• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
خرّجت جامعات قسنطينة على مرّ العقود الماضية، آلاف الطلبة الذين تحصلوا على شهادات عليا في تخصصات الميكانيك، فأصبح العديد منهم إطارات في شركات صناعية و طاقوية كبرى بالجزائر وخارجها. وفي هذا الروبورتاج تستطلع النصر واقع التكوين في هذا المجال انطلاقا من قسم الميكانيك الذي استطاع الصمود رغم قدم منشآته والعجز في التأطير، مرورا بمركز البحث في الميكانيك المستحدث مؤخرا والذي يحمل مسيّره الشاب طموحات كبيرة لتحقيق شراكات فعالة مع المؤسسات الاقتصادية لما يتوفر عليه من عتاد حديث، بينما تظل قاعدة العلوم والتكنولوجيا من أضخم الهياكل في مجال البحث التطبيقي، رغم ما تشهده من نقائص في ولاية معروفة بكونها قطبا للصناعة الميكانيكية.
روبورتاج: ياسمين بوالجدري
بداية الروبورتاج كانت من قسم الهندسة الميكانيكية التابع لكلية علوم التكنولوجيا بجامعة الإخوة منتوري والذي يعتبر من أقدم الأقسام في هذا التخصص بالجزائر، فقد أنشئ سنة 1987، وكان حينها معهدا قبل أن يصبح قسما سنة 1999، حيث تخرج منه آلاف الطلبة الذين أصبح العديد منهم إطارات في مؤسسات وشركات جزائرية وأجنبية كبرى متعددة الجنسيات في الشرق الأوسط أو أوروبا وأمريكا، فيما واصل آخرون مهنة التدريس لتكوين الطلبة، ومن أبرزهم البروفيسور علي بوشوشة، قاجة محفوظ، الزبير نموشي، نصيب ابراهيم وبن منصور توفيق، وهم أساتذة معروفون على المستوى الوطني وكانوا قد تحصلوا على شهادات من جامعات مرموقة خارج الوطن.
وقد انتقل القسم الواقع بشعبة الرصاص في المنطقة السفلية للجامعة، من التكوين في النظام الكلاسيكي إلى نظام «الألمدي” منذ حوالي 8 سنوات، حيث يوفر اليوم تكوينات في طور الليسانس الأكاديمي، وذلك في تخصصات علم الطيران، علم الطاقة، الصيانة الصناعية والإنشاء الميكانيكي، أما في الليسانس المهني فتتمثل التخصصات في هندسة السيارات والأنظمة الطاقوية الصناعية.
400 متخرج سنويا من قسم الميكانيك
وفي طور الماستر المهني يوجه الطلبة إلى تخصصات أنظمة الطاقة الصناعية، هندسة السيارات، التلحيم، المحركات النفاثة للطائرات، والهندسة الصناعية، أما في الأكاديمي فتشمل الهندسة الميكانيكية، الهندسة الحرارية والطاقوية، الصيانة الصناعية والإنشاء الميكانيكي وعلم الطيران.
ويكون التسجيل في بعض هذه التخصصات وطنيا، بينما يتطلب بعضها دراسة سنة على الأقل بالجذع المشترك في تخصص العلوم والتكنولوجيا بالكلية ذاتها، حيث يوجه الطلبة بين شعبتين رئيسيتين هما الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران اللتين تتفرع منهما التخصصات المذكورة، فيما يتم فتح 3 مناصب دكتوراه كل سنة، مثلما يؤكد الدكتور ميلس عادل، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية.
ويضيف الدكتور ميلس في لقاء بالنصر، أن حوالي 400 طالب يتخرج سنويا من القسم في طوري الليسانس والماستر بينهم طلبة عرب وأفارقة، بينما يتم استقبال من 320 إلى 340 طالبا جديدا كل عام، وهو عدد يتوافق مع المقاعد البيداغوجية “المحدودة” المتوفرة ولا يلبي الطلب، في حين يتكفل بالتأطير 49 أستاذا يبقى عددهم غير كاف أيضا، بحسب رئيس القسم.
الإنشاء الميكانيكي من أكثر التخصصات المطلوبة
ومن أكثر التخصصات طلبا علم الطاقة والإنشاء الميكانيكي، فالأول يفتح باب التوظيف واسعا في شركات الطاقة بالجزائر وأهمها سوناطراك وسونلغاز، حتى أن العديد من إطارات الشرق في هذا المجال، تخرجوا، مثلما يضيف الدكتور، من قسم الهندسة الميكانيكية بقسنطينة، أما الإنشاء الميكانيكي فهو «التخصص الأم» الذي يستقطب العديد من الناجحين في امتحان شهادة البكالوريا.
