التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
التحديث في العمارة ضرورة لكسر صورة الإسلام المنغلق
طرح أساتذة و باحثون من الجزائر ، المغرب ، تونس ، عمان، بريطانيا و فرنسا، شاركوا في فعاليات الملتقى الدولي حول العمارة الإسلامية، الذي تحتضنه جامعة قسنطينة بداية من أمس و على مدار يومين، إشكالية الهوية و التجديد في نسق بناء المساجد في الجزائر، مؤكدين غياب بصمة عمرانية رمزية تُترجم من خلال الخصائص الهندسية لهذه البناءات، التي تعكس المستوى الحضاري للمجتمع و تبرز انتماءه الثقافي، كما تمنح مدلولات عمرانية قابلة للتحديث و العصرنة تعتبر تكريسا لفكر الديمومة و التسيير الذكي لعوامل الوسط.
المشاركون أشاروا إلى أننا في الجزائر نقف عند مفترق طرق حقيقي، فمن جهة نحن مطالبون بإيجاد بصمة عمرانية تعكس تاريخنا و مكتسباته، كما أننا عالقون أمام حتمية محاربة الذهنيات المتحفظة التي ترفض تطليق النظرة النمطية التقليدية للمسجد كمؤسسة دينية محدودة الاختصاص، و تقف أمام مسعى إخراجه من قالب المنارة و القبة و تحديث صورته لتتماشى مع متطلبات العصرنة، بما يسمح بإدماجه محليا وعالميا بصورة أكبر.
أستاذ العمارة و التعمير بجامعة قالمة علقمة جمال
النظرة التقليدية الضيقة لدور المسجد أعاقت مشروع عصرنة عمرانه
يؤكد جمال علقمة، أستاذ العمارة و التعمير بجامعة قالمة، بأن النظرة الضيّقة للمسجد كمؤسسة دينية محدودة الاختصاص، قزمت من دوره و حصرته في خانة محدودة انعكست سلبا على دوره العام و أسلوب عمارته كتحصيل حاصل، لأن محدودية النشاط تحدد بدورها المساحة و تفرض النمط الهندسي التقليدي في البناء، لذلك فإن عصرنة البناء المسجدي و تحديث هندسته رهينة انفتاح حضاري على سعة الدور الحقيقي لهذه المؤسسة.
المختص أوضح بأن بناء المعالم الأساسية لأي حضارة بما في ذلك المساجد لا بد و أن يحتكم لمخطط هندسي مسبق يؤخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعايير، الفيزيائية و الهندسية التركيبية للموقع، إضافة إلى دراسة الخصائص الوظيفية و الاتجاهات الهندسية و بالأخص المدلولات وهي تلك التفاصيل و الإبعاد الكلية الزخرفية البنائية، التي تبرز الهوية التاريخية و الحضارية للمعلم، وهي كلها عناصر لا يلتزم بها بناة المساجد في الجزائر، ما أوجد إشكالية حقيقة تتعلّق بعدم القدرة على التجديد و التحديث و تقديم نماذج حضارية لمساجد تحمل صفة " الجامع"، أي المؤسسة أو المجمع متعدّد الوظائف القادر على استيعاب مختلف جوانب الحياة التربوية و الدينية و الثقافية في إطار شرعي منظم.
و أضاف المهندس بأن تطوّر عمارة المساجد في الجزائر مرت بمرحلتين، المرحلة الأولى تاريخية و تتعلّق برواسب الحضارات التي تعاقبت علينا من عهد الخلافة إلى الدويلات الصغيرة " كالدولة الفاطمية مثلا "و التي أفرزت أنماطا هندسية مختلفة كالنمط الغالي و العثماني وهي منتجات معمارية إسلامية.
أما المرحلة الثانية التي أنتجتها ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية بين القرنين السادس عشر و الثامن عشر،و تزامنت مع بروز صحوة في الغرب تجاه قيمة التقاليد المعمارية، و إلزامية قراءة التراث المحلي بشكل متجدد و استحداث طرق انجاز إبداعية، فتخص محاولة العصرنة و إدخال دلالات حديثة على فن عمارة المساجد، وهو الأمر الذي لم يجد سبيله إلى التفعيل على أرض الواقع، بسبب الذهنيات المقزمة لدور المسجد و مكانته الحضارية وهي ذهنيات تفرض قيودا على كل فكر يدعو إلى التجديد في المسجد و الانسلاخ عن النمط المعماري التقليدي المبني أساسا على القوس و القبة، و المكرّس لمبدأ الشمولية في العمارة الإسلامية، بالرغم من أن الإسلام من بين الديانات الداعية إلى تنمية الفكر المحلي و تطويره في شتى المجالات.
مع ذلك يبقى التجديد في عمارة المسجد ضرورة للمحافظة على أهمية البناء كأحد أهم الأقطاب الحضارية في المجتمع، إذ يتعيّن على المهندسين الجزائريين اعتماد نمط يستنبط من التاريخ و يستشف من الحداثة، لمواكبة العصرنة و تحقيق جزء مما حققته المؤسسة المسجدية في دول كماليزيا و اندونيسيا و كازخستان، أين تحوّلت هذه المعالم إلى مؤسسات تربوية و تثقيفية هامة فضلا عن دورها كمناطق جذب سياحي، بفضل هندستها الفريدة و الحديثة، لأنه في النهاية لا يوجد عمارة إسلامية محددة بل هنالك فن العمارة في الإسلام، وهو فن يعترف بالإبداع و يتبنى الحداثة و التجديد..
