أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
مــداهمات ليلية لعصابات تـرعب بــاعة الفخـــار على حــواف الطرقــات
يتعرض باعة الأواني والتحف الفخارية على حواف الطرقات لمداهمات لصوص يعتدون عليهم ليلا ما يكبدهم خسائر كبيرة رغم قيامهم بمناوبات ليلية للحراسة، كما يتحدثون عن انتشار للأمراض الصدرية الناجمة عن المبيت في العراء وأخطار الزواحف والحيوانات.
أصحاب الطاولات والأكواخ المنتشرة على امتداد محاور وطنية و رغم كونهم ينشطون دون رخص تحولوا إلى جزء من ديكور الطرقات الرابطة ما بين الولايات ومحطة هامة للمسافرين و السواح ما يجعلهم يطالبون بتقنين الفضاءات التي يحتلونها لبناء محلات تقيهم أخطار قطاع الطرق.
على طول الطريق الرابط بين منطقة الدغرة، ببلدية زيغود يوسف و منطقة صالح قطيط ،مرورا بقرية زيبوش محمد المعروفة بـ"الكنتور" بولاية سكيكدة، التقينا بباعة جعلوا من محلات يسترزقون منها، أمكنة للإقامة و ذلك منذ بداية التسعينات و إلى غاية اليوم، بعد أن ضحوا بحقهم في الخلود إلى الراحة بعد يوم متعب بمنازلهم و بين ذويهم، مكرهين لأنهم لم يجدوا حلا لحماية السلع الكثيرة، سوى ضمان حراستها طيلة الليل، الشيء الذي دفعهم إلى بناء أكواخ، منها ما صنع من خشب و أخرى من صفيح، لا يزيد طول أكثرها عن المترين، أما العرض فلا يكاد يتجاوز المتر و النصف، أكد عدد التجار الذين تحدثنا إليهم أنهم يستغلونها، خاصة في فصل الشتاء للاحتماء من البرد، فيما يفضلون المبيت في العراء في فصل الصيف.
هؤلاء اختاروا العيش بين الفخار في الليل و النهار، يبيعونه صباحا و يحرسونه ليلا، في مجموعات يتراوح عددها بين شخصين إلى أربعة أشخاص، حسب أحد هؤلاء الباعة و هو حمادوش حسين 46 سنة الذي يعد أقدمهم، لأنه بدأ هذا العمل منذ سنة 1991 و جرّب هاجس الخوف من الإرهاب، خلال العشرية السوداء التي لم تمنعه من مواصلة تجارته و مصدر رزقه و رزق عائلته الوحيد.
يزور أهله مرتين في الأسبوع منذ 1999
حسين أسر لنا، بأنه لا يقضي الليل ببيته و بين أفراد أسرته إلا مرتين في الأسبوع و ذلك منذ بداية التسعينات، و هي الفترة التي وصفها بالكابوس، قائلا بأن الليلة الواحدة خلالها كانت تمر عليه و على رفاقه و كأنها سنة، و هم يترّقبون شروق الشمس و عودة الحركة إلى المكان الذي يتحوّل إلى شبه خال، بعد الساعة الخامسة مساء، مؤكدا بأن النوم فارق أجفانهم لخوفهم الشديد من المداهمات المفاجئة للملثمين، معلّقا بأن الحظ كان حليفهم، لأن المنطقة شهدت دوريات أمنية مكثفة، شجعتهم على الصمود و مواصلة العمل الذي عرف ركودا كبيرا في تلك الفترة، لعدم تجرؤ الكثيرين على ركن سياراتهم بالطرقات لمعاينة السلع، خوفا من عمليات السطو و تجريدهم من مركباتهم و هو الهاجس الذي انتاب الكثيرين وقتها.
التاجر و الحرفي حمادوش أضاف معلّقا، بأنه وبعد استتباب الأمن، أصبحوا يواجهون مشاكل السرقة ، خاصة في فصل الصيف أين يسجلون بين الفينة و الأخرى، اقتحام بعض الشباب لمتاجرهم المفتوحة و سرقة كل ما يقع بين أيديهم حتى لو كان ذلك مجرّد حصالة نقود من طين، لا يزيد سعرها عن 150 دج، مثلما قال بائع آخر يدعى أوزير عبد الله، يبعد محله بحوالي 6كيلومتر عن محل حمادوش و الذي أكد بأن بائعا معه تعرّض للاعتداء الجسدي، و سرقة هاتفه النقال و بعض الأطقم الفخارية التي بلغت قيمتها ثلاثة ملايين سنتيم، كما اقتحم اللصوص كوخهم الصغير، بحثا عن صندوق المال الذي يضعون فيه مداخيل مبيعاتهم اليومية، و لحسن حظهم أنه كان مخبأ في مكان يصعب العثور عليه، كما قال.
