أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
انتعشت خلال السنوات الأخيرة تجارة قطع الغيار بمدينة عين مليلة ،ما حوّلها إلى قطب تجاري وجعلها تحتل المرتبة الخامسة وطنيا في مجال استيراد قطع غيار المركبات بمختلف الأوزان، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في امتصاص البطالة عبر البلديات الغربية لولاية أم البواقي، لكنه انعكس في المقابل سلبا على أسعار العقار بالمدينة، التي ارتفع سعر المتر المربع الواحد فيها بشكل جنوني.
ومن جهة أخرى لم تسمح الأموال المحصلة لصالح الجماعات المحلية في إطار الضرائب والتي قاربت 50 مليار سنتيم سنويا، من إخراج المدينة من بؤسها في غياب مرافق ترفيهية ومدن للألعاب وانعدام التهيئة في عديد الأحياء بأحد أكبر قطب تجاري بمدن ولايات الشرق، وفي المقابل استثمر عدد من التجار في هذا الازدهار وباتوا يمارسون نشاطات غير قانونية بتهربهم الضريبي وبيعهم قطع غيار مهربة.
تشير أرقام رسمية إلى أن مدينة عين مليلة تحتضن اليوم 6474 تاجر، بينهم 734 تاجر في المجال الصناعي و48 تاجرا في ميدان الحرف، و515 تاجر بالجملة و572 تاجر في مجال الاستيراد و2752 تاجر بالتجزئة، و1853 تاجر في مجال الخدمات، ويكشف مصدر مسؤول بالمديرية الولائية للتجارة بأم البواقي بأن التعداد الأخير للتجار المقيدين بمصلحة السجل التجاري، قدر عددهم بنحو 281 مستورد لقطاع الغيار، بينهم ما نسبته 30 بالمائة من المستوردين انسحبوا من ممارسة النشاط لعدة اعتبارات، من بينها عدم قدرتهم على مواكبة الشروط المفروضة من حين لآخر على ممارسة هذا النشاط، على غرار رفع رأس المال وفرض التصريحات الجبائية الدورية وعدم إيداع بعضهم للحسابات الاجتماعية.
و في المجال نفسه تم إحصاء 18 تاجرا بالجملة لقطع الغيار يملكون سجلات تجارية معنوية و153 تاجرا يملكون سجلات طبيعية، وفي تجارة التجزئة تم إحصاء 18 تاجرا يحوزون سجلات تجارية معنوية و673 تاجرا سجلاتهم التجارية طبيعية.
ويشير محدثنا بأنه ومن ناحية الممارسات التجارية تم تسجيل شفافية ونزاهة لعدد كبير من المستوردين الذين يقومون بالتصريحات الجبائية وبإيداع حساباتهم الاجتماعية، على خلاف ما كانوا عليه في السابق ،أين يقدمون عناوين وهمية في سجلاتهم التجارية ويتعاملون بوسم غير مطابق ولا يتعاملون بالفواتير، فنسبة المخالفين في قطاع الاستيراد بالمدينة انخفضت ما بين سنوات 2000 وحتى 2014 من 275 بالمائة إلى 24 بالمائة.
يكشف مصدرنا من داخل مديرية التجارة، بأن المشتغلين في قطع الغيار ، توجهوا تدريجيا اليوم من الاستيراد إلى التصنيع محليا، ففي الوقت الذي تنوعت فيه مصادر التموين بين فرنسية وتركية وبولونية وآسيوية، توحي المؤشرات الأولية بأن التجار والمستوردين توجه عدد منهم تلقائيا للتصنيع المحلي لقطع الغيار، أين تحتضن المنطقة الصناعية بطريق عين كرشة مصنعين للبطاريات ، ومصنع للمصافي بكل الأنواع والأحجام وآخر لملحقات السيارات، في انتظار أن تمنح اعتمادات لمصانع أخرى وكذا إنشاء مؤسسات صناعية جديدة بالحظيرة الصناعية الجديدة التي تتربع على مساحة 400 هكتار، والتي تم اقتراح إنشائها في إطار توفير العقار الصناعي. بناء على اجتماعات اللجنة الولائية للمساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمارات، كما تم تسجيل مشروع مركزي لتهيئة المنطقة الصناعية الحالية.
