* نود الاستفادة من تجربة الجزائر في استغلال الفوسفات وصناعة الأسمدةاستقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأربعاء، وزير الدولة وزير...
انتقل إلى رحمة الله المجاهد والوزير الأسبق، ضابط جيش التحرير الوطني، محمد مازوني، حسب ما علم أمس الأربعاء لدى وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، وتقدم رئيس...
أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن السلطات العمومية ستواصل تنفيذ التدابير المتخذة في الخمس سنوات الأخيرة التي تهدف إلى تعبئة موارد إضافية مخصصة لدعم...
أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، أول أمس الثلاثاء، أنه يتعين على مجلس الأمن «العمل بحزم» لفرض وقف إطلاق النار في غزة، من أجل...
يحافظ محمد حامدو، على حرفة الخياطة الكلاسيكية التي توارثتها عائلته منذ خمسين سنة بمدينة جيجل، عايش مراحل تطورها منذ السبعينيات و أسهم في الرقي بها من خلال زيارته لعدة دول، فضلا عن عمله مع خياطة إيطالية طوعت مقصه و لقنته أسرار الفن، ليصنع لنفسه اسما يرتبط اليوم في أذهان الجيجليين بالبدلات الكلاسيكية المفصلة على المقاس.
طبيب الملابس!
زرنا محل الخياط بوسط المدينة، و تحديدا في شارع الخياطين، و قد كان حين وصولنا منهمكا في العمل، وبدا من خلال ملاحظتنا لطريقة تواصله مع زبائنه بأنهم أوفياء ودائمون، لم يضع شريط القياس منذ وصولنا إلى المكان، فقد كان الزبائن يترددون باستمرار إما لطلب بدلة أو لتعديل القياسات، بينهم زبون خمسيني قال لنا، إنه يعرف محمد منذ سنوات لأنه خياط العائلة ولذلك يقصده منذ أن كان شابا، إما للحصول على قطع جديدة أو لأجل تعديلات على قطع قديمة قائلا : « محمد طبيب الملابس يتفنن في عمله منذ عرفته وهو دائم لانشغال بالخياطة، يتقن جميع فنونها و تقنياتها، من خياطة الملابس إلى ترقيعها بدقة، فقد كنت أخيط عنده الملابس في كل مناسبة على غرار العيد أو الأفراح، كان في تلك الفترة من بين الخياطين القلائل الذين يتقنون الخياطة و يتفنون فيها، ملابسه كانت عالمية، و حتى لمسته تظهر في طل تفصيل، و في الوقت الحالي لا أزال أزوره لطلب الجديد و أجلب ملابسي لترقيعها حسب المقاس فرغم تراجع الطلب على خدمات الخياطين، إلا أن محمد يتميز بعمله المتقن وبصبره و خاصة ببساطة الأسعار، ولذلك فقد علم أبناءه ثقافة زيارة الخياط لأن ما تبدعه أنامله أرقى و أفضل».
موهبة ولدت في الجزائر و صقلت في أمريكا
لاحظنا ونحن ننتظر محمد لينهي عمله، بأن المحل لم يتغير كثيرا طوال سنوات، وقد كان كل شيء بسيطا و تقليديا و بما في ذلك الآلات القديمة التي قال مضيفنا، بأنها أصلية، كانت جدران المحل مزينة بصور من الزمن الماضي لتفاصيل ملابس كلاسيكية، أما الزوايا فقد غمرتها نماذج لبدلات مفصلة تنتظر الخياطة وأخرى جاهزة إلى جانب قطع قديمة مميزة.
علمنا من الخياط الشهير، بأن بدايته كانت مطلع السبعينيات، وكان عمه هو معلمه الأول، وقد سبقه إلى الحرفة بسنوات حينما مارسها سنة 1946 بفرنسا، وبعد الاستقلال فتح محله بجيجل، وعلم عددا من أفراد العائلة قال محدثنا: « تعلمت الحرفة من عمي و بدأت سنة 1973، في ورشة العائلة، و بعد أداء الخدمة الوطنية، توجهت إلى الولايات المتحدة عند شقيقي كان ذلك سنة 1982، أين عملت عند سيدة أمريكية في مجال الخياطة و التفصيل، و بعدها عملت مع سيدة إيطالية، وبعدها قررت العودة لتراب الوطن، لأوصل العمل مع شقيقي في محل».