زيادة على ذلك، فإن جميع الفروع تسمح بالتوظيف في مختلف الهيئات كالمطارات، والموانئ والمصانع وحتى شركات المياه والتأمينات وغيرها، دون احتساب قطاع التربية الوطنية إذ أن العديد من خريجي الميكانيك ينجحون في مسابقات التوظيف في رتبة أستاذ رياضيات وتكنولوجيا.
و تحصي إدارة القسم إقبالا متزايدا للإناث على مختلف التخصصات، لكن الطلب الأكبر مسجل على تخصص علم الطيران، بحيث أن التكوين فيه يساعد على الالتحاق بمدارس الطيران، إذ «ترغب العديد من الطالبات في أن تصبحن طيارات»، يقول رئيس القسم.
ويتميز قسم هندسة الميكانيك بقسنطينة بوجوده في ولاية تعتبر قطبا وطنيا في الصناعة الميكانيكية، وفق رؤية كان قد أسّس لها الرئيس الراحل هواري بومدين من خلال إقامة مشاريع لإنجاز مصانع الجرارات والمحركات والعربات الصناعية ومختلف أنواع العتاد، لذلك فإن طلبة القسم استفادوا على مدار العقود الماضية من تربصات بهذه الشركات، وأصبحوا في ما بعد موظفين وإطارات بها.
عتاد بقيمة مليار سنتيم داخل حجرة مهددة بالسقوط
ويتوفر القسم على 3 مخابر بحث، أحدها مخبر الطاقوية الذي تعود نشأته إلى سنوات التسعينيات، حيث يوجد في بناية كبيرة تشبه المستودع. أول ما استوقفنا لدى دخول المخبر هو أشرطة تم وضعها لتفصل البهو الكبير عن مكاتب تقع في الطابقين الأرضي والأول مع وضع لافتات صغيرة كُتبت عليها إشارة “خطر” و “حذار سقوط حائط”.
ولم يكن صعبا معرفة مصدر الخطر، فقد كانت تشققات على الجدران ظاهرة للعيان حتى أن بعضها أحدثت ثقوبا يمكن من خلالها رؤية الحجرات من الخارج، بينما وجدنا الأجزاء التي سقطت من الجدران ما تزال موجودة أرضا، وقد امتدت التصدعات على طول السلالم بما يوحي أنها قد تسقط في أية لحظة.
دخلنا الحجرات ولم نتوقع أن نرى أشخاصا هناك بسبب خطورة الوضع، لكننا وجدنا طلبة دكتوراه كانوا يشتغلون رفقة أستاذهم المؤطر على أحد أجهزة الكومبيوتر الحديثة والمصممة خصيصا لمجال الميكانيك، حيث خاطبنا الأستاذ في تذمر “أنظري كيف أن جهازا بقيمة 82 مليون سنتيم يوضع بمكان مهدد بالسقوط”، قبل أن يتحدث عن “الوضع المزري” الذي يدرس فيه طلبته.
الحجرة كانت تتوفر على عدد من أجهزة الكومبيوتر وطاولات وكراس يستخدمها الطلبة ومؤطروهم، كما وجدنا داخل غرفة يظهر أنها توشك على الانهيار، محركا علمنا أن قيمته مليارا ونصف مليار سنتيم، في حين كان وضع دورة المياه متدهورا للغاية وقد ثبتت في مدخلها أيضا لافتة كُتبت عليها عبارة “حذار سقوط الحائط”. وأخبرنا رئيس القسم أنه بلّغ الإدارة بالتشققات التي بدأت تظهر قبل عام وتحديدا إثر الزلزال الذي ضرب ميلة ومسّ ولاية قسنطينة، ليتم إجراء خبرة تقنية بيّنت أن أرضية المخبر تحركت، لكن الاكتفاء بوضع لافتات تشير إلى الخطر.
توجهنا بعد ذلك صوب مخبر الميكانيك الواقع على بعد خطوات قليلة، وفي الطريق إليه شاهدنا لوحا شمسيا أخبرنا رئيس القسم أن طلبة أنجزوه في إطار مشروع التخرج، بحيث زودوه بجميع التجهيزات ليكون عمليا، وهو نموذج من عشرات المشاريع ذات الأهمية في مجال الطاقة المتجددة.