السرقات تكثر في رمضان و الأعياد
محدثنا الذي احترف النشاط منذ 1999 بمنطقة صالح قطيط، استرجع هو الآخر لحظات الخوف التي كانت تنتابه وبقية الباعة في تلك الفترة، كلما أسدل الليل ستاره، غير أن خوفهم أصبح أكبر اليوم بعد تزايد اللصوص الذين لا يوقفهم، مثلما قال، شيء سوى الحراسة المشددة و المكثفة لسلعهم طوال اليوم، سيّما في فترة القيلولة و الليل، مشيرا إلى تعرّضهم للسرقة في شهر رمضان و عيدي الفطر و الأضحى، أين يتربص بهم اللصوص، لإدراكهم خلو المكان في تلك المناسبات لتفرّغ الباعة لواجباتهم العائلية و عادة المعايدة و زيارة الأقارب.
و تأسف الحرفي عبد الله لتزايد ظاهرة السرقة و التي غالبا ما يكون أبطالها شباب، عند عودتهم من جولاتهم الاستجمامية في الصيف خاصة، حيث سجلوا مرات عديدة مرور مجموعات من الشباب على متن سيارات، بدا من خلال منظرهم و سلوكاتهم بأنهم كانوا عائدين من البحر، و يتعمدون العودة إلى بيوتهم في ساعات متأخرة من الليل، حتى يجدوا الطريق خاليا من حركة المرور للتمكن من الفرار بعد ارتكابهم للسرقة.
عمليات رشق بزجاجات الخمر تحطم المعروضات
خسائر باعة الفخار على محور قسنطينة سكيكدة، لا تقتصر فقط على عمليات السرقة التي يتعرّضون إليها على مدار السنة، بل ثمة سلوكيات أقل ما يقال عنها أنها عدوانية، يقوم بها بعض المخمورين الذين يتعمدون رمي زجاجات الخمر بمجرّد الاقتراب من تلك الفضاءات، فيتسببون في تحطيم بعض الأطقم و التحف التي تسقط على بعضها البعض، و هو ما ينجم عنه عادة خسارة تتراوح بين 3000 و 10000دج على الأقل، حسب الباعة الذين أكدوا بأنهم يضطرون إلى بيع ما تبقى من الأطقم بنصف السعر و أحيانا الربع، لتجنب الخسارة التامة.
و ذكر البائع سفيان بأن هاجس القلق من المخمورين، يتضاعف في موسم الاصطياف، حيث يضطرون إلى تغيير ديكورات فضاءات العرض، خوفا من رشقهم بزجاجات المشروبات الكحولية الخاوية.نفس الشيء ذكره البائع الشاب حسام الدين الذي قال أنهم يتحملون البرد الشديد و الجليد و الابتعاد عن أسرهم، لكنهم لا يتحملون العدوانية غير المبرّرة لبعض الأفراد، تحت تأثير الخمر و المخدرات.
و أجمع الباعة الذين يزيد عددهم عن 14 على تكبدهم لخسائر تتراوح بين مليون و ثلاثة ملايين سنتيم، بسبب تهوّر و طيش بعض الشباب، الذين يتسببون في مشاكل مادية للكثيرين منهم، علما و أنهم يضطرون أحيانا للإستدانة لأجل شراء سلع جديدة يستقدمونها من مختلف مناطق الوطن، و بشكل خاص من بسكرة، عنابة، بجاية،تيزي وزو و العاصمة و أحيانا أخرى من دول مجاورة كتونس.
و سرد لنا البعض كيف أنهم لا يبرحون مكان عملهم إلا نادرا، لأجل زيارة ذويهم مرة أو مرتين في الأسبوع، عندما يجدون من ينوب عنهم لضمان الحراسة الليلية التي وصفوها بالشاقة، خاصة في فصل الشتاء، حيث يزداد الأمر تعقيدا، حسب البائع حسين، عندما تتساقط الثلوج، إذ يضطرون لإزالة الثلوج من أعلى السقف الهش، حتى لا تسقط الأخشاب التي بنيت بها محلاتهم الفوضوية، على السلع الفخارية، فتتضاعف خسارتهم المادية و هو ما يعرضهم أيضا لأمراض كثيرة، و بشكل خاص الأمراض الصدرية.
الثعابين و الخنازير البرية خطر آخر
السرقة لا تعد الهاجس الوحيد الذي يؤرق الباعة، بل ثمة مشاكل أخرى تهدّد أمنهم و حياتهم، حيث تهاجمهم من حين إلى آخر حيوانات خطيرة كالخنزير البري و الثعابين و كذا الكلاب المتشرّدة، مما يزيد من معاناتهم و قساوة ظروف عملهم، حيث أعرب الكثيرون على رغبتهم في تسوية وضعية نشاطهم و منحهم رخصة و إعانات مادية لبناء محلات يمكنهم غلق أبوابها و بالتالي تمكنهم من العودة لبيوتهم و أسرهم، بعد انتهاء ساعات العمل، بدل المبيت في أكواخ لا تتوّفر على أدنى شروط الراحة و الأمان، خاصة و أنهم يستعملون مدفئات تشتغل بغاز البوتان و هو ما قد يهدّدهم بالاختناق لضيق المكان الذي يأوي عادة، أكثر من شخص. مريم/ب