يواصل سرده : « سنة 1994، انفصلت عنه و أنشأت ورشتي بعدما اقتنيت تجهيزاتي الخاصة، و عملت بعد لمدة سنة كاملة على تطوير مهاراتي و لمستي في خياطة الملابس الكلاسيكية».
حاول أن يصنع الفارق على مرور السنوات كما عبر، حيث مزج بين المدرستين الأمريكية و الإيطالية، علما أنه يخيط الملابس حسب الطلب والبدلات هي تخصصه منذ سنوات، مع ذلك يبدع مقصه في تفصيل قطع رجالية ونسائية مختلفة بتصاميم أكسبته شهرته و وفاء زبائنه حيث قال لنا : « كانت الكثير من العائلات الجيجلية تقصد محلي في السنوات الماضية، ففي المناسبات يزيد الطلب كثيرا من قبل زبائن من نفس اللقب نساء و رجالا و أطفالا، يقصدونني قبل أشهر من الموعد المحدد للمناسبة لأخيط لهم ملابس تليق بهم مهما كانت، وقد كنا نعمل في شكل جماعي حيث ضمت الورشة عديد العمال على مر الأعوام، كانت لكل واحد منهم مهمة مختلفة»، و ذكر، بأن خياطة الألبسة كانت رائجة و من الصعب أن تجد موعدا عند الخياط، ولذلك يستغرق العمل كثيرا من الوقت و جل اليوم تقريبا.
وصف الحرفي الخياطة بالفن، كونها تتطلب لمسة خاصة في العمل من تفصيل و حياكة و إنجاح التصميم المطلوب بدقة، فضلا عن تنسيق التفاصيل والألوان وضمان أن تكون مناسبة للزبون، وهو عمل يستدعي الصبر و الدقة و الجدية، موضحا : « أن تقوم بخياطة لباس لزبون فذلك يستوجب امتلاك عين مصمم و حس فنان، يجب أن تختار كل لباس و لون بعناية فائقة، قديما كنا نتنافس على صناعة أفضل الألبسة ليتميز العريس مثلا عن ضيوف حفله بإطلالاته الخاصة، كما نواكب الموضة و نبحث دوما عن التجديد، و كل نحرص على نقدم خلال كل موسم تصميما أو لمسة مختلفة عن الموسم السابق».
معلم الخياطين
قال، إنه قام بتعليم المئات من الخياطين على مر السنوات، وأن العديد منهم تخرجوا من ورشته الصغيرة، وقاموا بفتح محلات خاصة بهم و بالنسبة إليه، فإن تعليم الخياطة يتطلب الصبر و الصرامة مشيرا إلى أن اليد العاملة المؤهلة أضحت نادرة في أيامنا هذه كما عبر، بالإضافة إلى أن خياطة الملابس و تفصيلها لم تعد مطلوبة بسبب تطور الصناعة و الاستيراد، خصوصا مع ظهور ورشات كبرى لتوفير الملابس الجاهزة بأقل الأثمان، ولذلك فقد بات نشاط الخياطين يقتصر على الترقيع و تغيير بعض الأشكال و تدعيم بعض الملابس التي تتطلب إضافة أقمشة أخرى.
و أضاف محمد، بأنه عايش منذ 50 سنة مختلف مراحل تطور سوق الألبسة و مر عليه زبائن كثر، و بالرغم من نمو و تعاظم صناعة الملابس الجاهزة، إلا أن الخياط يبقى حلقة مهمة و عنصرا فاعلا بالنسبة للمواطن، لأن هنالك دوما من يبحث عن التميّز و من يحتاج إلى ترقيع ملابسه أو تحسينها. كـ. طويل