هكذا تم تجهيز المخابر في بداية التسعينيات
وضعية مخبر الميكانيك كانت أفضل حالا، بحيث بدت الجدران متماسكة وظهر المكان أكثر تنظيما، إذ صُفت فيه العديد من الأجهزة المختلفة منها ما يستعمل لمعالجة واختبار المواد، مع وجود عدد من قطع الغيار التي يستخدمها الطلبة في بحوثهم العلمية التطبيقية، كما كانت هناك أجهزة حديثة باهظة الثمن تصل قيمة أحدها إلى 1.7 مليار سنتيم، مثلما أكد رئيس القسم، غير أن بعضها معطل لحاجتها إلى الصيانة وتوفير قطع غيار، وبينها مجهر إلكتروني شديد الدقة مشكلته تتعلق بالبرمجيات المستخدمة.
ويخبرنا الباحث في الفيزياء، الدكتور نوار ثابت، عن “التحدي الكبير” الذي تمت مواجهته عند تجهيز مختبرات قسم الميكانيك بجامعة منتوري عندما نصب مديرا على هذه الأخيرة بعد 3 سنوات فقط من تأسيس القسم، حيث يقول للنصر “حين أصبحت مديرا للجامعة سنة 1990 وجدت أن هناك أجهزة كثيرة بعضها من نوع متطور جدا وبكلفة عالية، لكنها بقيت في علبها لسنوات عديدة بسبب اختلاف بين وزارة التعليم العالي والشركة الموردة للأجهزة”.
ويضيف البروفيسور ثابت، أن العقد أبرم بين وزارة التعليم العالي والشركة الأجنبية، لكن أحدا “لم يجرأ” على فتح تلك العلب واستخدام الأجهزة لقرابة عشر سنوات أو أكثر والسبب، مثلما تابع، هو أن الجامعة لم تكن طرفا في العقد، بحيث خشيت فقدان الضمان المتعلق بالتجهيزات فلم تستفد منها.
وقد قرر مدير الجامعة وقتها فتح العلب، حيث قال إنه خاطب الأمين العام حينها قائلا “هل بقي هناك ضمان بعد عشر سنوات (..) الوزارة دفعت 80 بالمئة من كلفة التجهيزات و ربما أصبح بعضها غير صالح للاستخدام، سأفتح العلب وننقذ ما أمكن إنقاذه ليستفيد طلابنا”. وبالفعل تم فتح العلب واستخدام ما أمكن من تجهيزات، يقول الدكتور نوار ثابت.
مركز البحث في الميكانيك.. صرح تكنولوجي وصناعي!
وغير بعيد عن قسم الميكانيك، يوجد مركز البحث في الميكانيك والذي تأسس مؤخرا حيث صدر المرسوم التنفيذي الخاص به سنة 2019، بينما تم تعيين مديره منذ حوالي شهر فقط، وهو بنية حاج محمد، الباحث الشاب المتحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية من جامعة هومبولدت بألمانيا.
النصر دخلت المركز الذي خصصت له بناية حديثة ذات واجهة زجاجية، كسرت المظهر القديم لباقي منشآت كلية التكنولوجيا التي تعود لثلاثة عقود، و بها استقبلنا الدكتور بنية الذي أخبرنا أن المركز بدأ العمل مؤخرا ولم تضبط بعد كل هيئاته التسييرية، لكن الباحثين الدائمين وظفوا فيه وهم مثلما قال محدثنا، القوة الضاربة التي ستدفع بهذه الهيئة العلمية الفتية للأمام.
ويسعى المركز إلى إنجاز مشاريع تقدم حلولا للإشكاليات المسجلة في الميدان على المستوى الوطني، حيث يضم حاليا 27 باحثا معظمهم في التخصصات المتعلقة بالميكانيك، يعملون على دراسة وتطوير صناعة قطع الغيار سيما أن الأجزاء الميكانيكية، تشكل 70 بالمئة على الأقل من أي صناعة، يقول الدكتور.
«نسعى لتحقيق نسبة إدماج أعلى للصناعة الوطنية»
وأضاف الباحث أن المركز يدرس إمكانية الوصول إلى نسبة إدماج أعلى للصناعة الوطنية بهدف التقليص من الاستيراد، حيث يقترح تطورات ميدانية لتحسين المنتوج سواء في مجال صناعة السيارات، الجرارات، المحركات، الصناعات الغذائية والصيدلانية، الطائرات، السفن، الطاقة وحتى مجال الفضاء.