و تعد البنايات الجديدة لمساجد العالم، نموذجا إبداعيا يتعيّن علينا الاحتداء به للخروج من النمطية و إنشاء معالم متفردة، تكون بمثابة إضافات حضارية سواء من ناحية العمران أو من خلال ترقية البناء المحلي و تكبيره و اعتماد مواد تركيبية بيئية، وهو ما لن يتحقق حسب المختص إلا من خلال ترقية الفكر الحضاري و فهم معنى الحضارة في الإسلام بالشكل الصحيح، للتمكن من إنتاج فكر معماري متجدد يسمح لنا بمواكبة العولمة، لأننا حاليا لا نزال نتبنى أفكارا تعود للقرن العاشر، تقيدها مبادئ الصوفية و الزهد.
البروفيسور بن كاري نعيمة جامعة عمان
التحديث في عمارة المساجد من شأنه كسر صورة الإسلام المنغلق
ترى البروفيسور بن كاري نعيمة باحثة في مجال الهندسة المعمارية الإسلامية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، بأن تحرير المسجد من هندسته القديمة التي اختزلت صورته في المنارة و القبة، ضرورة تفرضها إلزامية مواكبة العولمة، لأن التجديد في عمارة المسجد و تقديم نماذج معمارية راقية و حديثة من شأنه كسر الصورة النمطية الشائعة عن الإسلام على أنه دين منغلق أو منحبس.
الباحثة أشارت بأن العرب عرفوا مرحلة تاريخية معينة ازدهرت خلالها العمارة الإسلامية بشكل بارز و قد استطاعت أن تفرض نسقها على العديد من الحضارات، إذ لا تزال هنالك شواهد معمارية هامة تؤرخ لأمجاد الهندسة الإسلامية، لكن هذا الرقي المعماري توّقف منذ حوالي خمسين سنة، و لم يعد قادرا على مواكبة التطوّر الحاصل في العالم، بسبب انغلاق الذهنيات و الميل نحو اختزال صورة المسجد في القوس و المنارة و القبة، وهو ما انعكس بالسلب على دور هذه المؤسسة الذي انكمش و تراجع مقارنة بما كان عليه سابقا.
و يبقى الانفتاح على الأنماط المعمارية الحديثة أو التجديد في الأنماط القديمة، خطوة ضرورية لإعادة بعث الدور الريادي للمسجد و تقديمه كمؤسسة ذات دور اجتماعي متكامل، بداية من تكييف البناء مع طبيعة المجتمع و ثقافته كما هو معمول به في دول الخارج، وكذا الخروج من الطابع الاسلاموي المنغلق و مواكبة الإبداع الحاصل في دول العالم التي خرجت عن المألوف و أصبحت تتحدى الطبيعة في محاولة لإبهار العالم و إعطاء قيمة حضارية و جمالية و سمعة عالمية للمعالم المعمارية، وذلك لا يكون كما قالت إلا من خلال الابتعاد عن نمط البناء الموّحد النمطي الذي تصر الحكومات على تمويله، و انتهاج نمط متجدد حديث كذلك الذي تبنته دول أسيا و الشرق الأقصى.
الدكتور إبراهيم معايش من جامعة قسنطينة
لا يمكننا الحديث عن التجديد و نحن لا نزال نبحث عن هويتنا المعمارية
يرى الدكتور إبراهيم معايش من قسم الهندسة المعمارية بجامعة قسنطينة، بأن مشكلة العمران في الجزائر هي مشكلة هوية، فنحن لا نزال إلى غاية الآن نبحث عن هويتنا المعمارية و نسقنا الخاص، سواء تعلّق الأمر بالمسجد أو بمؤسسات أخرى ذات بعد حضاري و أهمية اجتماعية.
و السبب وراء افتقارنا لهذه البصمة المعمارية كما أوضح، راجع لتأخر الإرادة السياسية في طرح إشكالية افتقارنا لهوية معمارية خاصة في بالبناء في الجزائر، إشكالية قال بأنها تشمل مختلف جوانب الحياة الثقافية، وهو ما وضعنا أمام مفترق طرق حقيقي، فلا نحن قادرون على تكريس الدلالات الهندسية التاريخية و مزجها للخروج بنسق خاص يحمل ختمنا ولا نحن قادرون على بناء معالم حديثة الطراز مع الحفاظ على الطابع المميّز لنا و عكس هويتنا الحضارية من خلاله.
ولعل الاعتماد في كل مرة على مكاتب دراسات و مهندسين أجانب لانجاز المشاريع الحضارية الهامة كمشروع الجامع الكبير مثلا، بدلا من استغلال الطاقات الجزائرية ساهم في إفراغ هذه المنشآت من طابعها و جلعها تنحصر في خانة المعالم رغم محاولات تكييفها، غير أن غياب البصمة المحلية ظل دائما بمثابة حلقة مفقودة تجعل هذه المنشآت مهما كبرت تبقى مجرّد مباني لا تختلف كثيرا عن النمط أو النموذج العالمي المعروف، ولا تملك تلك الخاصية المعمارية المميّزة لها.من جهة ثانية فإن فوضى بناء المساجد من قبل جمعيات الأحياء و بعض المتطوعين، شوهت الذوق العام و خلقت نمطا جديدا لا يحتكم لمعايير الإبداع و لا تحترم معايير الهندسة ولا خصائص المسجد كمؤسسة حضارية تعد جزءا من الهوية الوطنية و تعبيرا على انتماء ثقافي.
إعداد: نور الهدى طابي