اصطدمنا خلال نزولنا الميداني لمعاينة واقع تجارة قطع الغيار بعين مليلة بحقيقة مرة، هي أن عشرات التجار رفضوا الحديث إلينا أو السماح لنا بالتقاط صور لمحالهم التجارية، وبينت جهات موثوقة للنصر بأن أغلبهم يمارس نشاطه بطريقة غير قانونية، فهم إما لا يحوزون على سجل تجاري أو يتهربون من الضرائب، وبات الحديث مع التجار في مجالات معينة ضربا من الخيال، حتى أننا ومنذ ولوجنا لمباني تعاونية النهضة التي انتعشت فيها تجارة قطع الغيار المستعملة والأعين تلاحقنا، وبيّن لنا مرافقنا بأن التجار ظنوا بأننا ننتمي لجهاز رقابي، لنكتشف في الأخير عند محاولاتنا التقاط صورة لجانب من البضائع المعروضة، بأن سجلات أصحاب المحال التجارية تحدد نوعية البضائع المعروضة ،غير أن التجار يعرضون بضائع محظورة، والتي نص على حظرها قانون المالية لسنة 2007 في مادته 64 والتي تمنع لغرض تجاري استيراد قطع الغيار المستعملة وأجزاء ولواحق السيارات والآليات الواردة في الفصول المحددة بين 84 و89 من التعريفة الجمركية.
وتضمنت المادة نفسها، بأن أي مخالفة لهذه الأحكام تترتب عليها مصادرة البضائع محل النزاع ووسيلة النقل، واستوجبت المادة إتلاف قطع الغيار المصادرة وفقا للإجراءات التنظيمية على أن تصادر وسيلة النقل لفائدة الدولة والجماعات الإقليمية.
تجارة قطع الغيار بالمدينة التي امتصت البطالة ببلديات أولاد قاسم وعين مليلة وسوق نعمان كونها استحدثت مناصب شغل كثيرة، فتحت من جانب آخر شهية عصابات إجرامية تنشط في مجالات مختلفة، فالمحلات التي تبيع قطع الغيار المستعملة تحجز في كل مرة على مستواها قطع غيار لمركبات مسروقة ومفككة، إضافة إلى عرضها لمحركات مهربة من الأراضي التونسية، فأرقام عناصر الدرك تكشف عن معالجة قضيتين خلال السنة الماضية تم فيهما حجز 25 محركا مهربا بعد توقيف 4 أشخاص، إضافة إلى حجز درك الحرملية لـ6 محركات على متن مركبتين خلال اليومين الماضيين.
كما عالجت مفتشية أقسام الجمارك هي الأخرى، قضيتين تم في الأولى توقيف سيارة سياحية محملة بما قيمته 5 ملايين سنتيم من ضواغط السيارات الخفيفة وفي الثانية تم توقيف مركبة اتضح بأنها محملة بـ6 محركات.
تكشف الجولة الميدانية التي قادتنا لمعاينة انعكاسات انتعاش تجارة قطع الغيار على مدينة عين مليلة إلى تحول الأخيرة لمحج للسائقين وأصحاب المركبات من مختلف أرجاء الوطن، أين وقفنا على مركبات تحمل لوحات ترقيم لولايات شرقية ووسطى على غرار العاصمة وسكيكدة وعنابة وقسنطينة وغيرها.
وبحسب ما يتحدث عنه سكان المدينة فعين مليلة اليوم تعرف إقبالا لسكان كل ولايات الوطن، وهو ما جعل طرقاتها مزدحمة وأدى إلى اختناق مروري خاصة في الأحياء المخصصة لتجارة قطع الغيار على غرار حيي أول نوفمبر 1و2 المخصصين لتجارة الجملة لقطع الغيار الآسيوية والأوروبية، وتعاونية النهضة المخصصة لقطع الغيار المستعملة وطريق الجزائر للواحق السيارات وقطع الغيار الآسيوية وطريق الوزن الثقيل للعجلات المطاطية وقطع غيار الشاحنات.
ومن بين الانعكاسات السلبية لهذا الازدهار الظاهري هو تغير نمط الاستهلاك ومستوى المعيشة والتي باتت لا تخدم مطلقا المواطنين من ذوي الدخل المحدود، الذين راحوا ضحايا لانتعاش التجارة بمدينتهم، بالإضافة إلى مشكل الارتفاع الفاحش في أسعار العقار والسكنات فسعر المتربع المربع الواحد بات بين 10 إلى 12 مليون سنتيم وتحدث بعض السكان عن سكنات بيعت بأسعار خيالية تجاوزت 5 مليار سنتيم.
لكن بالمقابل هناك الانعكاسات الإيجابية التي شملت انتعاش قطاع الخدمات، مثل المطاعم المنتشرة بالمدينة بفعل الإقبال القياسي للزبائن من ولايات مختلفة ومعها انتعاش حظائر ركن المركبات وحركية في الفنادق، وغيرها من المحلات ذات الصلة بين مقاهي وحتى أكشاك بيع التبغ ،وتبقى الثروة الحقيقية هي خلق مناصب شغل بين مؤقتة ودائمة.
من جهة أخرى أدى تحول عين مليلة إلى قطب لتجارة قطع الغيار، إلى اندماج متعاملين من عدة ولايات مجاورة على غرار باتنة وقسنطينة ووهران والمسيلة وبرج بوعريريج والعلمة وبجاية، وهم الذين اضطروا لفتح محلات بعين مليلة خوفا من كساد تجارتهم إذا بقوا في مدنهم الأصلية.
