزلابية و البوراك والشوربة لنشعر بأننا في رمضان لكننا تخلينا عن تلك الروح التي كانت تجمعنا على طاولة الفطور، فقدنا بوصلة الإحسان والحس المدني الذي كان يحرك حملات تنظيف الأحياء وطلاء البيوت و عمليات التضامن السرية والخوف على أمن وراحة الجار قبل الأهل.
هكذا يجب أن يكون رمضان، لكنه للأسف اقتصاديا يعد خسارة و اجتماعيا خطوة أخرى للابتعاد عن نسق اجتماعي ، صمد في وجه الاستعمار لكنه تهاوى على يد أبناء هذا الوطن.
النصر