وذكر محدثنا أن مركز البحث شرع فعلا في تدارس مشاريع مشتركة على غرار ما تم مع الديوان الوطني لأعضاء المعوقين الاصطناعية ولواحقها “أوناف” من أجل مساعدته على تحسين النماذج والقطع الأساسية وغير المعقدة، كما يوجد مشروع يخص حرق الزيوت المستعملة بشركة الإسمنت لحامة بوزيان التابعة للمجمع الصناعي لإسمنت الجزائر “جيكا”.
كما تنقل أعضاء من مركز البحث في الميكانيك إلى مؤسسة الجرارات الفلاحية “إيتراغ” وتم تدارس إمكانية تحسين جرار “سيرتا”، يؤكد الدكتور بنية ثم يتابع بالقول إن استراتيجيته تتمثل في البحث والتطوير و”ليس البحث من أجل البحث". إضافة إلى ذلك، يسعى المركز للدخول في شراكة مع مؤسسات اقتصادية والشروع في نمذجة قطع الغيار ودراسة المواد على المدى القصير، وفي الوقت نفسه تحسين المنتوجات ضمن مشاريع على المديين المتوسط و الطويل.
و يرى المختص في الفيزياء التطبيقية، أن الصناعة الجزائرية بحاجة إلى أقسام بحث و تطوير أيضا، و بالمقابل ينبغي على مراكز البحث إيجاد حلول واقعية وسريعة للإشكاليات المطروحة في المؤسسات الاقتصادية، ليضيف “نعمل في مركزنا كمؤسسة ذات طابع علمي و تكنولوجي لكننا مستعدون لنكون طرفا اقتصاديا يحصّل مداخيل مالية لأننا نعمل بتمويل ذاتي. نجد الحلول و نبيع كفاءتنا”.
أجهزة حديثة لاختبار المواد وصناعة قطع الغيار
النصر طافت ببعض قاعات المركز، حيث وجدنا بها عددا لا بأس به من التجهيزات الحديثة جدا والمتصلة إلى حواسيب والتي تم جلبها من سويسرا وألمانيا، إذ يستخدم بعضها في إجراء التجارب الميكانيكية التي تساعد في معرفة خصائص مختلف المواد مثل الفولاذ، الحديد، الإسمنت والبلاستيك، لذلك فمن السهل الدخول في شراكة مع مصالح الجمارك و الشرطة وغيرها من الهيئات النظامية التي تحتاج لتحديد مطابقة السلع و الطرقات و حتى مدارج الطائرات، بصورة دقيقة، كما يسمح هذا العتاد بنمذجة وصناعة بعض أنواع قطع الغيار محليا والتوقف عن استيرادها بالعملة الصعبة.
و يتوفر المركز أيضا على أجهزة التقييس و عتاد حديث يحدد قوة الصدمات و الالتواءات في الأسطح و الطرق مع قياس صلابة المعادن و ضبط خصائصها الميكانيكية، الأمر الذي يمكن استغلاله بالنسبة لتصنيع سكك القطارات و حتى في الموانئ. إضافة إلى كل هذا، يبقى مركز البحث مفتوحا أمام الطلبة و الباحثين الراغبين في استخدام تجهيزاته في دراساتهم و بحوثهم، وهنا علّق رئيس المخبر “نريد ضمان التكوين ليس في البحث التقليدي الأكاديمي بل أن نكون جزءا لا يتجزأ من أقسام البحث والتطوير في المؤسسات”.
توجهنا بعد ذلك إلى ورشة التصنيع التابعة للمركز والتي تقع في مستودع يبعد عنه ببضعة أمتار. هناك وجدنا مجموعة من المهندسين و التقنيين يتعاملون مع تجهيزات أكثر ضخامة تستعمل في تصنيع مختلف قطع الغيار كبيرة الحجم والمعقدة، وفق برمجيات حاسوبية حديثة جدا تضمن عمليات الخراطة والتفريز داخل آلة كبيرة تشبه في شكلها العربة، حيث تم جلبها من ألمانيا وتفوق تكلفتها مبلغ 12 مليار سنتيم. وقد تمت تهيئة المستودع الذي توجد فيه التجهيزات و تزويده بمكيفات تضمن درجات حرارة تتراوح بين 21 و 23 درجة مئوية حتى لا تؤثر على المواد المستعملة وتعطي نتائج دقيقة، وقد أخبرنا المشرفون على الورشة أنها مفتوحة لطلبة الليسانس والماستر والدكتوراه.
عمليات صيانة متعثرة بقاعدة العلوم والتكنولوجيا
و في اليوم نفسه كان لنا موعد بقاعدة العلوم والتكنولوجيا الواقعة أيضا على بعد دقائق من ورشة التصنيع التابعة لمركز البحث في المكيانيك، وذلك بعدما كنا قد رتّبنا موعدا مع المسؤول عنها وهو البروفيسور مزياني سليم الذي يرأس كذلك معهد العلوم والتقنيات التطبيقية في مجمع زرزارة والتابع لجامعة الإخوة منتوري.