نددت جمعية التجار الوحيدة المعتمدة بالمدينة بالمشكل الحاصل في تعاملهم مع مصالح الضرائب، وحسب رئيس الجمعية عزيز بولكور ونائبه بن عبيد حمو وأمين المال سيغة عبد الغني فمديرية الضرائب بالولاية باتت تطالبهم بإعادة تقييم أرباحهم، فكل 4 سنوات تفرض على التجار نسبة أرباح معينة على خلاف ما صرحوا به، الأمر الذي يجعلهم يقدمون طعونا ويدخلون في مفاوضات كون الأسعار حرة، مجمعين على أن قيمة الضرائب التي يدفعونها في بعض الأحيان تتجاوز الأرباح التي يحصلونها سنويا.
وبحسب المتحدثين أنفسهم ،فالقانون الجديد الخاص بالغرامات الجزافية، يسمح للتجار المصرحين برقم أعمال أقل من 3 ملايير سنتيم بالتعامل مع الزبائن دون فواتير، على أن تسلط عليه غرامة جزافية بنسبة 5 بالمائة، وهو ما أدى بالزبائن أنفسهم للتعامل بالفواتير ما جعل تجارة معينة تنتعش على حساب المستوردين وتجار الجملة.
ومن بين المشاكل التي طرحتها الجمعية قضية تهرب عديد التجار من الضرائب باستئجار سجلاتهم التجارية وعدم تصريحهم بالقيمة الحقيقية لأرباحهم وهم “تجار خارجون عن القانون”، و تسببوا في إلحاق الضرر بالتجار العاملين في جو صاف خال من الشوائب ومن دون تهرب من جميع المصالح.
وطرح بعض من تحدثوا إلينا مشاكل وصفوها بالعراقيل البيروقراطية، خاصة على مستوى الموانئ أين يتم التأخر في منح الموافقة على نقل الحاويات، وفي المقابل تسلط غرامات التأخير هي عبارة عن مصاريف الأرضية والحاويات، وقالوا أن ذلك التأخر يتسبب في تلف بضائع في عديد المرات، إضافة إلى أن بضائع تستقدم من أوروبا في إطار التبادل التجاري الحر تطول مدة إعفائها جمركيا بسبب وثيقة تحرر من مصالح الجمارك.
و طالب عدد من المستوردين من أعضاء الجمعية السلطات الولائية بتسهيل منحهم عقارات لاستثمار أموالهم في تشييد مصانع، وحسبهم فالرد الجاهز يكون بأن العقار غير متوفر، و لكنهم حين انطلاقهم في استغلال أموالهم يقابلون باستفسارات عن مصدر أموالهم.
من جهة أخرى وفي سياق ذي صلة، نؤكد بأن اتصالاتنا بالمدير الولائي للضرائب تعذرت لدخوله في اجتماعات منذ الخميس المنقضي وذلك لنقل رده على انشغالات أعضاء الجمعية.
تكشف الأرقام التي بحوزتنا بأن بلدية عين مليلة تستفيد سنويا من مبلغ مالي يقارب 50 مليار سنتيم ناتج عن تحصيل مصالح الضرائب للضريبة من التجار، غير أن المبلغ الذي يتضاعف بزيادة مداخيل أخرى للبلدية على غرار عائدات السوق الأسبوعي وغيرها من العائدات المالية، لم يعد بالإيجاب على المحيط الحضري بالمدينة، التي تعاني عبر أغلب الأحياء والتجمعات السكانية من غياب للتهيئة وانتشار للأوحال والحفر، وعجزت البلدية عن ترقيع عدد من الحفر سواء المنتشرة على شطر طريق الوزن الثقيل الرابط بالطريق الوطني رقم 100 أو في تركيب مصابيح بأعمدة الإنارة التي أدخلت أحياء في ظلمات.
وتكشف جمعية التجار بأنه وبالرغم من حرص التجار على دفع الضريبة، غير أن المدينة تعرف غيابا تاما لمرافق الترفيه والتسلية ،إضافة إلى غياب مساحات خضراء، و قدموا ما وصفوه بأحسن مثال على غياب التهيئة ،ويتعلق الأمر بالطريق الشرقي باتجاه عين كرشة أين تنتشر تجارة المواد الغذائية بالجملة وسط البرك والأوحال.
و عكس ذلك تحدث مصدر من داخل البلدية عن رصد مبالغ مالية معتبرة لتهيئة عديد الأحياء على غرار حي النور ومرجة بخة، ورصد مبالغ أخرى لمشروع ترميم 37 مدرسة ابتدائية على مدار سنتين، أين مس البرنامج في شطره الأولي 12 مدرسة أعيد ترميمها، وبين المتحدث ذاته بأن التجار لا يشاركون في الحملات التي تبادر بها البلدية لرفع النفايات والأوساخ وهم لا يبادرون حتى للاتصال بمصالح البلدية.