القاعدة عبارة عن بناية كبيرة تتألف من طابقين و يتوسطها بهو وضع فيه عدد من تجهيزات الميكانيك، وقد أخبرنا البروفيسور مزياني أنها تأسست في إطار برنامج تعاون بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي أطلق عليه برنامج دعم السياسة القطاعية للتعليم العالي «بابس» حيث بدأ سنة 2012 واستفاد منه طلبة في الليسانس والماستر والدكتوراه و كانت من نتائجه منصة «بروغرس» التي تستخدمها الجامعات الجزائرية اليوم.
وتعد قاعدة قسنطينة التي بدأت العمل فعليا سنة 2016، من ضمن 3 قواعد أنشئت في الجزائر، حيث خصصت إحداها لمجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال بباب الزوار بالعاصمة، والثانية للعلوم الطبية في العاصمة أيضا، أما الثالثة فقد خصصت لمجال العلوم والتكنولوجيا بقسنطينة على اعتبار أن هذه الأخيرة قطب امتياز في مجال المكانيك على مستوى الجزائر.
وقُسمت قاعدة العلوم والتكنولوجيا بين الميكانيك والالكترونيك، حيث أنها مفتوحة، مثلما يؤكد البروفيسور مزياني، لمختلف الهيئات وحتى للأشخاص وليس للطلبة فقط، وقد استفاد منها العديد من الطلبة بقسنطينة و خارجها، في إعداد أعمال في إطار مشاريع التخرج و من بينها إنجاز مسبار مصغر ومشروع هام اطلعنا على المجسم الخاص به، حيث يسمح بري 17 هكتارا تضم 17 زراعات مختلفة عن بعد، عبر الهاتف النقال أو الكمبيوتر، لكنه ظل حبيس ذلك المكان ولم تتم الاستفادة منه، رغم تعهد أحد الوزراء السابقين لدى اطلاعه على المشروع، بتمويل الطلبة لتفعيل ابتكارهم على أرض الواقع.
ويمكن عبر التجهيزات المتوفرة في القاعدة، المفتوحة كذلك للأساتذة تقديم الدروس التطبيقية، إجراء تحاليل عبر أشعة “إكس” في آلة خاصة تم وضعها في غرفة مخصصة لهذا الغرض، كما تتيح آلات أخرى نمذجة قطع الغيار و الطبع ثلاثي الأبعاد و “السكانير” ثلاثي الأبعاد أيضا وهي كلها تجهيزات يقول البروفيسور مزياني، إن الطالب لم يكن يراها في الأساس لكنها أصبحت متاحة له اليوم. وقد ساهمت القاعدة خلال الأزمة الوبائية، في صناعة أقنعة واقية وُجهت للمستشفيات مع استمرارها في إجراء اختبارات فيزيائية و كيميائية مجانا و تحديد نوعية وتركيبة مختلف المواد.
و رغم كل هذه الإمكانيات التي تتوفر عليها قاعدة العلوم والتكنولوجيا، إلا أنها تعمل دون صفة قانونية ما يجعلها غير قادرة على الحصول على التمويل و بالتالي عدم إمكانية القيام بالصيانة وشراء المادة الأولية ولا حتى تقديم خدمات بمقابل مادي، يقول البروفيسور مزياني، كما لم تعد تضم سوى مهندسة وحيدة تشرف عليها، بعدما كان ثلاثة أشخاص يقومون بهذه المهمة، زيادة على تسجيل نقص في ضمان النظافة بالمكان.
وبخصوص معهد العلوم والتقنيات التطبيقية في مجمع زرزارة، ذكر البروفيسور مزياني أن الطلبة يدخلونه عبر تسجيل وطني و يتخرجون بتعداد حوالي 30 طالبا سنويا بليسانس مهني يعطيهم «كفاءات مهنية حقيقية»، إذ يقضون 28 أسبوعا في تربصات بالمؤسسات، ويدرسون في تخصصات الإنتاج الميكانيكي، الهندسة الصناعية والصيانة، تسيير الإنتاج و اللوجستيك وتكنولوجيا التلحيم، حيث أنشئ المعهد سنة 2016 في إطار تعاون بين الجزائر وفرنسا، كما أن حوالي 20 بالمئة ممن يدرسون به، إناث.
ي.ب